ذاكرة الغياب…..لآخر التراث.. بين الطقيه والسروال…..

علي منير مزنر

عيبُ السنين أنهَا … تَصنعُ الذكريات
وعيبُ الذكريات أنها … لا تُعيد لنا السنين
‏ولكن …
يَبقى الحبُ عهدًا و العهد دينًا لا ينتهى و لا يموت…
الحج حسين قدوح لم ينثر غير بذار الحب ..
فكان نافذة الصباح بين ازقة الضيعة ..
ليمنحنا زاداً تحلو معه الحياة
فكان رعشة الحياة في كل فصولها…. إنها الحقيقة التي ترسمها الحياة مع لباس التراث العربي الأخير للضيعة..
الحج حسين قدوح الذي كان مواظباً على صلاة الجامع.. فكان بلاغة الطرفة النادرة مسكوناً بخفة الظل مع الإطلالة والابتسامة الدافئة الهادئة التى كانت تعتصره حزنآ وفرحا لا يدركها إلا صاحبها.. كان يضيء عتمة الضيعة بالنكته والضحكة… فكان ذاكرة تختلط بكلماته المحبة والمستحبة التي تؤنس جليسيه..

انطفآ المصباح وغاب السروال وآخلت الطرافة والظرف… فكان ذاكرة المكان في ذاكرة التاريخ وحين تعرف الامكنة تعرف الواقع….
الحج حسين قدوح لم يكن مجرد ذاكرة عابرة بل وجدان متكامل ينبض بالمواقف مع رعد الاصداء وغيث المراحل وغلال المواسم.. وما قصته مع رياض بيك التامر… إلا أنها من أجمل الطرف.. فكان القدر يومها من العادلين..
شميل يتكيء على نوار…
والحقل يتكيء على البيدر
وأنا اتكآ على راحة (حلقوم البيك)…..
سلاماً على من أتقن رسم حكايا الماضي… فأتقن رسمها ونحتها مع خفة الظل وسلامً على من سمع الحكايات فتعانقت الأرواح دون أن ترى بعضها وآلف سلام لروحك..
إياك أن تذهب بعيداً والأقمار مع النجوم تلهو وتتمتّع.. فأبو ذيب شمس لا تغيب مع أوجه الشبه بالحج حسين.. ذاكرة وتراث فهو عبارات رقيقة تطرق باب اسماعنا ومعانٍ دافئة تداعب قلوبنا ..
هو وجه الشمس المبلل بحكايا حواكير الضيعة وخيط المغزل..
هو الذاكرة المليئة حباً وشوقاً وعشقا فيجعل الفكرة نغماً ونغمات مع الضحكة القديمة
أبناء جيله كانوا يتبعون الصمت.. وهو خرير صوت الماء وآنين الحجر… كأسراب الطيور الهائجة…
حين يرحل هؤلاء القدامى نحتاج أن نلتفت إلى الماضي…. أبو ذيب مازال يعزف الماضي مع الصوت الجبلي الذي يحمل بين طبقاته كل مشاعر الحب ممزوجاً بغضب وآسى وحنين الماضي..
هو حارس طلعة خلة الدالية التي تقصف العمر.. هو جار الشواهد للمقبرة يحمل كفن الريح……
أبو ذيب ولد مع السيكارة التي لم يتركها.. إلا حين تمردت عليه فكانت سيجارته شعلة كوهج الشمس يضعها بين شفتيه ليحرق سر الخلطه السحرية لمشاطيح (أم نجيب)…
هو الحنين وترميم الذكريات واسفرة الحكاية وبلاغة الرواية…
اليوم ذبُلُت بين تجاعيد وجهه حكايا الماضي فأصبح مع عكازه يلملم بقايا الحنين مع وجع الحياة على انغام السنين…
هو نبض الحياة ما يشبه العزلة الأقرب إلى حياة النساك على كتف خلة الدالية بين التأمل لشواهد القبور والتواصل مع الطبيعة… عيونه ربيع دائم يفيض بالعطاء… فهو تراث لآخر طواقي الضيعة…
لك العمر المديد أبو ديب.. أنت دبس العنب… نكاية بالعسل…

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *