هل تتذكر .. ومتى كنّا نتذكر؟

 

كتب علي .أ. دهيني

لم يستيقظ على “المُنبَّه” في الوقت المعتاد، ذلك أنه نسي أن يضبط التوقيت.
هذه حالنا منذ نيّف وسنوات في دوامة النسيان، لا نذكر التاريخ الذي كنا نتذكر فيه. حتى أننا نسينا أن نتذكر.
هذه هي حال عقولنا في تعايشها مع حركتنا في يومنا متجاوزة أمس وما جرى فيه، حتى أقدامنا التي أنهكها الركض خلف مقتضيات حاجاتنا نسينا أن ندلكها مساء في الماء الفاتر لتحريك الدورة الدموية في مجاريها لنتمكن من الركض غداً خلف قوتنا.
أشغلونا في متطلبات الحياة اليومية حتى لا ننتبه إلى دسهم السم في طعامنا. وفي كل حياتنا.
قلت هذا لصديقي الإعلامي والناشط الثقافي محمد عمرو في جلسة تأفف في معرض الكتاب العربي في لبنان، الذي يعد رواده على الأصابع. والجواب عند السؤال عن هذا : مين فاضي يقرأ؟ أو مين معو مصاري يشتري كتب.
في الجلسة “هَرْدَبْنا” الكثير من الكلام حول الأوضاع التي نعيشها، و الحالة التي وصلنا إليها.
استوقفني جملة قالها أن عقولنا تراخت عن التفكير السليم نتيجة عدم تناول الغذاء السليم، فنحن تدريجاً تعودنا على تناول الوجبات السريعة (بيتزا هوت دوغ، همبرغر….) التي سربها لنا الغرب مع جملة عادات بتنا نمارسها وصارت نمط حياتنا دون أن نشعر أو بالأحرى دون أن نفكر.
صحيح تماماً، الغرب كاستعمار لم يغادر كليا عن بلادنا، ولم يساعد كما كان يدعي على انتقالنا إلى دول قابلة للتطور والتقدم في مجتمعاتنا، هو فقط سحب جيوشه وآلاته لأنها ذات كلفة عالية عليه واستبدلها بمركبات بشرية يديرها كيفما شاء، وبدأ العمل على تطويع المجتمع بآلية التسلل إلى البيوت والمناهج التربوية وكل مجالات العمل والحركة اليومية للمواطن، وخلق مفاتيح إشغال تشغلنا عن أي أمر يجعلنا نفكر في بناء ركائز تنتج عناصر التقدم والتطور في مجتمعاتنا العربية، وأولها غسل أدمغتنا من أي رابط قومي بين أبناء الأمة الواحدة وتشجيع التعلق بجغرافية بيئتنا التي رسمها حدوداً لنا تقطع جغرافية الأمة إلى ثُغر بعناوين دول. والأهم الأهم أنه يعمل على تبديل ثقافتنا من جذورها.
لن أغوص كثيراً في هذه التفاصيل لأصل إلى موضوع الوجبات السريعة التي أثّرت بشكل أو بآخر على عقولنا وجعلتنا مجرد آلات تتحرك لقضاء الحاجات اليومية، بعقول فارغة من أي تفكير بخصوصية شخصيتنا أو انتمائنا، حتى نسينا من نحن وما هي ثقافتنا التي ندعي أنها أغنى ثقافة فكرية ترفد الإنسان بالقيم الأخلاقية والعقود الاجتماعية بين الإثنيات العرقية والثقافات الأيديولوجية.
هذه الوجبات السريعة التي بدأ الغرب يعتمدها نمطاً في حياته اليومية ونقلها إلينا مع جملة تشوهات اجتماعية، غفلت عنها عقولنا عمّا انتجت عنده، وسياقاً سوف نصل إليها.
لقد أنتجت عنده الكم الهائل من العاهات الاجتماعية كان آخرها السعي بالقساوة والقوة إلى القبول بها والتراخي في محاربتها، تحت عنوان الحرية الشخصية للفرد، مثل قوانين تبيح المثلية في العلاقات الأسرية. بل أكثر من ذلك، بتنا نشاهد ــ نتيجة هذه الوجبات السريعة ــ أن عقولهم ذهبت من الإبداع في تطوير عناصر التحضّر والقيم الإنسانية، إلى الانتقال من السلوك الآدمي البشري إلى السلوك الحيواني حيث تأسس عندهم جمعيات ينتسب إليها أفراد يتدربون على أن يكونوا حيونات في سلوكهم، مثل الكلاب والخنازير والقطط، ناهيك عن الجريمة بكل وجوهها، حيث أن أغلب المأكولات في الوجبات السريعة مؤلفة من لحوم هذه الحيوانات، بخاصة الخنازير، علموا ذلك أم لم يعلموا، فهم يتناولون ما يقدمه لهم المطعم. بالمناسبة من يسعى لمعرفة أسباب تحريم لحم الخنزير في الإسلام سيفاجأ بما يكتشفه.
هذا ما سوف يكون عليه حالنا، لا أدري، لعل يوما نستيقظ ونسمع أن فئة تقدمت إلى وزارة الداخليه بعلم وخبر لإنشاء جمعية ترعى الراغبين بالتحول من البشرية إلى الحيوانية.
أما موضوع مناهجهم التربوية فحدث ولا حرج في هذا مما يحتاج إلى مقالات طوال في الحديث عنه.
على أي حال هذه موضوعات تحتاج إلى الكثير من السطور.
ملاحظة: عند كتابة هذه العجالة على جهاز الكومبيوتر نسيت أن أحفظ اثناء الكتابة، وقبل الانتهاء انقطع التيار وانطفا الجهاز وطار ما كُتب، لكن لحسن الحظ أن نسخة تحفظ في مكان لا أعرفه في الجهاز، تبرع زميل بكشفه وإعادته.
لا تنسو أن تتذكروا طريق العودة إلى البيت، ولا تسألوا من تجدوهم فيه: من أنتم؟؟

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *