كذب السياسيون ولو صدقوا

د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي

التقيت صدفةً بأحد زعماء السياسيين والمعروف بنضاله وشعاراته الرنانة خلال رحلتي إلى خارج البلاد وكم كنت متفاجئاً ومتعجباً كيف يعيش حياته الطبيعية الشبه سرية وكيف يعيش حياته السياسية بين مناصريه ومحبيه والمؤيدين لأفكاره النضالية .. حتى راودتني الحشرية لأسأله عن خطاباته التحريرية المناضلة وكيف يطلقها أمام المواطنين فكان الجواب منه : أُخدّر هذا الشعب بكلامي متوجهاً لهم عن الديمقراطية والحرية والنضال والدين والتحرير وكل ما يلزمهم أو ما هم مستعدون لسماعه فهم متعطشون لسماع هذا الكلام .. فلو لم أقله لهم سيأتي غيري ويسرق نضالي منهم، وأخسر كل هذه السنين التي حاربت من أجلها ..والأهم أنّه أخبرني بهذه الجلسة عن غيره من الزعماء المنافسين لمشروعه السياسي ونضالهم الكاذب وهو مفتخر وبوجه ضاحك وكلّمني عن أعدائه في السياسة وكيف تربطه بهم علاقات صداقة واحترام وكله في سبيل هذا الشعب الذي يتخدّر بأقوالهم الكاذبة..
تحضر في ذهني الصورة النمطية عن السياسيين المراوغين والمحتالين، وكيف استطاعوا خداع الشعوب لعقودٍ من الزمن، عن طريق حياكة الأكاذيب وذرّ الرماد في العيون، ومزاعمهم التي تدّعي المثالية، لكنها في حقيقة الأمر مجرد أقنعة مزيفة، ثمّ اكتشفت الشعوب المغلوبة على أمرها فجأة! أنها كانت فريسة لسياسيين مصابين بـ”متلازمة الاحتيال”، لكن بعد فوات الأوان.
على أية حال، لا يشكّل الكذب في أروقة السياسة أمرًا جديدًا منذ جملة ميكافيلي الشهيرة “أكذب، أكذب حتى يصدقك الناس”.
لذلك يحترف السياسيون الكذب، حتى أنهم يكذبون دون أن يرفّ لهم جفن، وبعضهم اعترف علنًا بقوله “نكذب عليهم ويكذبون علينا” في إشارة إلى علاقة بلاده مع دول أخرى..
للأسف هذه هي حال أغلب الزعماء وليس فقط في لبنان ..

شاهد أيضاً

إردوغان والأسد إن التقيا “قريباً”.. في بغداد أم أبو ظبي؟

  توفيق شومان تبدو المساعي العربية والإيرانية والروسية في سباق غير معهود لإنتاج تسوية سورية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *