من صراع المشايخ الى صراع الشيوخ

د. محمد مهدي د. نزار دندش

فُتِحتْ في لبنان جبهةٌ جديدة للصراع وهي هذه المرة بين شيوخ من المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وشيوخٍ آخرين من الطائفة الشيعية نفسها . فقد أصدرتْ هيئة التبليغ بياناً طالب بتجريد الشيوخ الآخرين من عماماتهم لأسبابٍ ما زالت غامضة في حقيقتها مع ان وسائل التواصل الاجتماعي قد اجتهدت كثيراً في تفنيدها لمحتويات هذا البيان الذي نقضه فيما بعد سماحة الشيخ علي الخطيب ( الذي لم يوقّعه أصلاً ) .
هذا البيان دغدغ الكثيرين ، وأنعشنا ليس بسبب أهدافه التي نجهلها ، بل ولا نريد معرفتها ، فنحن لا نعترف بأي هجومٍ على شيوخٍ من هذا الزمان الا اذا كان يحمل شعار : من أين لك هذا ؟
وقبل ان نُعبِّرَ عن سبب فرحتنا دعونا نناقش في شكليات البيان الذي لم تتبناه قيادة من اصدره .
ما معنى ان نطلب من شيخٍ خلعَ عمامته ؟
العمامة ليست لباساً عسكرياً يخلعه الجندي عندما يخرج من الخدمة . والعمامة حسب معرفتنا كان يضعها على رأسه كل مسلم، أكان شيخاً ام لم يكن . فهل يحق لأية سلطة روحية ان تطلب ذلك ؟!
المنطق يقول لا !
وإذا عدنا الى البيان وطرحنا على مصدّريه السؤال التالي :
اذا كانت عماماتهم تضر بالمسلمين فلماذا سكتّم على الإضرار كل هذه السنين ؟ أليس في ذلك تقصير يستحق الإدانة ؟!
لكن لماذا فرحنا بالبيان ؟
لقد فرحنا بالخطوة وليس بالبيان لأننا ومنذ زمن طويل نتساءل بصوت عال وعلى مسمع الجميع : ما دام الطبيب يخضع لامتحان كولوكيوم قبل ان يُسمح له بممارسة مهنة الطب ، وكذلك هي الحال مع الممرض والمهندس وغيره ، فلماذا لا يخضع الشيخ المتخرج حديثاً لامتحان الجدارة ، اي الكولوكيوم ؟! وهو ضروري لمن يصدر الفتاوى التي قد تكون اكثر خطورة ومسؤلية حتى من العمليات الجراحية .
فلكي تكون الفتاوى شرعية ، واقعية ، عصرية وصادقة لا بد لمُصدرها ان يكون فاهماً جديد العلم ( علماً بأن بعض المرجعيات تستعين بمستشارين من الخبراء ) . ولو حصل امتحان الجدارة بنزاهة لقلّ عدد المعمّمين .
وفي النهاية ننصح الأخوة المشايخ بالحوار ، عن طريق المناظرات التي يحتملها الصدر الوسيع ، فالطُرُقُ الأخرى قد تؤدي الى التشرذم وانفلات الأمور . وما أكثر الشبابيك التي ما زالت من زجاج .

 

شاهد أيضاً

لبنان بين المِحِن ٠٠ والمحَن !!.

بقلم المهندس عدنان خليفة ٠٠٠ في جمهورية برلمانية أصبح فيها انتخاب الرئيس نوعاً من الترف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *