نحًنُ. الى زمن الاصالة

بقلم المربية رحاب سامي هاني

( بعدران)

قريباً ، من عبق زمان عسليّ، من بيوت متصافحة تضّج زواريبها بحكاية وشقاوة أطفالها.
من تلاميذ تتعلّم من الحياة شغفها قبل أبجديتها، من طفولة تخاف على ليلى من الذئب، من جيل لعب بين أرباع الصّبار، زرع التوت وقطف الحرير…
بعيداً ، عن أوهام باتت مُعلّقة بخبايا ذاكرة باهتة، عن هويّة استنزفتها العولمة وما يُسمى بالإنفتاح حتى باتت مكتومة القيد.
عن غزوٍ على براءة الذمّة، الإكتفاء، القناعة…
عن رحلة سياحية على تراثنا الغزير، عن معارك مع سرد الاجداد والإختلاط الوهمي مع الحاضر.
عن زرع العبث في مروج القمح، دثر الرماد في مواقد الخبز.
…وبموازاة الإدراك أن للماضي حقّ تخليد جسر عبوره إلى مستقبل هانت علينا إحداثياته وتطوّره حياتنا اليومية، مدّخرة ساعات الشقاء في تأمين القوت اليومي. من عُلب حافظة، إلى أكياس مثلجة وصولاً لوجبات سريعة.
نسفت معها طعم الأصالة المُنكّه بعرق الجبين، المجبول بخميرة الرزق الحلال، المطبوخ على نار البساطة والبركة…
قد تأتيك الصفعة بقصد الوعي.
وما الأزمة الإقتصادية و تبعات أزمة كورونا الا صفعات لمجتمع بأكمله تحّثه للعودة خطوة الى الوراء، الى زمن جميل، الى حلقات تتشابك معها الأيادي وتدبك على لحن الحياة والنخوة والتآلف.
اليوم، وما أكثر حاجتنا أن نمتطي صهوة حصان الزمن ونعود لنحيي الحياة في مروج زُرعت بالقمح وتلألأت بسنابله وفاضت خيراً.
أنّ ننظر منذهلين ببساطة معدات النورج الذي يفصل القمح عن السنابل بحركة دائرية تُحاكي عقارب الساعة و تسابقها .و سُمرة الوجوه التعبة تغازل سمرة الرغيف على الصاج و رائحته الخالدة في ذاكرة مُتذوقيه.
أن نرصِف دروب الحرير التي تقودنا الى حقولنا، الى منبع الخيرات والإكتفاء والبركة.
هي دعوة مُلحّة وطبول الحرب ترسو على عتبة بيوتنا، تدقّ ناقوس النقص والعوز .
بل هي دعوة صمودنا وعزّة نفوسنا التي ترفض سياسة الترهيب والتجويع.
لنا من قدسية وخير أرضنا ما يقهر أكبر الطغاة، وأكثر الأزمات فتكاً.
لنعُد خطوة إلى الوراء.
لنعُد نقرّب البعيد، ونُبعد الغريب.

شاهد أيضاً

طرابلسي بحث شؤونًا ثقافية مع المرتضى

زار نائب جمعية “المشاريع الخيرية الإسلامية” في لبنان، النائب الدكتور عدنان طرابلسي، وزير الثقافة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *