طوفان الأقصى هزت القلوب وحركت الأقلام

كتبه الشيخ أبو آية رائد التميمي

*المسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين، ومسرى النبي الكريم صلوات ربي وسلامه عليه. ﴿سُبۡحَـٰنَ ٱلَّذِیۤ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَیۡلࣰا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِی بَـٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِیَهُۥ مِنۡ ءَایَـٰتِنَاۤۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡبَصِیرُ﴾ [الإسراء ١].*
*فحب المسجد الأقصى من الإيمان، وفك أسره واجب على الأعيان. روابط المؤمنين به متأصلة في نفوسم شرعا وعرفا، ومحبته راسخة في قلوبهم فطرة وقربا.*
*ماذا نقول عنه وقد بلغ بعد الحرمين أعلى رتبة، وصار شد الرحال إليه فضيلة وقربة.فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِي – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «لاَ تُشَد الرحَالُ إِلا إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هذَا، وَمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» رواه البخاري ومسلم.*

*قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري: “في هذا الحديث فضيلة هذه المساجد ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء. ولأن الأول قبلة الناس وإليه حجهم، والثاني كان قبلة الأمم السالفة، والثالث أسس على التقوى”.*
*المسجد الأقصى قضية المسلمين الكبرى، ومحنة هذه الأمة العظمى، هو البوصلة التي ترشد المؤمنين إلى طريق ربهم، وتذكر الغافلين عن الله بمدى دنوهم أو بعدهم.*

*تكالبت عليه أمم الأرض الكافرة، وسلطوا على أهله قردة وخنازير وكلابا سائبة؛ تنهش في أهله وأبنائه ، تقصف أحيائهم وتهدم منازلهم تسفك دماءهم وتشردهم من ديارهم. أمة حقيرة ذليلة خسيسة. أهل دس ومكر وخديعة،*

*وصفهم ابن القيم رحمه الله في هداية الحيارى وصفا طابقهم مطابقة ظاهرة، فقال: “الأمة الغضبية، هم اليهود، أهل الكذب والبهت والغدر والمكر والحيل، قتلة الأنبياء وأكلة السحت وهو الربا والرشا. أخبث الأمم طوية، وأرداهم سجية، وأبعدهم من الرحمة، وأقربهم من النقمة.*
*عادتهم البغضاء وديدنتهم العداوة والشحناء. بيت السحر والكذب والحيل، لا يرون لمن خالفهم في الكفر وتكذيبهم الأنبياء حرمة، ولا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة. ولا لمن وافقهم عندهم حق ولا شفقة، ولا لمن شاركهم عندهم عدل ولا نصفة، ولا لمن خالطهم طمأنينة ولا أمنة، ولا لمن استعملهم عندهم نصيحة- وحاشاه أن يوجد بينهم- ليس بيهودي على الحقيقة.*
*أضيق خلق صدورا، وأظلمهم بيوتا، وأنتنهم أفنية، وأوحشهم سجية. تحيتهم لعنة ولقاؤهم طيرة. شعارهم الغضب ودثارهم المقت”انتهى كلامه.*

*فخلافنا معهم ديني دائمي أزلي. قائم على وصف الله لهم بالكافرين. وعلى شقاقهم وعنادهم وكفرهم مع الله ورسوله: {وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [سورة المائدة:64]، وقالت اليهود: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [سورة آل عمران:181]. ويقولون في التلمود : “ليس الله معصوم عن الطيش، والغضب والكذب”. تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا، ويقولون: “إن الله يقضي ثلاث ساعات من النهار يلعب مع ملك الأسماك”، حاشاه جل في علاه: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سورة ص:27].*

*ويقولون في التلمود: “اليهودي أحب إلى الله من الملائكة، فالذي يصفع اليهودي كمن يصفع العزة الإلهية”. ويقولون: “إن الله يستشير الحاخامات على الأرض حين توجد معضلة لا يستطيع حلها في السماء”، تعالى الله عما يقول هؤلاء علوًا كبيرًا: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [سورة الإسراء:44].*

*هذه ادعاءاتهم الكاذبة وتخرصاتهم الفاجرة، كما قال الله عنهم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم ۖ بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [المائدة 18].*

*فإذا قالوا ذلك في خالقهم وربهم العظيم ! فكيف قولهم وفعلهم في عباد الله أجمعين، فهم أهل إجرام منقطع النظير وأهل تضليل وتلبيس وتهويل، يمكرون بالمؤمنين ويفتكون بالآمنين، قاعدتهم الإرهاب وسفك الدماء وتقطيع الأشلاء من غير جنسهم لأن في معتقداتهم الباطلة ان هؤلاء ليسوا من الآدميين، فقالوا عن الفلسطينيين: (سنتعامل معهم على أنهم حيوانات بشرية)، وهذه ليست كلمة عابرة في لحظة ناقمة ، إنها عقائدهم التلمودية الإرهابية التي جاء فيها :(نطفة غير اليهودي كنطفة باقي الحيوانات).*

*وبتلك الهمجية المتغطرسة أمطروا أهلنا المستضعفين في غزة وفلسطين بوابل من قذائفهم الطائشة وقنابلهم المحرقة وصواريخهم المدمرة فعاثوا في الأرض الفساد وأهلكوا النسل والحرث والبلاد والعباد، وهم أجبن مما تتصورون وأحرص الناس على الحياة الدنيا {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} [البقرة 96]. ومن جبنهم وحرصهم عل حياتهم تراهم لا قبل لهم على مواجهة رجال المقاومة الأبطال. فيقصفون بالطائرات والصواريخ المباني الأهلية والخدمية من خلف الحدود. : {لَا يُقَٰتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِى قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ}. فيقتلون المدنيين الأبرياء والأطفال والنساء. ولا يعلمون أن المؤمنين يحبون الموت في سبيل الله كحبهم للحياة. خاب رميهم وضل سعيهم وعاد على أشلائهم بشرهم. وقبح الله كيدهم ومكرهم.*

*فواجبنا القيام بحق الأخوة الإيمانية؛ وبذل كل الأسباب الممكنة في نصرتهم ومعاونتهم في محنتنا ومحنتهم فعَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى ) رواه البخاري ومسلم.*
*قال شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى-: “ولهذا كان المؤمن يسره ما يسر المؤمنين ويسوءه ما يسوؤهم ومن لم يكن كذلك لم يكن منهم” مجموع الفتاوى (٢ / ٣٧٣).*

*ومن هذا الباب يتعين علينا الشعور بمصابهم أنه مصابنا حقيقة يؤلمنا ما يؤلمهم ويحزننا ما يحزنهم. ولما كانت قضيتهم قضيتنا ومحنتهم محنتا فكل مسلم معني بها ومسؤول عنها؛ ومما يتعين في سبيل نصرتها:*
*- الرجوع إلى الله بصدق وندم وتوبة نصوح، فما يسلط الأعداء علينا إلا بذنوبنا. قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ}[الشورى ٣٠].*
*- تعلم ديننا الحق الذي ننصره وندافع عنه وندعوا إليه؛ بتعلم العقيدة الإسلامية الصحيحة القائمة على الإخلاص للمعبود والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم والاقتفاء لسبيل الصحابة الكرام.*
*- قيام كل مسلم ومسلمة من راع ورعية بواجبه تجاه قضية الأقصى المحتل كل بحسب تكليفه الشرعي، وخاصة في ظل الظلم القائم والقتل الذريع الذي لم يسلم منه لا طفل ولا امرأة ولا صغير ولا كبير. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” رواه البخاري ومسلم.*
*- على الأمة المسلمة حكومات وشعوبا إعداد العدة الإيمانية والحسية كل بحسب ما أنيط به من واجب وحق؛ للقيام بالفرض الواجب في طرد الغزاة المحتلين عن الأقصى وبلاد المسلمين. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِهِ؛ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.*
*- إحياء القضية الفلسطينية في نفوس أبناء الأمة المسلمة على أنها قضية دينية إيمانية إسلامية مشتركة بين كل أبنائها، فهي ليست وطنية ولا عربية ولا قطرية، ولن تحل إلا بالسياسات الشرعية والمصالح الإسلامية المرعية والقتال مع الإعداد والقدرة وأخلاص العمل لله تعالى. فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «سُئِلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ الرَّجُلِ: يُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، أَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ الله؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ الله». متفق عليه. فما كانت القدس بأيدي المسلمين إلا كانوا في عزة ورفعة وفتوحات وما ضيعت إلا والمسلمون في فرقة وتشتت وذل وهوان.*
*- بث حب الأقصى في القلوب وبيان مكانته ومنزلته في الإسلام وبيان التضحيات التي بذلها الصحابة الكرام في فتحه وما تلاها من جهود عظيمة بذلها الفاتحون حتى علت مناراته نداءات حي على الصلاة حرة بلا قيود ولا تحوطات.*
*- بيان أحكام الجهاد الشرعية، وإسنادها لأهلها العارفين بها من الولاة الشرعيين والعلماء الربانيين وترك الافتيات عليهم بلا علم بما يرجع بمحض الضرر على الأمة جمعاء، والوقوف صفا واحدا بالاعتصام بالله وبشرعه، وترك كل هوى نفسي أو تفرق طائفي أو تكتل حزبي يشتت الأمة ويضعفها ويذهب ريحها وقوتها. قال الله تعالى: ﴿وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَـٰزَعُوا۟ فَتَفۡشَلُوا۟ وَتَذۡهَبَ رِیحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوۤا۟ۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّـٰبِرِینَ﴾ [الأنفال ٤٥]*
*- تعليم الأمة أن الجهاد الأعلى ذروة سنام الإسلام ولا يتحقق إلا على قاعدة هرمه بإصلاح الأمة {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}. فجهاد الأبدان بطعان أهل الكفر والطغيان ينبني على جهاد النفس بمخالفة الهوى والشيطان. {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}.*
*- والمطلوب منا ونحن نعيش حال شدة، وكرب، ومحنة، وفتنة أن نفزع إلى الله – تعالى – بالتضرع، والدعاء لجوء من لا حيلة له إلا بربه – عبادة، وتوكلاً -: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].*

*- وتأمل: ” لما كان الصحابة – رضي الله عنهم – أعلم الأمة بالله ورسوله وأفقههم في دينه كانوا أقوم بهذا السبب، وشروطه، وآدابه من غيرهم كانوا ينصرون دوما على أعدائهم . وكان عمر – رضي الله عنه – يستنصر به على عدوه، وكان (أعظم جنده)، وكان يقول لأصحابه: ” لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء ” . وكان يقول: ” إني لا أحمل هَمَّ الإجابة، ولكن هَمَّ الدعاء، فإذا أُلهمتم الدعاء فإن الإجابة معه ” .*
*- وأخذ الشاعر هذا المعنى فنظمه، فقال : (لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه … من جود كفيك ما عودتنى الطلبا)*
*- فمن ألهم الدعاء؛ فقد أريد به الإجابة، فإن الله – سبحانه – يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة:186] .*
*- أتهزأ بالدعاء وتزدريه **وما تدري بما صنعَ الدعاءُ*
*- سهامُ الليل لا تُخطِي ولكن*لها أمدٌ وللأمد انقضاءُ*

 

شاهد أيضاً

عزوا ب-ا-ل-ش-ه-ي-د محمد نعمة ناصر.. أحزاب البقاع: قواعد إسرائيل وثكناتهم تحت رحمة صواريخ ا-ل-م-ق-ا-و-م-ة

أحمد موسى كواليس| تقدم لقاء “الأحزاب والقوى الوطنية والقومية في البقاع” بالتهنئة والتبريكات من قيادة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *