هل من الضروري ان ندلو بدلونا في حدث عمرو دياب ؟ربما لا، وربما نعم

طارق مزرعاني 

هل من الضروري ان ندلو بدلونا في حدث عمرو دياب ؟ربما لا، وربما نعم ..واذا انتقدنا من حضر الحفل لعدم اهتمامه بحال البلاد ألا نكون مثله نهتم بموضوع هامشي بالنسبة لمواضيع أخطر وأهم؟! قد يكون الانتقاد سهل وقد لا يفهمه البعض إلّا كنتاج لغيرة او حسد او كره لهذا الفنان او ذاك او نوع من التنمّر على جمهور له الحريّة فيما يفعل او من يُحِب، وقد يكون هذا الحدث فاقعاً ورمزياً في دلالته على استهتار الناس باحوال بعضها البعض ولكنّه ليس الحدث الأوحد في هذا الباب ، فهذه الحالة موجودة وعامة تقريباً ،فها نحن نرى الاعراس تُقام بجانب المآتم ونرى أغنياء يعيشون البذخ والترف فيما لديهم أقارب في قمة العوز والفقر ، واذا ذهبت الى المطاعم والمنتزهات فلن تجد لك مكاناً، وكأنّ هناك حالة إنكار لما نحن فيه من أزمات ومآسي، كما نجد من يتصرّف أو يعيش حياته الطبيعية وكأنّه في وضع طبيعي وربّما في وضع حتّى أفضل من الطبيعي،

وبالأساس هل طالت الازمة كل الناس؟أليس هناك أصلاً من لم يتأثّر بما جرى أو ربّما ازداد غنىً في هذه الازمة أو استفاد منها،لا بل إنّ بعضنا يجد نفسه غريباً في تأثّره بالأزمة فيما من حوله يعيشون حياتهم العادية،لا بل يجدون وضعه المتأزّم هو الغريب! حتّى ليتساءل المرء في قرارة نفسه :هل هناك أزمة فعلاً؟!
نعم هناك دائماً نصف ملآن من الكأس ونصف فارغ،ودائماً كان هناك في لبنان- وفي كل البلدان ربما- أناس فقراء او اناس يموتون او يقاتلون وآخرون في حالة غنى وفرح وسعادة ،هؤلاء موجودون ولهم مبرراتهم وأولئك موجودون ولهم مبرراتهم.

ولكن بدون شك يوجد في لبنان أصلاً أزمة تضامن وطني أو بالأحرى أزمة إنتماء للوطن، كما نجد ظاهرة الاستعلاء على الآخر منتشرة وظاهرة “بيكفي إنّك لبناني” لتكون افضل من غيرك ، مع العلم أنّ في لبنان مظاهر تخلّف وفوضى وفساد وتلوّث بيئي وبصري وصوتي وفكري وأخلاقي لا تدعو للفخر أبداً.

أمّا الذائقة الفنيّة فهي تختلف بين شخص وآخر وبين جيل وآخر أو بين طبقة اجتماعية وأخرى، ودائماً كان النخبويّون ومن لا يعجبهم العجب قلّة ولطالما كان عامة الناس ميّالون إلى الفن السهل والمليء بالإثارة والى ما يروّج له الاعلام والمؤثّرات الحديثة صوتاً وصورةً، ومهما فعلنا سيميل معظم المراهقون والمراهقات إلى الفنان “المهضوم” واضع السلاسل حول عنقه والاوشام على زنده وقد كنا مراهقين ومرّينا في هذه التجربة، نعم ، الظاهرة في لبنان طاغية ، وللاعلام دور في الترويج للسائد ولو كان سطحياً على طريقة “الجمهور عاوز كده”، ونلاحظ هذه الظاهرة في تصديق الجمهور للعرّافين وعدم تأثّره بكبار المحلّلين والعلماء، ربّما نحن بحاجة إلى نوع من ثورة ثقافية -ليس بالضرورة مثل الثورة الثقافية الصينيّة-ولكن يجب أن تشمل كل المجالات سواء الفنيّة او الثقافية او السياسية او الدينية الخ،، وتبدأ من عامة الناس وذلك لرفع مستوى الذائقة العامة ولو بالحد الأدنى من خلال إحياء التراث الفني والفلكلور وتطويره والترويج للفن الراقي وجذب الشباب اليه سواء كان شعراً او رسماً او غناءً او مسرحاً او اي مجال ابداعي … وكذلك ثورة في التعليم والتربية المدرسية والعائليّة وفي طرائق التفكير والسلوك لخلق جيل اكثر تواضعاً واخلاقاً وانفتاحاً فكرياً ، وأقل انتفاخاً وعنصريةً وغروراً وسطحيةً وحباً للمظاهر، جيل يحترم الانسان كإنسان بغض النظر عن لونه ودينه وعرقه وفخامة ثيابه ومظهره وسيارته وبيته وغناه المادي وما شابه…. فهل نستطيع فعل ذلك؟!

الايام الآتية ستعطي الجواب…

شاهد أيضاً

كفرشوبا عنوان الوطنية وعنفوان الصمود

  بقلم الكاتب نضال عيسى على سفوح جبل الشيخ تستريح قرية جميلة هادئة بطبيعتها ومتمردة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *