هل تبتلع رمال غزة نتنياهو وجيشه …؟؟؟

بقلم :- راسم عبيدات

نتنياهو الذي أقام ائتلافه الحكومي مع الفاشية اليهودية على أساس تحصين نفسه سياسيا وشخصياً،لكي ينجو من التهم المنظورة ضده أمام قضاء دولة الكيان، الرشوة وسوء الإئتمان وخيانة الأمانة،ولكي لا يصل الى السجن وقضاء بقية حياته فيه،كان يخطط من أجل السيطرة على منظومتي القضاء والأمن،واضعاف سلطة ما يعرف بمحكمة العدل العليا الإسرائيلية،ولذلك طرح مشروع تعديل التشريعات القضائية،حسب قوله من أجل تعزيز الديمقراطية وإعادة التوازن بين السلطات الثلاث،فيما اعتبرت المعارضة “الإسرائيلية، هذه العملية بالمس الخطير بالديمقراطية وتعزيز سلطة الفرد،واضعاف سلطة محكمة ” العدل” العليا،وقادت احتجاجات شعبية واسعة في دولة الكيان،شاركت فيها قطاعات وفئات اقتصادية ومهنية وطلابية ونقابات وإتحادات عمالية وحتى من المؤسستين الأمنية والعسكرية لمدة تسعة وثلاثين أسبوعاً ،شارك فيها مئات الألآف،ولكي تصل تلك الإحتجاجات ذروتها، بتمرد واسع في قطاعات واسعة من الجيش وتشكيلاته الجوية والبرية والبحرية والسيبر والمؤسسة الأمنية،بعدم الإلتحاق بالخدمة والتدريب، ما لم يجر التراجع عن تلك التعديلات القضائية، ورغم كل تلك الإحتجاجات الشعبية الواسعة والموقف الأمريكي والغربي الإستعماري الداعم لها،وتعمق أزمة نتنياهو وحكومته داخلياً وخارجياً،لكنه استمر في مشروع تعديل التشريعات القضائية،حيث جرى إقرار قانون تقليص حجة المعقولية في تموز/2023 بأغلبية 64 صوتاً في الكنيست،كبند أول في ما يعرف خطة الإصلاح القضائي التي يتبناها نتنياهو وائتلافه الحاكم،وفي الوقت الذي كان يريد فيه استكمال هذا المشروع،بالعمل على التحكم في لجنة تعيين واختيار القضاة،لكي يتمكن من اضعاف سلطة محكمة “العدل” العليا الإسرائيلية،جاءت معركة ” طوفان الأقصى” بمثابة المطرقة الثقيلة التي هوت على رأس نتنياهو،في ظل أزمات بنيوية ومجتمعية وسياسية عميقة ،ناهيك عن إنقسامات حادة وصراعات ايدولوجية وثقافية حول هوية دولة الكيان، معركة لم يتوقعها الكيان حتى في احلك كوابيسه، بان تقدم ال مق اومة الفلسطينية على اقتحام أكثر مواقعه العسكرية تحصيناً وكافة مستوطنات غلاف غزة في زمن قياسي،وتقوم بقتل وأسر عدد كبير من جنوده ومستوطنية،وتدمير كافة مواقعه العسكرية المحصنة،هذه العملية التي شكلت هزيمة استراتيجية لجيش الكيان كرابع جيش في العالم،والذي يتباهى به الكيان على أنه الجيش الذي لا يهزم، هزيمه في الجانب العسكري والعملياتي،وكذلك ما تحقق كان بمثابة معجزة في زمن انتفت فيه المعجزات،وهذا جعل نتنياهو يواجه اتهامات من المؤسستين الأمنية والعسكرية ومن الإعلامين وقادة امنين وعسكرين سابقين وأهالي الأسرى من جنود الكيان ومستوطينه يحملونه مسؤولية الهزيمة العسكرية،والإخفاق الكبير امنياً واستخبارياً،ويطالبون بإستقالته قبل نهاية الحرب،علماً بأن قضية المطالبة بالإستقالات في مثل هذه الحروب تكون بعد انتهاء المعارك وتشكيل لجان تحقيق،كما حصل مع أولمرت وعدد من القادة الأمنيين والعسكريين ،حيث ادانتهم لجنة “فينوغراد” في الفشل بهذه الحرب،حرب تموز/2006 التي شنت على ال مق او مة اللبنانية و ح ز ب ال له،وأولمرت ذهب للسجن وعوقب عدد من القادة الأمنيين والعسكريين.
نتنياهو يبدو ان مستقبله السياسي قد وصل الى خط النهاية،هو وحلفائه من الفاشية اليهودية بن غفير وسموتريتش،رغم أنه يحاول إطالة امد الحرب،لكي ينقذ مستقبله السياسي والشخصي،ولكن يبدو بان كل محاولاته ستذهب ادراج الرياح،فهو حاول ان يجعل له شركاء عن الفشل الأمني والإستخباري والهزيمة العسكرية الساحقة، بتوجيه الإتهامات لرئيس “الشاباك” غونين بار ورئيس الإستخبارات العسكرية الداخلية أهارون حاليفا،ولكن تعرض لإنتقادات واسعة بسبب تغريدته هذه على موقع ” توتير” من قادة المعارضة والموالاة ومن قادة عسكريين وامنيين سابقين،حيث اضطر لسحب التغريدة والإعتذار.
والأمور لم تقف عند هذا الحد فأهالي الجنود والأسيرات الثلاثة اللواتي عرضتهن كتائب القسام عبر شريط مصور يحملونه المسوؤلية ويدعون الى إقالته،لأنه المسؤول عن أسر أبنائهم،وكذلك استطلاعات الرأي تقول بان شعبية نتنياهو كرئيس الوزراء انخفضت الى 28% مقابل 49% لرئيس المعسكر القومي غانتس،وأيضاً صحيفة “معاريف” العبرية قالت بأن عشر من اعضاء الليكود مستعدين للتصويت بحجب الثقة عن حكومة نتنياهو،وهذا يعني شق عصا الطاعة عليه من داخل الليكود.
نتنياهو خرج لمعركة كبرى على قطاع غزة،وحدد لها أهداف كبيرة تتمثل في تغيير جذري للبيئة الإستراتيجية في قطاع،أي القضاء على حركة ح ماس وباقي الفصائل الفلسطينية وتدمير قدراتها العسكرية والتسليحية وأنفاقها الهجومية،وطرد وتهجير سكان القطاع لصحراء سيناء ،خطة التغيير الديمغرافي،وإستعادة أسراه من الجنود والمستوطنين عند ال مق اومة الفلسطينية،وإقامة حكومة متعاونة أو ما سماها بلينكن ب” المتجددة والفعالة، على غرار حكومة دايتون في الضفة،والهدف الأكبر اعادى رسم خرائط المنطقة وتشكلها من جديد.
اليوم نحن في اليوم الثامن والعشرين،ولم يتحقق شيء من تلك الأهداف سوى المزيد من المجازر والجرائم وحرب الإبادة بحق المدنيين،فالعدد وصل الى أكثر من تسعة ألألآف ش ه يد وأكثر من 23 ألف جريح،ونتنياهو لم يستطع ان يستعيد لا هيبة جيش ولا قوى ردع،بل “يُغول” في المجازر والذبح بحق المدنيين بمشاركة أمريكية وأوروبية غربية استعمارية،وتواطؤ بعض دول النظام الرسمي العربي المنهار، وأزماته الداخلية تتعمق ،تصدع ما يعرف بالإجماع القومي ،خلافات حادة بين المستويين العسكري والسياسي بشأن العملية البرية،وضغوط كبيرة من أهالي المأسورين، اقتصاد وانتاج معطلين، أكثر من 120 ألف مستوطن جرى ترحيلهم من الشمال والجنوب، وجبهة داخلية تتفكك وتتصدع مناعتها القومية ، والأهداف المحددة للعملية العسكرية، حتى الآن لم يجر تحقيق أي منها،بل القوات المتوغلة في قطاع غزة،بما فيها لواء النخبة “جولاني” يتعرض لخسائر كبيرة في الأفراد والدبابات والأليات،ومعنويات جنود منهارة،وخشية أمريكية من توسع الحرب الى أكثر من جبهة وخاصة الجبهة الشمالية ،وهذا سيزيد الضغوط على حكومة نتنياهو،وكذلك إنقلاب” ساعة الرمل” على دولة الكيان،حيث الرأي العام العالمي بدأ يدرك حجم الجرائم والمجازر التي يرتكبها الكيان بحق المدنيين في القطاع،وبما يعني تفكك الجبهة السياسية الداعمة لدولة الكيان،حيث المظاهرات والمسيرات تتصاعد في مدن وعواصم الدول الشريكة في العدوان على شعبنا ،من باريس الى لندن فبرلين وروما واوتاوا الى واشنطن.
يبدو على ضوء كل ذلك،ونحن في اليوم الثامن والعشرين ، والخسائر الكبيرة في جيش الكيان ومعداته في هذا العدوان المتواصل على قطاع غزة،وعدم تحقيق أي من الأهداف التي خرج إليها جيش الكيان، فإن غزة هذه المرة ستبتلع نتنياهو وجيشه ومعداته،بعد أن نجى منها في عدوان /2014،معركة ما عرف ب ” الجرف الصامد” وبلغة ح م اس ” العصف المأكول” وبلغة ا لجه اد ،معركة ” البنيان المرصوص .
فلسطين – القدس المحتلة
3/11/2023
[email protected]

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *