وطن ضحية شعبه


د. ليون سيوفي
باحث وكاتب سياسي

أتردد دائماً أن أكتب عن الشعب المتمسك بالقيم والمشاعر والاخلاق لكن هناك ما يشدني لأقول الحقيقة ولو كانت مُرّة ..
شعب بدلاً من تحقيق العدالة عبر مساءلة مجرمي الحرب، بعد انتهائها، سمح لهم وجعل منهم سياسيين حيث تسلّقوا هرم السلطة تحت أعينه وفسح المجال لزعماء الحرب كي يتقاسموا المغانم، من مناصب سياسية وإدارية ومرافق اقتصادية حيوية حتى تحكّموا بمقدّرات البلد ونهبوا مواردها بأشكال مختلفة، متحصّنين داخل قلاعهم الطائفية وامتيازاتهم السياسية وولاءاتهم الخارجية وشعب موافق ومناصر لهم حتى التأليه.
لا بل أصبح هؤلاء “الزعماء مقدّسين” لدى جماهيرهم المصابة بالعمى والغباء الموروث.
ألحرب اللبنانية لم تضع أوزارها، وإنما اختلفت أدواتها، فبعدما كانت الأسلحة المستخدمة آنذاك تقتصر على النار والبارود، باتت اليوم على شكل شاشات وإذاعات ، صحف وإعلام ومواقع إلكترونية تقع غالبيتها في قبضة زعماء الطوائف، وزعماء الأحزاب والتيارات المتصارعة والشعب مقسوم ويدافع عنهم بشراسة هل هناك أغبى من هذا الشعب؟..
أعلم جيداً سينتقدني السخيف ويفتح جبهة غبائه مدافعاً عن أسياده الفاشلين الفاسدين.
هل تعلمون أنّه لا يوجد من يُخطئ في لبنان واللوم دائماً على الآخرين.
هل تعلمون أنّ الأحزاب السياسية التي ساهمت في شرذمة هذا الشعب المسكين ، وتورطت بالفساد حتى العظم هي أيضاً لا تُخطئ؟
لن أستثني أي حزب في هذا الموضوع، لأن ممارسة العمل الحزبي السياسي في لبنان يتطلب تبعية سياسية من المواطن للحزب ورئيسه، وهذا يعني دفاعًا ولو عن الباطل في سبيل نُصرة سُمعة الحزب أو رئيسه.
شعبٌ متعوب عليه همه زعيمه ومن ثم كرشه و نرجيلته ولو على جثث المواطنين.
والمدهش في أمر هذا الشعب أنّهم يُحبون وطنهم ويتهكمون عليه.
يريدون بناء وطنهم لكن يبررون تدمير أملاكه العامة والخاصة فداءً للسيد الزعيم وكأنه فرض وواجب..
لبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي يعطي المجرمين “حق الحصانة الطائفية”، فمعاقبة شخص على جرمٍ ارتكبه تستوجب موافقة مرجعيته الطائفية، التي لها حقّ القبول أو الرفض.
شعب نفسه غاطس حتى النخاع بالفساد.
فظيع أمر هذا الشعب الذي أينما حلّ ينخرط ويندمج في المجتمعات المضيفة، لكنه يأبى الانصهار داخل حدود وطنه.
تذكروا دائماً المأساة الاقتصادية المعيشية البيئية والصحية حتى السياسية والأمنية، التي يعانيها الشعب اليوم، فهو وحده يتحمّل مسؤوليتها.
من منا لا يتذكر عندما قال أحد السياسيين في مقابلة تلفزيونية شهيرة: “لو ثمة محاسبة حقيقية في لبنان… لَما كنا، أنا والزعماء الآخرون، موجودين في الحكم اليوم”.
شعب يفدي زعيمه بدمائه ماذا يكون ؟
هبيل ومن ثم هبيل ومن ثم “سوبر” هبيل
بسكوته وخنوعه فهو سبب تعاسته وتعاسة أولاده ..
من سمع ما قاله امير قطر عن لبنان في الامم المتحدة وماذا يخطط لنا في الكواليس الدبلوماسية يعلم عن ماذا اتكلم فبوجود ثلاثة ملايين ونصف نازح و لاجيء على ارضنا الخطر اصبح محدقاً والسبب هو سكوتك..
لكل مناصر أو محازب أقول دُمت ودام زعيمك فوق رأسك أيها البسيط ورحم الله بسببك وطناً كان اسمه لبنان.

شاهد أيضاً

تداعيات استشهاد قائد وحدة عزيز في الحزب

عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية – في البعد الوجداني : …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *