الشعراء الشباب… بين صنمية الماضي وعوائق الحاضر

 

بقلم الشاعر/ شاهر عبدالواسع الأثوري

قد يختلف معي الكثير فيما سأتحدث عنه في السطورالتالية..ولكن بالمقابل قد يتفق معي الكثيرون فيه كذلك..

الصنمية التي أقصدها في عنوان المقالة هي تقديس الأشخاص.. والمقصود هنا بالأشخاص هم كبار المبدعين الذين جاءوا قبلنا واستطاعوا بنبوغهم وعبقريتهم أن يحجزوا لهم أماكن بارزة في سفر التاريخ في شتى المجالات.. ولكن بما أننا مهتمون بالأدب والشعر فسنتحدث في هذا الجانب..

يزخر تاريخنا الأدبي على مر العصور بنوابغ وافذاذ في مجال الأدب والشعر..ففي العصر الجاهلي..كان هناك العديد من الشعراء الذين سارت بأحاديثهم الركبان وتحدثت عنهم العربان كان من أبرزهم شعراء المعلقات السبع والتي علقت فوق جدار الكعبة في العصر الجاهلي.. كان شعراء الجاهلية ينظمون أشعارهم على السليقة لم يعرفوا علم العروض ولا النحو ولا البلاغة ومع ذلك وجدنا لهم أشعاراً راقية كانت أساساً للشعر العربي في كل العصور..

ثم جاء العصر الإسلامي..فانشغل الناس بالدعوة الجديدة ثم بالجهاد وتثبيت أركان دولة الإسلام وكذلك أنشغلوا بتعلم القرآن.. وهنا قل الإهتمام بالشعر.. كما قل كذلك عدد الشعراء.. ولكن أيضاً لم يخلُ من شعراء كبار تركوا لهم بصمات واضحة في تاريخ الأدب العربي .. واتخذ الشعر سلاحاً تتم به مقارعة أهل الكفر والجحود.. وحسان بن ثابت مثال على ذلكم، ثم ازداد هذا الفن بريقاً وتألقاً خلال عصور الدولة الأموية وظهر الكثير من الشعراء العمالقة في هذا العصر كجرير والفرزدق وغيرهما….

ثم جاء العصر العباسي وبإمكاننا أن نطلق عليه العصر الذهبي لازدهار الأدب والشعر وغيرهما من الفنون ففي هذا العصر بلغ الأدب والشعر قمة مجديهما خصوصاً مع ظهور تصنيف وتدوين المصنفات الأدبية والترجمة من اللغات الأخرى وغيرها من العوامل الأخرى..

برز عمالقة كبار في مجال الشعر في شتى العصور..لا يتسع المجال لذكر اسمائهم ..

وبلا شك كل منهم يعتبر مدرسة قائمة بذاتها في الشعر..
حتى وصلنا إلى العصر الحديث ونبغ أيضاً فيه الكثير من الشعراء الفحول.. مثل أحمد شوقي وحافظ ابراهيم والبردوني والكثيرون غيرهم ..وخلال السنوات الأخيرة من عصرنا هذا شهدنا إنفجار ثورة في مجال المعلومات والتواصل الإجتماعي عبر الفيس والواتس والتليجرام وغيرهم..مما سهل للشباب نشر محاولاتهم في شتى الجوانب الأدبية والثقافية ومنها الشعر وبدأنا نرى محاولات كثيرة منها الغث ومنها السمين..ولكن في كل الأحوال قدمت هذه الثورة التكنولوجية خدمة كبيرة للأدباء والأدب للمثقفين والثقافة..
وفي ظل هذه الثورة المعلوماتية بدأت المنتديات الأدبية والثقافية في الظهور وبدأ الكتاب الذين لديهم مواهب في كتابة الشعر يتهافتون وينضمون إليها..وبدا سيل الرسائل الشعرية يسيل في جوانب هذه المنتديات والملتقيات..الفكرية

وطبعاً وبلا شك مع كثرة وزيادة الإنتاج الشعري تكثر وتزداد الأخطاء..خصوصاً مع غياب الجناح الآخر للشعر..وهو النقد البنَّاء الغير هدام..لم يستطع النقاد حقيقة مواكبة ومجاراة هذا الزخم الكبير من المحاولات الشعرية..وهم معذرون في ذلك فالكم مهول وإن كان هناك القليل والنزر اليسير منهم يحاولون جاهدين التوجيه والتقويم والإرشاد..لكن يبقى ذلك نادراً والنادر كما يقال لاحكم له..
وهناك عدة صعوبات تواجهها هذه المواهب الشابة..وهناك معوقات كثيرة وكبيرة تقف في طريقها..وهناك مشكلات عديدة تعيق وتقف في وجه هؤلاء المبدعون أهمها التجاهل وعدم الإهتمام ..وحتى من قبل المنتديات الأدبية ذات العلاقة فنلاحظ في الكثير منها التعامل مع هذه المواهب بأسلوب الإنتقائية الفجة فنجد أغلب هذه المنتديات الأدبية والقائمين عليها لا يتعاملون مع الجميع بمهنية ولكن بحسب الأهواء والعلاقات فمن لا تربطهم به صداقة لا يلتفتون إليه بل تراهم ربما يعملون جاهدين على تحطيمه وليس الكل طبعاً هكذا فكما هناك مثل هؤلاء نرى كذلك المخلصين والمنصفين والداعمين بحق للأدب والثقافة..وبرغم ذلك..

يجب على الشعراء الشباب المضي قُدماً برغم هذه المعوقات والإستفادة من تجارب و إنجازات الجهابذة..من شعراء العرب السابقين وسيصل البعض منهم إلى مرتبة هؤلاء الكبار وأكثر في يوم ما..لأن فرص المعرفة مهيئة أكثر لهذا الجيل من الأجيال السابقة.. فهناك سهولة بالغة في نيل المعلومات والحصول عليها لم تكن متاحة من قبل.. إذ ربما مثلاً كان (المتنبي) يسافر من دمشق إلى بغداد للحصول على كتاب أو معلومة أو ما يريد معرفته.. فيصل إليه بشق الأنفس وربما لا يصل.. وفي حالنا هذا يستطيع الفرد بكبسة زر الحصول على ما يشتهي من معلومات وبكل سهولة..

فلماذا لا نطمع بأن نرى شعراء يتفوقون على من سبقهم من الرعيل الأول..
ذلك ممكن وممكن جداً.. أيها الشباب .. لا تلتفتوا لقول من يقول: لن تلد النساء مثل المتنبي وشوقي والبردوني..وجرير.. والفرزدق… وو..الخ

ولن يأتي الزمان بمثلهم..فهذا القول ليس بصحيح.. الوحيد الذي لن يأتي الزمان بمثله هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.. حيث هو آخر الأنبياء ولا نبي بعده.. ما عدا ذلك.. فكل شيء ممكن وممكن جداً جداً جداً.

شاهد أيضاً

بخاري استقبل اللواء البيسري

أعلنت سفارة المملكة العربية السعودية على حسابها على منصة “إكس”، أن سفير خادم الحرمين الشريفين …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *