الطوفان ….

علي علي احمد

في صباحٍ اشرقَت فيهِ شمسُ الحريةِ من كبدِ الظلامِ ، في صباحٍ اختلطتْ نسائِمُه مع ردعِ الصواريخِ الثائِرةِ ، في صباحٍ سكتتْ فيهِ الطيورُ و غردَت فيهِ صفاراتُ الإنذارِ في وكرِ دارِ المستوطنينَ .
في صباحٍ لم يشبه أي صباحٍٍ استفاقَت فلسطينَ ..
استفاقَت من كابوسِ الاستعمارِ الظالمِ ، الذي تقاسمَ ارضَها بوقاحةٍ و قساوةٍ داميةٍ .
خمسة و سبعونَ عاماً و الإحتلالُ يمارَسُ عليها و القتلُ مشروعٌ و الانتهاكُ مسموحٌ، خمسة و سبعونَ عاماً و شعلةُ الحريةِ لم تنطفأ يوماً في قلبِ فلسطينَ و في اقصاها ، رغمَ الحصارِ و الاتفاقياتِ و المؤتمراتِ و المعاهداتِ الخائنةِ التي نعتوها بالسلام
فعن أيّ سلامٍ تتكلمونَ،
فهل يعقَد السلامُ مع القاتلِ والمجرم والمغتصب ؟
لم امجّد اليومَ فقطْ لفلسطينَ بل كلّ يومٍ ، ففي كل رصاصةٍ ترمى نرى العدالةَ اتيةً و في كلّ صاروخٍ يطلَقُ نبصرُ من دخانِه الاملَ و الحياة و في كلّ شهيدٍ يسقطُ نرى احراراً تولدُ من رحمِ الانتفاضةِ و الغضب
..
هؤلاء هم أولادُ فلَسطينَ ، شعبٌ أرادَ الحياةَ، شعبٌ لم يهبِ الموتَ يوماً، شعبٌ لا يخافْ ، لم يرحلْ بقيَ متعلقاً بغصنِ الزيتونِ و بكمشةِ الترابِ ، بقيَ معانِداً البرقَ و العواصفَ و الرصاصَ ، و منهم من حملوا فلسطينَ في ترحالِهم فحوّلوا بلدانَ الاغترابِ الى قدسٍ محليةٍ .

هكذا هم أبناءُ فلسطينَ فلا تسالْ ، هم الشعراءُ و الادباءُ ، هم الفلاحونُ ،هم الأيتامُ الذين يكبرون قبل أوانِهم ، هم النساءُ الصابرات ، هم الرجالُ الكادحين ، هم شبانُ الثورةِ ، هم الاحياءُ و الباقونَ .

لعلَّ الطوفان اليومَ يحملُ الحريةَ ، يحملُ السلامَ الحقيقيَّ ، يحملُ عودةَ فِلَسطينَ فكما قالَ شاعِرُها تميم البرغوثي ؛ * قسماً بشيبي لن يطولَ بقاؤُكم ، فالظلُّ يأنفُ أن تمرّوا تحتَهُ ، والأرضُ تأنفُ أن تمرّوا فوقَها ، والله سماكم قديماً في بلادي عابرين *

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *