اليهود وأبناء الطلقاء.. مثلث مكر وإجرام وخديعة

 

د. جميل ظاهري

تشابه كبير إلى حد التطابق في حياة وأفعال وأقوال وأعمال وسياسة اليهود والطلقاء{قال الرسول مخاطبا قريش بعد فتح مكة: اذهبوا فأنتم الطلقاء- «ابن القيم» في كتابه «زاد المعاد»} وأبنائهم واحفادهم ومن سار ويسير على نهجهم منذ بزوغ شمس الرسالة الختمية حتى يومنا هذا ملئت التاريخ الماضي والحاضر بصفحات سوداوية محشوة متظخمة بمكر ونفاق وخديعة وإجرام واحتيال وتحريف وتزيبف.. صفحات حمراء ممتلئة بدم أولياء الله من أنبياء ورسل واوصياء وأئمة هداة، عبر سبل الإرهاب التكفيري والاغتيال السياسي والعسكري تنتهي بعملية قتل منظمة للشخصية التي تعيق ألاعيبهم وإجرامهم ومخططاتهم الفرعونية وسياستهم الإستحمارية، ونشر أفكارهم الضالة المضلة المنحرفة مستخدمين في الكثير من الأحيان الدين كوسيلة لنيل الهدف وتحقيق مشروعهم في “اغتيال رسالة سماوية” أو “اغتيال فكر” أو “اغتيال قضية” أو “اغتيال وطن” أو “اغتيال البراءة” وغيرها من التعابير المجازية.
الأمم السابقة لم تعرف انتهاكات صارخة وكثيرة وشديدة للنفس الانسانية كما عرفته “أمة اليهود” ماضياً وحاضراً، بل وإن وحشيتهم فاقت كل التصورات التي قد يدركها العقل البشري.. فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: “كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْيَوْمِ تَقْتُلُ ثَلاثَمِائَةِ نَبِيٍّ، ثُمَّ يَقُومُ سُوقٌ لَهُمْ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ”؛ كيف يمكن لنا أن نتخيل أمة أو قوم بهذا الجحود والوحشية وقسوة القلب وتحجُّر الفؤاد تفعل مثل هذه المجازر بأنبياء الله سبحانه وتعالى ورسله وأوصيائه، فهم كما وصفهم القرآن الكريم: “لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا..” سورة المائدة – الآية 82.. فهم يمتلئون حقداً وغيظًاً على المؤمنين من الديانات الآخرى، ويودون لو يتمكنون من رقابهم فيجزونها جزّاً، غير مبالين بمواثيق ولا معاهدات ولا اتفاقات، بل إن اتفاقاتهم ومعاهداتهم ما هي إلا أُبر تخدير، وأدوية تنويم، يستخدمونها وأذنابهم وحلفائهم في داخل الأمة لإستغفال المؤمنين وصرفهم عن حقيقة الصراع.
غالبية القرآن الكريم يذكر “بني اسرائيل” بالمكر والغدر وقتل النفس المحرمة وانتهاكهم للحرمات والمقدسات وعدم انصياعهم لأوامر الله سبحانه وتعالى وتعطشهم للبطش وسفك الدماء بغير حق كقوله تعالى: “أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ”{البقرة:87}، وقوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ{آل عمران:21}، وقوله تعالى: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ {البقرة:61}. حيث قتلوا عشرة آلاف نبي ورسول في زمن إلياس لوحده من غير العدد الكبير من الأوصياء والصلحاء والمؤمنين منذ بدء نشأتهم وحتى يومنا هذا، رغم ما جاء من نهي كبير بحجم التوراة في “شريعة اليهود” التي لا تختلف عن سائر الشرائع السماوية بتحريمها القتل او الاعتداء على الاخرين سواء بالضرب او بالقتل او غير ذلك.
وجاء في سفر يوبيل “ملعون من يضرب صاحبه بحقد”، وفي سفر الخروج “من ضرب انسانا فمات فانه يقتل”، وفي اللاويين “إذا أمات أحد إنساناً فأنه يقتل”، وهي إحدى الوصايا العشر التي وردت في سفر الخروج وكذا في سفر التثنية وهي “لا تقتل”، لكن “بني اسرائيل” لم ولن يعملوا بشريعتهم والقتل أسهل شيء عندهم حتى قتلهم للانبياء والرسل والأوصياء؛ فيذكر ابن القيم “ان اليهود في يوم واحد قتلوا 70 نبيا”؛ وكان من بين الذين اغتالوهم وقتلوهم اليهود أو حاولوا لذلك هم: “يوشع بن نون، وشعيا أو اشعيا، وارميا، ودانيال النبي، وحزقيل، وعاموص،وزكريا، ويحيى بن زكريا الذي ذبحوه شقاً بالمنشار، وعيسى بن مريم” عليهم السلام أجمعين .
حاول اليهود وبمساعدة قريش خاصة بنو أمية الطلقاء بقيادة أبو سفيان وابنه معاوية، اغتيال رسول الرحمة والهداية المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم مرات عديدة وشارك فيها العديد من كبار الصحابة، حيث تروي كتب العامة والخاصة أن الرسول الأكرم (ص) تعرض لأكثر من عشرين محاولة اغتيال طيلة حياته الشريفة والمباركة ومنها محاولة اغتياله (ص) ليلة المبيت، وفي غار ثور، ومحاولة سراقة بن مالك الجشعمي، ومحاولة أبوجهل (عمرو بن هشام)إلقاء حجرة كبيرة على رأس الرسول (ص)، ومحاولة عمر بن الخطاب قبل إسلامه، ومحاولة عقبة بن أبي معيط في غزوة بدر الكبرى، وعدة محاولات في معركة أحد منها محاولة بن أم قمئة وضربه بالسيف على كتفه المبارك (ص)، ومؤامرة يهود بني النضير، ومحاولة رؤساء بني عامر الثلاث وهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس وجبار بن سلمى بن جعفر، ومحاولة دعثور بن الحارث في أطراف المدينة، ومحاولة فضالة بن عمير الليثي عندما كان الرسول (ص) يطوف حول الكعبة .
أما محاولة اغتياله في العقبة فلها حديث آخر تلك التي شارك فيها كبار الصحابة حسب ما رواه حذيفة قائلا: “هم والله أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص ، هؤلاء من قريش وأما الخمسة فأبو موسى الأشعري والمغيرة بن شعبة الثقفي وأوس بن الحدثان البصري وأبو هريرة وأبو طلحة الأنصاري”- رواه الامام أحمد في المسند (5/453)، والطبراني في المعجم الكبير، وفي مجمع الزوائد (1/110-111)، والبزار في مسنده (7/227رقم2800)، والضياء في المختارة (8/220-222 رقم 260،261) ومصادر عديدة اخرى لا يتسع المقال لذكرها جميعاً.
كل تلك المحاولات كانت قبل أن يتم اغتيال النبي الأكرم محمد الأمين صلى الله عليه وآله وسلم بمؤامرة اليهودية الماكرة “زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم” زعيم خيبر بشاة مشوية مسمومة أودت بحياته المباركة لتلتحق روحه الطاهرة برفيقه الأعلى، كما روى ذلك الصحابي المخلص عبد الله بن مسعود : “لئن أحلف تسعا أن رسول الله قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك إن الله اتخذه نبيا واتخذه شهيدا” – سيرة ابن كثير ج4 ص 449.. حيث نعيش هذه الأيام ذكراها المفجعة الأليمة التي تذكرنا بمكر وخديعة ونفاق وإجرام وتحالف الطلقاء وأبناء عمومتهم اليهود اعدا أعداء الله سبحانه وتعالى ورسله وانبيائه والمؤمنين على طول حياة البشرية.

*[email protected]*

شاهد أيضاً

تداعيات استشهاد قائد وحدة عزيز في الحزب

عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية – في البعد الوجداني : …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *