الإسلام النبوي الكريم هو اليوم في غربة عن المسلمين

د.جميل العلي

يظن بعض الأخوة الكرام أننا عندما نرفض النسخة الشائعة والمتداولة من الإسلام (الموروث بركامه وفقهياته الوضعية) أننا نستهين طرفة عين بالإسلام النبوي المحمدي بصورته الإشراقية الإيمانية التي تعلي من شان الإنسان وتتجه اليه كغاية الوجود والقيمة الكلية له .
إن النص المقدس (دستور الإسلام بطبعته الأصلية) هو أرقى واسمى وأجل مما انتابه من تاويل وتفسير واجتهادات وفقهيات وضعها بشر على قدر افهامهم وعلومهم ومعطيات عصورهم ، فأصاب من اصاب وجنح من جنح ، وشطح وغالى وانحرف من انحرف وشطح ، فوصل الى العامة والدهماء إسلام مبعثر متناقض معبأ بفقهيات ومرويات مفخخه قد تخرج نبي الإسلام عن اسلامه لوبعث اليوم بيننا .
هذا الإسلام الذي درسه المستشرقون واكتشفوا مافيه من شروخ وتناقضات تم امتطاؤه وأتباعه من قبل الغرب وأجهزة مخابراته لصناعة كل أشكال العصيان والإرهاب وتفكيك العالم الإسلامي والعربي خاصة ، وذخره بالدعاة والمنابر ونشر له الجوامع في كل اصقاع المعمورة حتى في قلب العواصم الاوربية ، ضمن تخطيط متقن واستراتيجية تقوم على مبدأ اساسي هو : “أجعل عدوك يقتل نفسه بنفسه”
اليوم الإسلام النبوي الكريم هو في غربة عن المسلمين الذين يؤدون عباداتهم بطوطمية تنعكس على سلوكهم الفردي والإجتماعي بإنفصام شبه كامل بين الدين كقيم وأخلاق وإيثار وتعاضد وشرف ونزاهة وبين مانلمسه ويصدمنا به الواقع في المجتمعات الإسلاميه من تكفير واستقواء بالعدو وفساد وتخريب للاوطان وفقر وعوز وتخلف
أذكر أن الفيلسوف الكبير روجيه غارودي في كتابه الشهير “الماركسية والإسلام” قال في مقدمة كتابه : أن الجزائري يستطيع بناء الإشتراكية(بمفهومها عدالة توزيع العمل والثروة) من خلال تعاليم الإسلام مستندا الى فكر الفيلسوف ابن رشد ومواقف أبي ذر الغفاري من السلطة وتجربة الحكم زمن النبي محمد .
وهنا أضم صوتي وتوجهي الى مانادى به عدد من المفكرين المسلمين العرب في محاولاتهم احياء الإسلام الأصيل اسلام العدل والحق والحرية والكرامة الإنسانية كما نادى بها المفكرين النهضوين الحداثويين أمثال الكواكبي والأفغاني وطه حسين ومحمد اركون والجابري وعلي شريعتي وغيرهم
اختم بعبارة قالها ابن رشد منذ مئات السنين :” الله لايمكن أن يعطينا عقولا ويعطينا شرائع مخالفة لها “

شاهد أيضاً

الإدمان على الإنترنت والهواتف الذكية

  نجم الإدمان على الهواتف الذكية، أو ما يُعرَف بـ “النوموفوبيا” (nomophobia) أو “رهاب الابتعاد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *