التعايش

الشيخ/ سلطان علي وهبان*_ اليمن

قيمة فطرية إنسانية منحها الله للبشر أفرادا وجماعات وشعوبا ليتمكنوا من إدارة حياتهم بشكل مدني وحضاري يحفظ النوع الإنساني من الانقراض ويمنحه القدرة على التطور.. والتعايش كقيمة إنسانية تشتمل على مصفوفة من القيم الإيجابية كالتسامح واللطف والنزعة الاجتماعية وقبول الآخر وغيرها.. ولولا التعايش وقدرة الإنسان عليه لانقرضت كيانات بشرية وشعوب نائية وصغيرة بسبب تسلط الآخر عليها.. ولكلا الحالتين الإيجابية الغالية والسلبية المحدودة نماذج عبر تاريخ الشعوب.

وينصرف الذهن عند إطلاق مفردة التعايش إلى مدلولها اللغوي المباشر وهو قدرة طرفين أو أكثر على العيش معا دون تأثر باختلافاتهم التي لم يختاروها غالبا: كالعرق والدين، واللغة، والمذهب، والانتماء.. ويتسع المدلول ويضيق حسب الأطراف وطبيعة الاختلاف.. وبالطبع فالمجتمعات كلما كانت القواسم المشتركة بينها أكثر فإن الصدامات عادة ماتكون أقل.. ولكن في الوقت ذاته فإن المجتمعات ذات الطابع التعددي غالبا ماتكون أكثر تحضرا وتطورا.

والإسلام كمنظومة مبادئ وتشريعات متكاملة يعزز قيمة التعايش، بل يعدها سمة إنسانية حضارية ميزت الإنسان عن سائر المخلوقات وجعلته أهلا للخلافة وإعمار الأرض وحمل الأمانة .. وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.. إن أكرمكم عند الله أتقاكم.
والمفهوم الشائع المستخدم لمصطلح التعايش هو : القدرة على التعامل بشكل سلمي بين أصحاب الأعراق والأديان والعادات والثقافات المختلفة، والتفاهم فيما بينهم لتحقيق السلم الأهلي والتطور الحضاري على وفق مبادئ العيش المشترك الأساسية وأهمها:الحرية، والعدالة، واحترام الآخر.

وتكمن أهمية التعايش بين الأثنيات المختلفة أمراً حيوياً في المجتمعات المتعددة الثقافات؛ حيث يساهم في تحقيق السلم والاستقرار الاجتماعي والتعايش السلمي والحوار البناء بين الأعراق والأديان والمجتمعات المتعددة الثقافات.
فالتعايش السلمي بين الأديان يعزز التسامح والتفاهم ويسهم في تقوية العلاقات بين الأفراد والمجتمعات المختلفة، ويعمل على تعزيز الاندماج والاحترام المتبادل.

والأصل الغالب هو قدرة الأفراد والجماعات على التعايش؛ فحاجة الإنسان والأسرة والقبيلة والشعب إلى آخر يتبادل معه مصالحه، ويحقق معه الرخاء، ويتكامل معه… ولكن العقل البشري النزاع للتسلط والاستبداد كثيرا ما يتدخل ويفسد ذلك مغذيا الخلافات لتصبح مشاريع صراع تستثمرها نخب سياسية محدودة هنا وهناك.. وماقام به النازيون في ألمانيا بقيادة هتلر من إثارة العنصرية القائمة على العرق وتضخيم فكرة التفوق لدى العرق الأبيض الذي يجب أن يسود في أوروبا دون غيره.. وقد دفعت البشرية ثمن ذلك قرابة ٨٠ مليون إنسان، فضلا عن الكوارث والخسائر الفلكية..

لذلك؛ فالتعايش هو طوق النجاة الوحيد الذي يضمن البقاء والعدالة للأغلبية وللأقليات، ويضمن الاستقرار، وتطور الشعوب والدول.
ومن هنا وبعد تكرر نماذج اللاتعايش في أفريقيا وأوروبا وآسيا .. ظهرت أفكار كثيرة بتقنين وفرض مبادئ واتفاقيات تضمن احترام التعايش السلمي وإسناد حمايتها للمجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية ومحاكمه المختلفة… وذلك لمنع التغول بين الشعوب والجماعات.

*باحث ماجستيرإدارة أعمال.

شاهد أيضاً

تطور هام في جبهة دونيتسك

عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية . في تطور مفاجيء اندفعت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *