من منّا لا يريد السلام؟

د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي

شهر ونصف تقريبًا على هذه الحرب وما زالت إسرائيل مُصرّة على توسيع جريمتها بالإبادة الجماعية، التي مارستها على هذا القطاع وقبل الأحداث التي اندلعت عقب عملية كتائب عز الدين القسّام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”) ولا تزال فصول جريمة الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل مستمرة بغطاء من أنظمة الحكم في الدول الغربية والأوروبية التي أسست الكيان الإسرائيلي، في تصرّف يجعل الدول التي تغطي تلك الجريمة شريكة فيها، ويقتضي القانون الدولي بمحاكمتها مع إسرائيل المرتكبة المباشرة لجريمة الإبادة الجماعية بما ترتب عنها من خسائر بشرية مريعة..دون التوصل إلى حل..
إذاً ماذا ننتظر؟ إبادة شعب بكامله أم مؤتمرات لا نتائج إيجابية لها ولا تُقدّم ولا تؤخّر ..
بنظري اعتماد الدبلوماسية لوقف الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة «حماس» هو الحل ، ومنع التمدد إلى الجبهة الشمالية مع لبنان ، فالفرصة ما زالت مؤاتية لتغليب الحلول الدبلوماسية على الحلول العسكرية التي تضع المنطقة برمتها على شفير الهاوية.
إنّ السباق على أشُدِّه اليوم بين تغليب التسوية السياسية على الجنوح نحو الحرب.
حزب الله الذي يقف حالياً أمام مجموعة من الخيارات، والعمل الجيد لأمينه العام الذي لم يعلن الحرب أو العمل العسكري كردة فعل على القصف الاسرائيلي لبعض المناطق اللبنانية ..
آمل أن ينتصر العقل في نهاية المطاف.. ولا يزال من الممكن المضي قدماً بشكل متعقل للتوصل إلى حل وبعدم دفعنا إلى القرار النهائي الذي سيكون التدخل العسكري.
ألخيار العسكري لا يمكن القيام به إلا عندما تكون كل السبل قد استنفدت.
صدّقوني إنّ الحل الدبلوماسي لا يزال ممكناً.
مجموعة من العوامل ستفرض تغييرات في السياسات الغربية على ضوء حرب غزة، منها بروز “شارعاً عربياً مؤثرا” في عمق الدول الغربية، وكذلك اتجاه التيارات التقدمية في أوروبا نحو مزيد من التشدد حيال إسرائيل بشكلٍ لم يكن موجودًا قبل عقد أو اثنين.
ألحرب لم تكن في حدّ ذاتها هدفاً، ولكنها كانت أداة لا بديل عنها لتحقيق هدف العالم العربي الذي استنزف الكثير من جهدها وجهد المجتمع الدولي وكانت النتيجة دون جدوى، ولم تستهدف الحرب إحداث الدمار أو الخراب، ولكنها جاءت لكسر الجمود وتحريك الساكن، ولذلك بُنيت فلسفتها على إهدار النظريات، وقلب الموازين التي سيطرت دائماً على فكر إسرائيل، عن طريق إسقاط هذه النظريات العدوانية، وإهدار قيمة المبادئ التي قامت عليها، وإقناع إسرائيل والفلسطينيين أنّ البديل الوحيد الذي يحفظ لهما أمنهما هو السلام ولا شيء غيره.
ألسعي إلى سلامٍ شاملٍ وعادلٍ، يتم على مراحل، مهما طالت مدته، وليس حلاً منفرداً.
ألقضية الفلسطينية هي جوهر الصراع، وبدون إيجاد حلٍّ لها فإنّ الصراع سيظل قائماً مهما توصّلنا إلى أي أشكال للتسوية.
إنّ الدعوة إلى السلام الدائم العادل أصبحنا اليوم بحاجة إليه، وهو تعبير واضح عن إرادة المجتمع الدولي سواء في العواصم الرسمية التي تصنع السياسة وتتخذ القرار، أو على مستوى الرأي العام العالمي الشعبي، ذلك الرأي العام الذي يؤثر في صنع السياسة واتخاذ القرار.
لا لدفع فاتورة صراع الدول على أرضنا ..
لا للحرب ولا للمشارح ونعم للسلام عن طريق مؤتمر عام كبير يجمع كافة الدول ويُنهي الصراعات المملة التي لن تنتهي..

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *