ثورة بلا قائد هل تنجح؟

د.ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي

فشلت الفورة التي اعتبرها البعض ثورة وأهم أسباب فشلها كان عدم تهيئة البديل لما بعد الثورة، فغالبية الثورات رؤيتها تقف عند إسقاط النظام، وبعد سقوطه تطفو على السطح رؤى ومطامع كثيرة لم يتم التوافق على مشاركتها، ومناقشة ما عدا ذلك قبل سقوط النظام وما زال بعضهم مُصرّين أن يسموا أنفسهم بالثوار نسبةً لكلمة الثورة، ولم أفهم لماذا لغاية اليوم هذا الإصرار رغم فشل الفورة وقمعها ..
ألسبب الرئيسي وهو الذي لم يستوعبه “الفوار “لغاية اليوم وعدم نجاحهم كون فورتهم كانت بلا قيادة وبلا رأس فاختلط الحابل بالنابل، وكثرة المنصات “البلا طعمة ” وكثر القادة وأصبح كل من لديه فكرة أو مشروع وإن كان غير مدروس أو مكتمل لاستلام البلد عرضها في المنصات و اعتبر نفسه “شيغيفارا ” عصره والوطن لا يُنقَذ إلا من خلاله أو من خلال أفكاره النيّرة وهذا أكبر دليل على الفشل..
تذكروا أيها “القادة ” ألسفينة لا ترسو عند بر الأمان إلا حين يقودها قبطان واحد .. حتى أصغر الآليات كالسيارة مثلاً وأي فريق رياضي بلا قبطان يفشل حتماً وأي جمعية بلا قيادة فهي فاشلة وحتى البيت عندما يكون بلا رأس يفشل حتماً ..
ألثورة لم تنجح بالرقص أو بالشعر أو بالطَّرق على “الدرابزين” أو بحشو الكبة وبالدبكة والتخييم وسهر الليل والغناء والألعاب البهلوانية ولا بالمواجهات الفاشلة ..
ألثورة ليست مكبّر صوت يقدمه أحد الأشخاص أو مجموعة من المنصات ويصبح القول لهم ..
قليلة جداً هي الثورات الناجحة في التاريخ، فقد انتهى معظمها إلى الفشل، وكثيرًا ما كان الفشل ذريعًا ومدويًا.
إننا لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا الثورات الناجحة حالة نادرة في تاريخ الثورات السياسية، فلا شكّ في ذلك.
الذي لا يعرف ما معنى كلمة الثورة سأختصرها له عسى أن يستوعب ما أكتبه له ليصحو من الحلم ،
ألثورة كمصطلح سياسي هي أن نخرج عن الوضع الراهن وتغييره باندفاع يحركه عدم الرضا أو التطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب.
يريد البعض أن يثور لكنه لا يثور على الدستور ويعتبره منزلاً والمضحك أنه يحتمي ويتمسّك به ، فإذا كان الدستور حسب ذوقه فلماذا يريد أن يثور وعلى من؟ ألم يعلم أنّ دستوره هو الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه؟
فما لم يتم التغيير الكامل من دستور لآخر أو التعديل على الدستور الموجود وعرضه على الاستفتاء الشعبي لمشاركة الشعب بتقرير مصيره فلا يوجد شيء اسمه ثورة ..
ألثورة هي تغيير جذري في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية خارج البنية الدستورية للدولة سواء كانت سلمية أو عنيفة، وقد تشترك مع بعض المفاهيم كالانقلاب والانتفاضة ومقاومة الطغيان والإصلاح غير أنها تتميز عنها بالآثار التي تتركها في حياة الأفراد والمجتمع والدولة ومؤسساتها ونظامها القانوني. ويترتب على قيام الثورة ونجاحها عدة نتائج قانونية مهمة، أولاً إسقاط الدستور تلقائيًا وبأمرٍ من الثوار.
كما تتشكل حكومة واقعية لتسيير شؤون الدولة وتجنب الفراغ المؤسساتي.
إذا كنت تؤمن أن تعيش في وطن مستقل دون التدخل لأي قوى سياسية خارجية في شؤون وطنك عندها تعرف أنك بدأت بالثورة وستنجح في مهمتك وتنقذ وطنك .. لا بالألعاب البهلوانية ولا بالمواجهات الفاشلة ..
الثورة هي ان تثور على كل الاحزاب دون أن تستثني أحدًا.
الثورة ليست لتصحيح الأجور لفئة من الناس، الثورة هي لإنقاذ الشعب من المافيا الحاكمة.
عسى أن تكون ثورتكم القادمة ثورة حقيقية لا فورة مؤقتة.

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *