ديمقراطية جمال عبد الناصر

جمال اسعد 

احتفلنا بالأمس بالذكرى الـ٥٣ لرحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر. وفى مثل هذه المناسبة نعيش حالة من حالات الاستفزاز وتصفية الحسابات السياسية والشخصية والنفسية من رجل رحل منذ أكثر من نصف قرن!! وهذا يعنى عمليا وموضوعيًا أهمية الرجل وعصره ومواقفه سواء كانت فى الإطار الايجابى أو السلبى. وهذا أمر طبيعى حيث أن ناصر بشر غير مقدس ويخطئ ويصيب. ولذا تلزم هنا الموضوعية فى الحكم والتقييم. حيث أن الأنظمة والزعامات تحاسب وتقيم فى إطار وعلى ضوء الواقع والزمن التاريخى الذى احتوى الحدث وشاهد الزعيم. فالتاريخ بشكل عام يُقرأ فى إطار معطيات حقبته التاريخية بعيدًا عن الواقع ومعطياته التى يمكن ألا يربطها رابط بتلك الحقبات السابقة. ولكن للأسف نعيش فى الغالب فى مناخ غير موضوعى تسيطر عليه العاطفة فتتحول الأحكام إلى أحكام مطلقة لاعلاقة لها بأى نسبى.
وضمن هذه الأحكام العاطفية المطلقة من يقول (لا وجود للديمقراطية فى عصر ناصر). فنسمع أكلاشيهات وشعارات أصبحت محفوظة ومملة من كثرة تكرارها. فما هى حكاية الديمقراطية هذه؟.. بداية، فالديمقراطية مصطلح يونانى يعنى حكم الشعب بالشعب وللشعب. مع العلم أن هذه الديمقراطية اليونانية لم يشاهد فيها الشعب ولم يمارس أى ديمقراطية حيث كانت ديمقراطية نخبة النخبة ولا وجود للشعب!! حيث كانت ديمقراطية مباشرة أى يجتمع مايسمون بالشعب ويناقشوا مايريدون. ثم تطور الأمر واخذت الديمقراطية أشكالًا متعددة اتساقًا مع المتغيرات السياسية فكانت الديمقراطية الغير مباشرة ثم الديمقراطية النيابية التى ينتخب فيها الشعب نوابًا ينوبون عنه فى التعبير عن الرأى. كما أننا نشاهد الآن انحسارا عمليا للديمقراطية النيابية معطية الفرصة للديمقراطية الجماهيرية (الشعبوية) عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي. على كل الأحوال فهذا يعنى أن الديمقراطية مسمى ومصطلح لا ينحصر فى ظل نظام بذاته. بالانظمة والتجارب السياسية لا تستنسخ ولا تستورد وإن كان هناك استفادة تتوافق مع المعطيات المجتمعية والسياسية والاقتصادية لكل نظام.

شاهد أيضاً

تقرير صحفي للفايننشل تايمز حول وضع القرى المهدومة في جنوب لبنان

عن صور الخراب عن  أقمار صناعية نشرتها “فايننشال تايمز”: الجيش الإسرائيلي يهدف إلى إقامة “منطقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *