تساؤلات حول أحداث غزة (٢)

 

بداية ما حدث يوم ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ من حماس والفصائل المقاومة الأخرى ضد اسرائيل وما أستتبع ذلك من تدمير وتخريب وسحق غير مسبوق لقطاع غزة، لايجب أن يقاس بحجم الخسائر والمكاسب بين الطرفين بذات النسب وبنفس المقياس، وذلك لأسباب من أهمها أن المقاومة كانت فى مواجهة دولة تساندها أكبر قوى عالمية سياسية وعسكرية.

كما أن المواجهات التى تتم بين المقاوم والمحتل لابد فيها من دفع الثمن الغالى من دماء الشهداء، ولذا وفى مقابل ثمن الدماء الفلسطينية الغالية الثمن، كانت أهم المكاسب هى إعادة القضية إلى الرأى العام العربى والعالمي بعد غيبة نتيجة لسيطرة أوهام السلام على العرب مع عدو لإبقاء له ولا وجود حتى فى مسمى السلام، هذه الأوهام جعلت هناك طريق لعقد صفقات سياسية تحت مسمى التطبيع بادعاء أن هذه الصفقات ستكون طريقا لحل القضية ولإيجاد السلام، وكان ذلك لصالح دولة الاحتلال ومن هم وراءها وليس العكس.

هنا تحولت القضية من قضية كل العرب إلى قضية فلسطينية (لفصائل متعددة الاتجاهات ومتباينة المصالح) خاصة بعد أوسلو ١٩٩٣، فكانت الانتفاضات الجماهيرية التى ابتدعها اطفال الحجارة، ثم المواجهات المسلحة التى مارستها الفصائل المقاومة بعد وصول حماس للسلطة فى غزة ٢٠٠٧ بعد تجذر التفتت والتشرذم بين حماس وفتح.

وتحول الأمر إلى مواجهات مسلحة كل عدة سنوات ويتم وقف القتال فيها بعد أن يدفع المواطن الفلسطينى الثمن فى الوقت التى تمارس فيه دولة الاحتلال الاستحواذ على مزيد من الأراضى وكثير من القتل والتدمير والاعتقال، وكل هذا يتم على أرضية شعاراتية (عند اللزوم) تطالب بتطبيق قرار حل الدولتين. هنا وفى هذا الإطار وبعد تلك الأحداث وبعد هذه الهدنة بل بعد وقف القتال الذى سيتم قريبا أو بعيدا ماذا سيكون الأمر؟ وما هى خطط المواجهة وما هى سبل الاستغلال الأمثل لتلك الفورة الإنسانية التى اجتاحت العالم بأسرة رفضا لتلك الممارسات غير الإنسانية ضد شعب أعزل؟

اعتقد ان من سيقومون بإعادة المفاوضات الماراثونية مرة أخرى لأى حل، بمشاركة بعض الدول العربية يعلمون أنه لن يكون هناك وجود لحماس رسميا (بالرغم من وجودها كفكرة للمقاومة تحت أي اسم) . هنا من سيكون البديل فى غزة؟ مع العلم أن هناك صراعا سياسيا معلنا بين أغلبية فى غزة وبين السلطة الفلسطينية التى يعتبرها البعض أنها البديل؟ هل ستقبل الفصائل المسلحة الرافضة لوجود اسرائيل (فلسطين من النهر إلى البحر) وعقد صفقات معها؟ ماهو موقف الدول العربية التى لا زالت وستظل مؤمنة بالارتباط المصلحى مع إسرائيل إرضاء لأمريكا؟ وبعد التضامن العالمى مع الأحداث على أرضية إنسانية هل ستظل الفصائل الإسلامية فى تديين القضية؟ وهل هذا التديين كان أو سيكون فى صالح القضية خاصة أن وضع القضية فى إطار المواجهة الدينية بين أصولية إسلامية وبين أصولية يهودية (مسنودة بأصولية مسيحية تم التغرير بها باسم أساطير توراتية) كان فى صالح الاحتلال؟ وهل التديين من جانب اسرائيل يبرر التديين من جانب من يؤسلمون القضية فيخسرون التضامن العالمى تحت الادعاءات الكاذبة بربط الاسلام بالإرهاب؟

لاستثمار نتائج ماحدث وبعد دفع هذا الثمن الغالي، لابد من إعادة التعريفات ودراسة الواقع دراسة موضوعية وتقليل الشعارات التى لا نرفضها فى إطار الحرب النفسية المضادة ولكن لايجب أن تكون هى كل الفعل، لابد من إعادة اللحمة الفلسطينية وهى الأهم قبل أي اعتبار اخر . لابد من التحضير الموضوعى والمدروس لمواجهة الادعاءات والأكاذيب الاسرائيلية التى ستطرحها لتعويق أى أمل فى إقامة الدولة الفلسطينية، خاصة أن القرار العالمي والدولي لإقامة الدولة الفلسطينية لايرى النور فى ظل ذلك الواقع الذى تحدثنا عنه. فهل تعرفنا بموضوعية على الدور المصرى وارتباطه بالقضية ارتباطا موضوعيا بلا شعارات؟

حفظ الله مصر وشعبها العظيم.

شاهد أيضاً

أنواع الرجال ثلاثة مع المرأة ذات الفكر والشخصية وصاحبة الأثر والكلمة

🌹موقع مجلة كواليس إعداد زهراء 🌹 الأول إما أن يكون رجلا ضعيفا يعيش فى كنفها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *