الوطنيّة والوطنْجيّة.

رئيس المركز الحضاري للحوار                                الدكتور المهندس سمير الحسيني.

كثيرون يتباهون بوطنيّتٍهِم الخالصة والبعض يتماهون بما يملكون من تاريخ وعِبَر عن وطنهم الخالد بحسب رأيهم.

آخرون يرون المشهد المُعاكس لما هم فيه ويُنادون الخلاص للهجرة منه إلى بلاد يحلمون بها ولا يدرِكون بأنها ستُصبح كابوس حقيقي وواقع لهم ولمن معهم.

الأراء كثيرة عديدة والأفكار تتجدّد حسب الأهواء والمصالح، فمنهم المُخلصين والثابتين على مواقفهم الغير مُتأرجِحة دون مهادنة، ومنهم من يميلون يميناً وتارة يساراً وتارة صعوداً ثم نزولاً وتارة أخرى مع النظام ثم ينقلبون ضدّه مع المعارضة لأنهم خارج السلطة الفاشلة مع أنهم شركاء متّحِدون مُساهِمون وبتسجيل رسمي على الإنهيار وإستشراء الفساد والسرقات المُعلَنة وما وراء كواليسها.

الوطني منهم هو من يعشق جذور أجداده وآباءه وحيث إنتموا، يفني حياته بعمره وسنينه باحثاً عن ملجأ له ولربعِهِ في أرضه حيث وِلِدَ وترعرعَ ونشأ ليُدفن بها تخليداً لذكراه وإرثاً طيباً يزرَعَهُ فيها دون مِنّة او بُهتاناً وحُبّاً بوطنِهِ فيعمل عل إثراء نفوس عائلته كما هو وكما بنى به وطنيّته الراسخة عبر الزمن.

الوطنجي منهم هو مواطن دون الدرجة السُفلى، بدون مبادئ ولا عناوين ولا معاني يُدرِكُها لبناء هيكل له، فيتنقّل في وطنه كسائح يلتقِط الصور الفوتوغرافيّة لتوثيقها لعلّه لن يعود مرة ثانية إليها فتكون له مُجرّد أوراق مُلوّنة يمزِّقُها حين يمل منها او يستعملها كلوحات على جدران منزله المُتنقِّل بين الأحياء والممرّات باحثاً عن وطن بديل لخيانته العُظمى ولأصله وفصله وتراب أرضه.

“الوطني” هو أنت وانا وكل من رسّخ جذوره في وطنه للبقاء والعيش فيه.

“الوطنجي” هو ذاك الرخيص الباحث عن سرقة ما لِيُغني روحه العَفِنة المُتَّسِخة.

“الوطني” هو من هاجر طوعاً مُتغرِّباً عن أهله وناسه بحثاً عن لُقمة عيش كريمة هنية في بلاد الله الواسعة وعينه وقلبه على وطنه الأم.

“الوطنجي” هو من يحوم ويدور ليجد ثُغرة في قانون هش ليفرش خبائثِهِ ويفترس من حوله لينهش عظامهم حُبّاً في السلطة والجاه والمال.

“الوطني” هو من دافع وناضل من أجل الصمود ضد عدوّه الداخلي أولاً والخارجي ثانياً وأخيراً ويرى بأن أرضه وما حولها من حدود حق وعليه أن يُحارِب من يحاول أن يستهين بها وبجوارها ويحميهم برموش عينيه وبكل ما يملك من مقدِرة وإمكانيات ولو بسيطة.

“الوطنجي” هو الهارب من إيمانِهِ نحو الظلام الدامس وسيغرق في وحول الخيانة لا مُحالة وسيُرمى كما الشيطان حيث وُجِدَ بِحجارة من سجّيل وعن قُرُب بدون عوائق ومسافات تفصل بينهما ولا خطوط وهميّة ممنوع التجاوز عنها لتُصيبه في الهدف المُستحب.

صور في ١ _ ٧ _ ٢٠٢٣.

 

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *