“رشفة حُب فاجرة”

قلم
رهيب سيف التبعي

كل الناس ترحل… لكن طريقة رحيلهم هي من تمكث فينا خالده، فلحظة التخلي المغموره بالدمع والحسره تجعلنا نُعزّي مشاعرنا لأعوامٍ مقبله وهي مرتديةً جلباب الحزن الأبدي ،في البدايه نشعر أن الأمر سهلاً والنسيان شيء عابر لكن مع مرور الوقت نكتشف اننا نفقد جزءًا من قلوبنا عندما نقطع اي علاقةٍ بَنت في عمرنا زمناً من الذكريات الشاغره،كنت أقول قبل التجربه بكل بُروود
” ما يذهب دعه يذهب دون أن تلتفت إليه”
لكن عندما نتذوق كأس التخلي بعد الحُب نُدرك حقيقة الحُزن العميق الذي يُذهب القلب ويعصف بالمشاعر، رغم محاولات النسيان الفاشله نتظاهر بكبرياء امام الراحلين لكننا من الداخل مجوفين تهُزنا المشاعر وتُضعفنا أوهن الذكريات البسيطه كأغنيةً ما او رشقة عطر مميزه او مكاناً عابر تخلد فيه ذكرى جميله.. عند أول لقاء قد يجمع بينك وبين من احببتهُ ذات وقتٍ قد مضى، هكذا نُصارع الحرمان بالكذب على مشاعرنا المهمله في المنتصف دائماً، نغسل جراحنا بالألم كمن يحُط على جرحه ملحاً دون هوآده للمثول الى الشفاء ، عجباً لتناقُضات القلب بل وأسفاه على جسداٍ هدّه الكبرياء في ذروة الحُب الممزوج بشعور الضعف الهادر لكينونة الانسان ومشاعره…
كم هي صادقه تلك اللحظة الأولى الممزوجه بشعور الحب لحظةً خرافيه اسطوريه لا أحد يستطيع وصفها مهما بلغ من الشعر ذروته ومن البلاغةِ اقصاها، شعور فائض إحساس مرهف قداسة ممزوجه بمحبة الآله، جميلة تلك الرجفات التي تتسلط على زمام قلبك، وتلك التناهيد التي تُشعرك أن كل أكسجين العالم لا يروي حنين روحك الهائمه بين حنايا ضلوعك، كم هي غريبه نبضات القلب المتفرقه على كلتا ضفتيّ صدرك الملتاع عندما تُخامره نشوة الحُب عند كل لقاء تمنحكُ إياه الآله لتخلوا بمحبوبك، وشريك روحك ومؤنسها،عندما يولد الصمت وتتحدث المشاعر تفقد الكلمات المتعلثمه توازنها فتولد لغةً جديده تتشارك عبرها الأرواح حديث القلوب ، حروفها تنطقها إيحآءات العين وحنينها، فالعين نافذة القلب وليست اللسان كما يعتقد الكثير
ياعزيزي…هكذا يسرِقك الحب من جذورك، يبدأ كدرويشٍ مقدّس يأسرك بنفحات إيمانه وعذوبة مشاعره
‏لتؤمن به حدّ الثمول، ليذيقك بعد خمرة لذّتهِ
‏كأسهُ سُماً ناقعاً تمتزج به كل خيبات ذكريات العمر المتراكه في صميم كيانك، الخيبات التي قد تحولك من شخصاً يؤمن بالحب والحياه والسلام لتُصبح وحشاً فظ القلب غليظ المشاعر لا يعرف للأنسانية رحمه ولا للحُب مقام،وقد صدق الشاعر حينما قال:
‏”أحبب فيغدوا الكوخ قصراً نيراً
‏وابغض فيمسي الكوخ سجناً مضلما ”
فالحب طاقه هائله اندفاع طاغي بركان يتأوه بحمم المشاعر في صدر صاحبه باستطاعته أن يحرقنا حد الأنطفاء فنَبْهُت ونذبُل بعد وهجٍ كان بمقدوره ان ينير العالم بأسره،لا أعلم لماذا الحياة تجبرنا هذه التجربه القاسيه؟ عندما تمدّ لنا يدها البريئة لتعلقنا بالأخرين حدّ الخشوع، بأشخاصٍ تختارهم لنا بعنايه دون أن تمنحنا فحص التجربه، لتعود بعد أن لطخت كلتا يديها بقلوبنا التي تقطر دمًا ودمعًا دون توقف، تعود وهي مبتسمه تُجرُّ بقايا اجسادنا المنهكه بعد أن سلبتها ثُلاثي الحياه الأمان والسلام في مغامرةٍ كانت نهايتها الخذلان الموصد بالخيانة المأبده، يالهذه الحياة البائسه التي تحاول جاهدةً تُقنعنا بعد ذالك بالقدر ولعبة الحظ واليانصيب وكلها اعذار سامجه لا تعادل قطرة دمعٍ من عيوننا النازفه، فما الفائده من قُبلةٍ على جبين الضحيه، بعد أن سلِبتهُ الحياة من جذوره‘ لقد أصبح الحب ياعزيزي خطيئة لا تغفر سجاياه
ولولاه لما صدق آدم بتجربته الأولى للحياة مشورة حواء ليأكل من شجرة الخلد لتتجرع سلالته هذه الخطيئة أمتًا بعد أُمه تلعن أُختها جيلاً بعد جيل،
لقد تعددت أسلحة الحب القاصمه لروح
وزادت نوبة جنونه المستعصيه دون عبرةٍ ،
حيث أصبح معدل خيانة الأحبه أكبر من قصص الحب ذاته، وهذا ما جعلنا نرجع الى صومعة الأدب لندفن بالحروف خطيئة تجاربنا الفاشله، لقد اصبح دفن الأحبة بمقبرة الكتابه الحل الأمثل لنتخلص من جثث من أحببناهم بأيمان وتركونا في المنتصف نحتضر كخطيئةٍ كافره لا تُغتفر،
فإستحضار الحرف ياعزيزي،
لنكتب عن شخصاً ما او حبيبٍ راحل أكثر عذاباً من الفراق نفسُه وأكثر عمقاً من الأحتلام بصورةٍ ما له، نحن عندما نراود الحرف عن نفسه يصتعصم رغم أن الفراق قد هيئ ذاته لنا، لكن الحنين والشوق الذي يتكدس في القلب ما زال يقول بلسان صبابتهِ الأولى ربي الحرف خيراً لي مما يدعونني اليه، فالحرف هُنا كسجن يوسف ندفن فيه خطايا النفس الأمارة بالحب التي تتعلق بالأخرين دون تأني او هوآده، فعندما نجتث كبريائنا من العمق الفطري للذات لنقدمه كقربان لمن نعشقهم، نتعراء من الكرامه لنُصبح يتاما المشاعر بعد جوعاً من العشق الكافر الذي يجعلُنا نقدم قلوبنا قرابين حُب نُغذي بها جلادُونا على طبقٍ من ذهب،
ختاماً…
لا عزاء لرآحلين عنّا والرحمة والخلود لقلوبنا دوماً وأبدا.

 

شاهد أيضاً

توقيع اتفاقية تعاون بين الشبكة العربيه للإبداع والابتكار والجامعة الأمريكية في الإمارات

وقعت الشبكة العربية للإبداع والابتكار والجامعة الأمريكية في الإمارات في مقر الأخيرة اتفاقية تعاون مشترك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *