نفتخر بماضينا ونخجل بحاضرنا

بولا م مهنا

لم نكن … لولا أجدادنا ..
قد كان لنا زمن جميل .. لوطن عظيم .. دُوّنت حكاياته فأصبحت تاريخاً رواياته حياة الأجيال الغابرة ..
حين كانت الإنسانية طريقة عيش ..
حين كان لبناننا موطن رجال أشدّاء ..
حين كانت كل بلدة تكفي ذاتها بذاتها ..
حين كانوا ، أهل ضيعنا يتقاسمون رغيف الخبز  في أوقات المحن والمحل ..
لم يكن  ، على مدى العصور ، ماضي لبنان عزّ وترف .. لطالما واجه شعبه مصاعب جمّة، حروب ، إحتلالات وانتداب ..و لكن كانت ذخيرته  رجولة مفعمة بالكرامة والعنفوان .. وليس العلم وشهاداته من  يصنع شهامة وصلابة  .. صحيح أن الحرف قد انطلق للعالم أجمع من شاطئنا ، إنما لم يكن ذاك الماضي نتاج مدارس فخمة وجامعات باهظة الكلفة …
نعم  ، قد هاجر على مدى الحقبات الكثير من اللبنانيين لعدم احتمالهم مواجهة الأزمات ، فقد فضّلوا العذاب في غربة مجهولة المصير على البقاء هنا … ولكن الأكثرية بقيت ، قاومت  ونهضت بالوطن من جديد  .. هي قناعة .. هو إيمان  بأن موطن الإنسان ، حيث جذوره، هما مسكنه ومثواه … وهذا ما أسهم في بقاء كيان لبنان واستمرار دوره الرائد  بين  دول محيطه ..
أما اليوم ، أيّ تاريخ  سَيُكتَبُ للأجيال المقبلة ؟  قد كثر العلم لكن الأخلاق غابت  … بات انتشار الجشع ، الطمع وحب الذات ، يسيطر بين البشر .. لا مسؤول همه الوطن ولا زعيم يكترث  سوى لدوام هيمنته ، حتى بات لبنان  مسرح صراعات من الداخل قبل الخارج .. حتى أن المواطنون التجار استبدلوا ماضي الشراكة والأخوّة بمكاسب جائرة أهلكت كاهل الناس المكافحين للحصول على لقمة العيش ..
وها نحن اليوم  نشحد حقوقنا الشرعية وندفع أثماناً باهظة من جرّاء طوابير الذلّ هنا وهناك  …
ومرة أخرى ، فُتِح باب الهجرة من جديد  مع فرق ، وهو من حسنات التواصل الاجتماعي العالمي ، أن الفئة الشبابية المتخصصة تحصل مسبقاً على فرص عمل بحسب كفاءاتها ، الشيء المفقود عندنا بسبب المحسوبيات والتبعيات وتوظيفات تقاسم الحصص .. واللوم ، وكل العتب على فئات الناس في مجتماعتنا ، التابعة لأحزاب تسيّرها كما تريد  ، فغاب الفكر المستقل  …
ألم يحن الوقت بعد ليستفيق الشعب من غفوته ؟  قد باتت كل كلماتنا أوراق نَعْيٍ للوطن المنهوب … لا .. ليس لبنان ببلد فقير بل إنه فريسة بين أنياب نهمة لا تشبع ولا تكتفي ..
لن نلوم القدر على مصابنا  .. فكلنا من مكونات الهرم  ولا بد من البدء بتأهيل الدعائم  …
أين أنتم  … أصحاب الفكر الحر   ؟؟
أين أنتم … نخبة  ثقافة المواطنية  ؟؟
أين أنتم … مشرّعو قوانين العدل ؟؟
أين أنتم … أيها اللبنانيون  … ألم تعد الحرية مبتغاكم  ؟؟
بتنا  نتوق لنهضة  فكرية ، مجتمعية ، بنّاءة ..
هيا … فلتتشابك الأيادي…. بالإتحاد قوة…
ولن نسترجع الوطن إلا إذا أزلنا  من معتقادتنا  جدران التفرقة  …

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *