رحل طلال سلمان.. أحد ألمع وأذكى الصحفيين العرب

القاضي حسن شامي 

اختلفنا مع طلال سلمان في علاقته بمعمر القذافي ( أعتقد جازما أن الكاتب الكبير وأحد أهم منظري ما يسمى الحركة الوطنية آنذاك، أجرى بعد سنوات مراجعة نقدية وتبين له أن موسى الصدر كان على صواب في كل ما قاله وفعله).

لكن لا ينكر أحد أنه أحد ألمع وأذكى الصحفيين العرب.

لم يكن قلمه عاديا…وأنا من الذين أدمنوا قراءة “السفير” مذ كان عمري عشر سنوات.
ولا أزال أحفظ بعض مقاطع من مقالاته أو عناوين الجريدة بدءا من إجتياح ١٩٨٢ وحتى إغلاقها( وهو قرار غير موفق حرمنا من متعة أفضل صحف الشرق الأوسط على الإطلاق).
طلال سلمان و”سفيره” كانا علامة فارقة في تاريخ لبنان، بل العالم العربي الذي كان يعشقه “أبو أحمد”.
لكثير من اللبنانيين والعرب في جيل السبعينيات والثمانينات والتسعينيات ذكريات جميلة قبل زمن الإنترنت.
كانت جريدة السفير تحفة بين الأيادي كل صباح …نتناول الفطور معها …نقرأ تقريبا ثلاثة أرباعها….بما فيها الكلمات المتقاطعة المسلية والمفيدة. وكنت أتوقف دائما عند مقالات ساطع نور الدين وفيصل سلمان وعلي الموسوي و”حكمت عبيد” وغيرهم ممن أبدعوا في “السفير” على مدى أعوام طوال.
وكان الأجمل: إعارة الجريدة إلى صديق أو جار أو قريب…كأنك تهديه كتابا كاملا أو شيئا ثمينا.
لا أزال أذكر مقالة الراحل عند إغتيال القضاة الأربعة في صيدا…عندما أقاموا له جمعا في مدينة صور وإستهل الكلام بجملة: {هنا في صور حيث تشم رائحة فلسطين}…عندما ناشد باسم السبع ونجاح واكيم بعد سجال عنيف بينهما لأيام قائلا:
{يا أصدقاء السفير: كفى}…وإكتفوا فعلا…أو رائعته في المنافسة: “النهار” التي تناولت جبران تويني المؤسس وجبران المجدد وبينهما الكبير الكبير غسان تويني.
أحتفظ حتى اليوم بمغلفات عديدة تتضمن قصاصات لأخبار ومقالات منها ( هكذا كان ال save وقتها).
أزعم أنه بعد غياب “السفير” لم يعد لي مزاج في صحيفة أخرى (مع الإحترام لباقي الصحف).
وأزعم أنه برحيل الأستاذ طلال خسر لبنان والعرب كاتبا نادرا في جودة كلماته، وإن كان هناك “عتب” على بعض المواقف.
إلى جوار رب رحيم …ولعائلته الصبر والسلوان…وداعا طلال سلمان.

شاهد أيضاً

إردوغان والأسد إن التقيا “قريباً”.. في بغداد أم أبو ظبي؟

  توفيق شومان تبدو المساعي العربية والإيرانية والروسية في سباق غير معهود لإنتاج تسوية سورية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *