سيكولوجية الإنسان وقصة مساءٍ ثانٍ

سهيل عثمان سهيل

قال لأصحابه الكرام وهو يشير إلى الباب
(يدخل عليكم من هذا الباب رجلٌ من اهل الجنة)
_حديث شريف للنبي محمد عليه افضل الصلاة والسلام._

فدخل الرجل الغريب بالنسبة إلينا نحن بقايا أمة خاتم الأنبياء والمرسلين. وصلَّى ذلك الرجل ركعتين وذهب.. ثم مرة ثانية وثالثة يكرر عليهم حديثه بالإشارة إلى الباب فخرج نفس الرجل الغريب ، بعد ذلك قام عبدالله بن عمرو ليتبعه بالخفاء حتى قبل الوصول إلى باب منزله فأحسه بوجوده وابتكر طريقته الخاصة وربما فلسفة الحاجة لإدراك ماهية الحقيقة ووافق الرجل ليبيت عنده ثلاث ليالٍ فيراه يصلي صلاته وصيامه مثله مثل الناس العادين.. لكن ما قصة هذا الرجل ؟

فقال له بن عمرو: أسألك بالله يا عم؛ بِمَّ استحققت دخول الجنة؟ فقد أخبرنا النبي (ص) أنك من أهل الجنة ؟
ليقول له يا أحبتي الكرام : انا ليس بكثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، لكني وقسماً بالله العظيم ما نمت ليلةً من الليالي وفي صدري غلًا أو كرهًا أو حسدًا على أحد.

انتهت الاقصوصة.

لكن قصتنا لم تنتهِ بعد بصفتنا أهل الشيء الثالث…..
ولا زلنا غرباء عن الجحيم!!
قريبين من أهل الجنة.. لكن كُلٍّ منا أسيرًا في متاهة أحداث يومه ولا يدري ذاك الرجل أو تلك المرأة ما سبب اكتفاءنا بمقولات من يطلقون الأحكام على الآخرين من وراء ظهورهم ويُكبل البعض منا أيادينا لأي حدث مضى كالنقد الأدبي والثقافي ويحوله إلى ما يشير إليه مصطلح (الأنا) بينما لو تعرف أحدهم على أساسيات نقد الشيء وليس الشخص سوف يفهم ما مدى ذنبه باكتفائه بمن يشخصن الأشياء التي لم تستحق اهتمامنا ولهذا فإن عدم البحث عن الصواب يؤدي بالإنسان إلى أن يكون إمعة ..

إذ إن ليلتا الأمس واليوم تسأل أحدًا منا كأصدقاء وغرباء بصفة الجمع: هل أدركتم كم نحن بحاجة إلى معرفة ومعايشة الحقيقة ؟
فما أحوجنا أحبتي الكرام إلى التسامح والعفو واستغلال علاقاتنا وأن نتبين المقصود من القصد والقصد من المقصود ونقرأ نقرأ نقرأ حتى نفهم ونُبدع معًا ونحاول تحسين قدراتنا وتوظيف العلاقات الإنسانية والأدبية والثقافية والسياسية بما يؤهلنا لإزالة أتربة المشاحنات وتصفية النفوس من الكراهية والحسد والأحقاد لتتآلف القلوب وتمتزج الأفكار الرئيسية ونقدر معنى تواجدنا فوق هذه اليابسة وهذا الزمان وهذا المكان .. أو بالأحرى هذه النافذة الافتراضية التي وجدتمونا فيها غرباء وهذا كمثال أشبه بصاروخ فلسفي قريب المدى حرف جرف..
ولهذا متى ستؤدي القسم لله لتعيش حياة جديدة تملؤها السعادة فسعادة الإنسان (العفو عند المقدرة) و (عند) لها فلسفة عامة وعدم التكلم في الناس لتبرز عضلاتك أمام أحدهم ليست بفلسفة خاصة بأي إنسان ..
وإذا عشت من الآن على حب ونشر التسامح سوف تستفيد انت اكثر من حسن ظني بما سيفيد الإنسان الآخر ..
أبدا وجرب وفكر لتبدأ جيدًا ولا تشخصن وجودي أو سبب غيابي.. او بالأحرى لا تشخص (وجود شخص وغياب إنسان عابر اسمه سهيل) ولا تفكر فيه ونضيره الإنسان الآخر بداخلك وعدم التفكير فيه وعدم لومك له واستيعاب رغبة الإنتقام منه هو انتصارًا لك ولشخصيتك.

فالحياة قصيرة يا أحبتي .. إنها أقصر من عُمر إضافة الضمة للعين..
فمتى تدمع عينك على فراق شخص عزيز غادر هذه الحياة وهناك الكثير ممن لم تمنحه من وقتك ما يعينك على أن تنام دقيقة لا يدفعك فيها الشك أنك ومن خلال مسؤولياتك قد أخليت وجوده؟

باختصار يا معشر العرب :
لا يُمكنكم رؤية القيمة الذاتية والحرّية الإنسانية والأشياء المضافة في ثقافة الإنسان ونمو الأدب والأخلاق والمبادئ في محيط مجتمعه الممتد إلى كل مجتمعات محيطكم حتى نؤمن أن الإنسان حر ولا يمكننا منعه من انتقاد الأشياء السلبية الظاهرية لأن لنا في الباطن العقل البشري رؤيا وأهداف تجدد كل ما هو مزبف وقديم وغير مفيد… ولنعتبر ونعترف بحقيقة أن الإنسان الأول حر منذ ولدته أمه متجاوزاً سن المراهقة بتربية حسنة أو دون ذلك .. المهم أن الإنسان الثاني لا يستمد ما يجب فعله وما يجب تركه من خالق الكون مثلما يفعل الذي أطلقنا عليه بالإنسان الأول ذو تربية حسنة فليفعل ما يأمره ربك ونقتدي بالصالحين .. حتى انت مثله ستستمد طاقة التوجيه ممن جعل الاختلاف قيمة لمعرفة أهل الجنة وأهل الجحيم ..
أما الشيء الثالث فهو ما نفعله دون وعي ونسير إلى المجهول وأهل هذا التيار كُثر ويجب نسيان الإساءة وهي صعبة عند الكثيرين لكن يمكننا التدرب على فعل مكارم الأخلاق وقول الحقيقة دون خوف وانتقاد الشيء الخطأ مع طرح المعالجة ولا نلوم الشخص المخطئ بل نعيه الصواب ونفتح آفاق التحاور الفكري بين الناس دون التوقف والتقيد بردود فعل الأنا الذاتية ولا تجعل نفسك أمام ما يقصده الآخرين تجاه اشياء واضحة وبطرق أدبية وثقافة عالية يجب أن نتعمق لفهم سيكولوجية الإنسان ونعرف الفرق بينه وبين الحيوانات التي لا تمتلك 0.0٪ من قدرات عقلك كإنسان.

فلسفة خاصة 15/11
سهيل عثمان سهيل

شاهد أيضاً

د. ماهر سليم عضواً في مجلس أمناء الشبكة العربية للإبداع والابتكار

أعلنت الشبكة العربية للإبداع والإبتكار عن تعيين الأستاذ الدكتور ماهر سليم عضواً في مجلس أمناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *