ليكن حسن ظنك ثقه وسوء ظنك وقاية

*✍️ الشيخ أبو آية رائد التميمي

لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى عباده بحسن الظن في الناس والتماس الأعذار لهم، وجاء ذلك في العديد من الآيات القرآنية، كما وردت العديد من الأحاديث في السنة النبوية تشجع على إحسان الظن بالآخرين، فقال -صلى الله عليه وسلم-: (إيَّاكُمْ والظَّنَّ).
فعن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معتكفاً، فأتيته أزوره ليلاً فحدّثته، ثم قمتُ فانقلبت، فقام معي ليقلبني -وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد رضي الله عنهما-، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( على رسلكما، إنها صفية بنت حيي ) ، فقالا: سبحان الله يا رسول الله!، فقال: (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يَقذف في قلوبكما سوءا -أو قال شيئا- ) “. متفق عليه.
فبرر للمقابل فعله وأنسى الأمر أو أستفسر بما يلزمه ثم دع ليصفى قلبك.
لأن تحسن الظن فتندم، خير من أن تسيء الظن فتندم.
فحين تسمع من أخيك الكلمة، فيها من الخير ألف محمل ومن الشر محمل واحدا، إياك وحملها على سوء الظن. بل احمله على الخير دوما!!
على أن لا تحسن الظن حد الغباء، ولا تسيء الظن حد الوسوسة، وليكن حسن ظنك ثقة، وسوء ظنك وقاية.
وإذا راودك هاجس وشك. فتأكد قبل تقرر وتحكم. واستفهم من المقابل على الخاص فإن رجع وغَيّر فهي حسنة ومعروف صنعته بلا فضيحة ولا تشهير. وإن أصر المقابل على الخطأ وفيه ضرر على أفكار الناس. عليك معالجة الخطأ بمداخلتك على العام وإن قيل فيك ما قيل.
فحسن الظن يجب أن يكون مشفوعًا بالحيطة، واليقظة، والحذر.
وحسن الظن، فضيلة من الفضائل الخلقية النفسية ذات الأثر الكبير في سلوك الفردِ وتماسك المجتمع.
ألقِ حسن الظن على الخَلق، وسوء الظن على نفسك. ترقى بخلق عال في الدنيا. ونعيم دائم في الآخرة.
دخل الربيع بن سليمان على الإمام الشافعي وهو مريض يعوده …
فقال من ضمن دعائه له: قوى الله ضعفك يا إمام.
قال له الشافعي: يا ربيع لو قوى ضعفي لقتلني.
فقال الربيع على الفور: والله الذي لا إله غيره ما قصدت بها إلا خيرا يا إمام.
فرد عليه الشافعي وقال: والله الذي لا إله إلا هو، لو شتمتني صراحا، لعلمت وتيقنت أنك لم تقصد بها إلا خيرا.
هذا كله من حسن الظن بالأخوة والأحباب والأصدقاء التي يجب علينا جميعا العمل بهذا الخلق لنرقى أكثر فأكثر وتقوى العلاقة والحب والوئام فيما بيننا فنسعد في الدارين.
جمعنا الله تعالى على المحبة والألفة والموده وأسعدنا في الدارين. وسلم قلوبنا من كل ضغينة وغل وحقد وحسد…
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}