قرار للمالية يفرمل آليات العمل في “المصنع” ويجهض الخزينة.. صالح: قرار يوحي بعدم الثقة


أحمد موسى

كواليس
– مع بداية الأزمة السورية التآمرية وعلى مدى اثنا عشر عاماً أصيبت المعابر الحدودية البرية بين لبنان وسورية ب”نكسة” كبرى وصلت حد “النكبة”، أغلقت كافة المعابر البرية الواصلة مع الأراضي اللبنانية، في ظل الحرب الكونية والتحركات التخريبية الإرهابية المتسارعة التي بدأها الآخرون، ليتبعها انتشار فيروس “كورونا”. وتحوز نقطة المصنع الحدودية البرية في البقاع اهتماماً كبيراً مقارنة بـ”اخواتها” من نقاط العبور البرية في لبنان، فنادراً ما يُسمع باسم نقطة العبور في منطقة القاع رغم اهميتها الاستراتيجية أيضاً بصفتها نقطة عبور بري مع سورية.

وكانت “وزارة الداخلية السورية”، إن قرار وقف حركة القادمين إلى سورية من المعابر اللبنانية يشمل المواطنين السوريين، لكنه يستثني مرور سيارات الشحن، التي سيخضع سائقيها لفحوصات طبية.


وجاء قرار الدولة السورية بإغلاق المعابر بعد أيام من قرار لبناني مشابه، أٌغلق معبر المصنع الحدودي بموجبه، كخطوة احترازية، بعد ارتفاع معدل الإصابات بفيروس “كورونا” في لبنان، إلى جانب الوفيات.

ورغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية والحكومة اللبنانية بإغلاق المعابر البرية الرسمية بينهما، إلا أن المخاوف ماتزال مستمرة بشأن مواصلة العبور بين الطرفين من خلال معابر “غير قانونية”، خاصةً أن الجانب اللبناني سبق وأن أعلن أن حركة التهريب مستمرة، بعيداً عن المعابر الرسمية.

 

وفي أيلول من العام 2020 كان وزير الدفاع اللبناني حينها، إلياس أبو صعب قد قال “إن التهريب على الحدود مع سورية والذي يصل إلى 2.5 مليار دولار، لا يتم عبر المعابر غير النظامية”.

وأضاف أبو صعب بعد اجتماع أمني في وزارة الدفاع: “هناك 74 نقطة حدودية للجيش على الحدود… الأراضي المتداخلة مع سورية بحاجة إلى قرار سياسي وتجهيز إضافي للجيش”.

ويبلغ عدد المعابر بين سورية ولبنان 5 معابر، موزعة على طول حوالي 375 كيلومتراً.

معبر المصنع

يسمى بمركز “جديدة يابوس الحدودي”، وهو المنفذ الرئيسي على الحدود بين سورية ولبنان.

يقع بين بلدة جديدة يابوس السورية في محافظة ريف دمشق، ومنطقة المصنع في خراج بلدة مجدل عنجر اللبنانية في محافظة البقاع.

ومعبر المصنع يشهد حركة مرورية كثيفة إن كان لجهة المسافرين والأهم حركة “الترانزيت”، وحتى المسافرين من وإلى سورية على العبور من خلاله إلى الداخل اللبناني للسفر جواً عبر مطار بيروت الدولي.

معبر الدبوسية

ثاني المعابر التي تربط بين سورية ولبنان من حيث الأهمية، يربط بين قريتي العبودية في لبنان والدبوسية في سورية.

افتتح في آب 2007، وهو عبارة عن معبر جسري يبلغ طول الجسر 45 متراً.

في السنوات الماضية شهد المعبر حركة كثيفة أيضاً، لاعتماد المسافرين عليه في الدخول إلى الأراضي اللبنانية، ومن ثم السفر جواً من مطار بيروت الدولي.

معبر جوسية

يعتبر المعبر مهماً كونه في منطقة القصير في ريف حمص الذي سيطرت عليها الدولة السورية، في عام 2013.

يعد المعبر بوابة بين البقاع الشمالي اللبناني وريف حمص، ويوصف بأنه “رئة لبنان” الأساسية لجهة البقاع الشمالي، إذ لا تفصله عن حمص سوى مسافة 40 كيلومتراً، في مقابل 65 كيلومتراً من العبودية إلى حمص.

معبر تلكلخ

يعتبر معبراً رسمياً على الحدود السورية-اللبنانية، ويربط بين تلكلخ في الجانب السوري ومنطقة وادي خالد في لبنان.

أنشئ عام 2018 قبل عامين من الأحداث السورية، في منطقة “البقيعة” التى تبعد كيلومترات عدة عن الحدود.

يرتبط هذا المعبر بمنطقة المشيرفة والقرى المحيطة بها في منطقة ريف حمص الغربي، وهو من المعابر التي حافظت على نشاطها طيلة السنوات الماضية، وبقيت الدولة السورية مسيطرة عليه، رغم محاولات الاستيلاء عليه من قبل الفصائل الإرهابية.

معبر العريضة

يربط بين قريتي العريضة في لبنان وسورية (طرابلس اللبنانية، ومحافظة طرطوس على الساحل السوري).

يشهد المعبر حركة للبضائع، بالإضافة إلى مرور الشاحنات المحملة بالفوسفات والرمل من سورية إلى لبنان، وبالعكس.

معبر العريضة كان من أكثر المعابر التي تأثرت بالظروف في سورية، وشهد تشدداً كبيراً بالنسبة لدخول السوريين وخروجهم.

المصنع

عند باب “وادي الحرير” الذي شهد “خيمة” جمعت الرئيس اللبناني فؤاد شهاب مع نظيره المصري جمال عبد الناصر في عام 1959، تتموضع عدة ابنية بعضها يتزين بقرميد أحمر جميل، تؤلّف نقاط العبور البري الرسمي من والى لبنان، شيّدت في عام 1952، بعد ان كانت هناك نقطة عبور سورية ــ لبنانية مشتركة قبل “مقلب” المياه في أعالي الوادي.

شيدت عدة مبانٍ في المصنع التي تضم اليوم مركزاً للجمارك وآخر للأمن العام ومراكز أمنية واستخباراتية، ومكاتب للمسافرين ومكاتب الهجرة والسفر ودائرة الجوازات والمراقبة الصحية والتجارية ومكاتب التخليص الجمركي وغيرها.

تبعد نقطة المصنع الحدودية عن جارتها السورية نحو عشرة كيلومترات، والمنطقة الفاصلة خالية من اي وجود رسمي لبناني او سوري، وتعرف باسم المنطقة “العازلة” بين البلدين. هذه المنطقة كانت أفضل معبر لعمليات التهريب المتنوع بعيداً عن أنظار الرقابة الرسمية.

يشكل معبر المصنع حركة يومية نشطة، إذ يسجل يومياً في نقطة المصنع، برغم الأزمات المتلاحقة حركة عبور كثيفة، ذهاباً وإياباً، والعدد خاضع اليوم للتطورات السياسية المتلاحقة في لبنان، فيما تشير مصادر الجمارك الى دخول وخروج حركة شاحنات نقل ترانزيت في يومياً.

وتحولت نقطة المصنع الحدودية الى سوق تجارية كبيرة على مدى عقود، ويقول احد التجار الكبار في المنطقة إن نحو مليار ليرة سورية كان يتم تداولها يومياً قبل الانسحاب السوري، بينما اليوم لا يتجاوز الرقم بضع مئات من الآلاف.

 

صالح

ويقول رئيس بلدية مجدل عنجر حسين ذيب صالح، إن نقطة المصنع “كانت حيوية لمجدل عنجر حيث ساهمت في ازدهار التجارة، أما اليوم فإن الحركة التجارية تراجعت بسبب تراجع العبور في المصنع”، مشيراً الى أن منطقة المصنع “بحاجة الى اهتمام أكثر من قبل الوزارات المعنية، إذ تشكل نقطة المصنع “صلة وصل وتلاقي عملي بين الوزارات: الأشغال العامة والنقل، الإقتصاد، الصناعة، الصحة، الزراعة، والمالية، فضلاً عن إدارة الجمارك العامة، البحوث العلمية والمخبرية والزراعية، الدفاع المدني، المالية العامة، وغيرها”.

عرقلة وغياب الثقة

لكن المستجد اليوم، وكأن القيمون على الدولة يسيرون وفق المثل الشعبي”بدل ما يكحلها عماها”. وبرغم تفاقم الأزمات المتلاحقة، وكأن قدر اللبناني تفاقم الأزمات، وبدلاً من وضع الحلول في إطارها الصحيح، تعمد الدولة إلى صنع الأزمات وابتكار المعاناة التي تزيد المواطن قلقاً وإرباك.

بالأمس القريب وصل إلى إدارة الجمارك في البقاع وتبلغته مكاتبها الفرعية الحدودية البرية ومنها “المصنع”، وعبرها “المخلصون الجمركيون” مذكرة إدارية نافذة تفيد “إيداع مصرف لبنان مباشرة، المبالغ التي تفوق المليار ليرة لكل إرسالية والإستحصال منه على إيصال إيداع نقدي”.

هذا القرار وجد فيه المخلصون الجمركيون يوحي إلى “عدم ثقة الدولة ببعضها البعض”، وفق ما قاله المخلص الجمركي حسن ذيب صالح.

ورأى صالح، أن الدولة بدلاً من تسهيل الإجراءات العملاتية في هذه الظروف القاسية والأزمات المستفحلة على مستوى الإدارات العامة والاضرابات المفتوحة، “فبدلاً من أن تحلحل الأمور بهكذا قرارات تزيد الأمور تعقيداً ومعاناة”.

واضاف، معاناة ليست فقط علينا كمخلصي جمارك بل “تصيب المستوردين على مستوى المصانع والمعامل والصناعات التحويلية وحتى المواطنين، فترهق من أوقاتهم وتزهق جيوبهم وتؤرق نفوسهم”.

وشرح المخلص الجمركي حسن ذيب صالح مفاعيل هذا القرار الذي وقع أثره ك”الصدمة” على الجميع، خاصة لجهة “غياب موظف في المصرف المركزي لاستلام المبالغ المالية الخاصة بالارساليات الجمركية الخالصة لجهة البضائع المستوردة والصادرات”.

وتساءل صالح، كيف يمكن تطبيق هكذا قرار في وقت غياب الموظف المعني في البنك المركزي؟. الأمر الذي يرتب علينا كمخلصين جمركيين هدر فى الوقت وخطر أمني ترافق حامل الأموال مسافات طويلة للوصول إلى المصرف المركزي، في ظل الظروف الراهنة وعمليات الخطف والتشليح والسرقة الذي لن يكون بمأمن حامل كميات مالية كبيرة من الخطورة.

كاشفاً أننا في هذا الضرف ومع انهيار العملة الوطنية أمام الدولار الأمريكي والتكلفة المرتفعة في تخليص المعاملات الجمركية حيث غالبيتهم “تزيد عن المليار ليرة لتصل متجاوزة عتبة ال40 مليارا”.

ورأى أنه كانت معاملاتنا الجمركية وتكاليفها يتم انهاؤها في صناديق الجمارك الحدودية (المصنع) ومنها إلى صندوق للمالية في المصنع دون الرجوع إلى المصرف المركزي، الأمر الذي يسرع في إنجاز المعاملات الجمركية المالية والضريبية، ويوفر الكثير من الوقت والانتظار، ويسهل على أصحاب المعاملات معاناة.

وأضاف، أما اليوم، ومع هذا المستجد، فإن المعاناة تتفاقم بل ذاهبة إلى مزيداً من التعقيدات والتكاليف الإضافية الباهظة التي سيتكبدها أصحاب البضائع المستوردة والصادرات ونحن كمخلصين جمركيين في آن، وبالتالي فإن أي تهاون أو تلكؤ في المعالجة من قبل المعنيين “سيرتب تبعات نحن في غنى عنها بدلاً من رفد الخزينة العامة خاصة في هذه الضروف الحرجة والمقلقة”.

ليختم المخلص الجمركي حسن ذيب صالح مطالباً الوزارات المعنية، وزارة الأشغال العامة والنقل، وزارة المالية، وزارة الصناعة، وزارة الزراعة، وزارة الصحة العامة، وزارة الاقتصاد والتجارة، المصرف المركزي، إدارة الجمارك العامة والمديريات ذات الصلة، بالتكافل والتضامن “العودة عن هذا القرار أو إلزام الموظفين المعنيين في البنك المركزي بالدوام وتسيير أمور الناس أو العودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل إصدار قرار وزير المالية”.

نص القرار

الجمهورية اللبنانية وزارة المالية

مديرية الجمارك العامة رقم المحفوظات: ن/ رقم الصادر : ٢٠٢٣/١٠٤٣ بيروت، في ٣٠ أيار ٢٠٢٣

مذكرة

الموضوع : تأدية الرسوم والضرائب نقداً على صناديق الجمارك.
المرجع : تعميم معالي وزير المالية رقم ۲۸۰ / ص ١، تاريخ ٢٠٢٣/٢/١٦.

إشارة إلى الموضوع والمرجع المنوه عنهما أعلاه،

يُحدّد الحد الأقصى للرسوم والضرائب الممكن استيفاؤها نقداً في المكاتب الجمركية المكلفة إستيفاء الرسوم عن البضائع المستوردة والمصدّرة، بمليار ليرة لبنانية لكل إرسالية. ويُدعى أصحاب العلاقة إلى إيداع مصرف لبنان مباشرة، المبالغ التي تفوق هذه القيمة لكل ارسالية والإستحصال منه على إيصال إيداع نقدي، بمثابة إشعار تؤدى بموجبه الرسوم والضرائب لدى المكاتب الجمركية المختصة.

أما الغرامات الناتجة عن المخالفات الجمركية بمختلف أنواعها ومهما بلغت قيمتها، فيبقى بإمكان أصحاب العلاقة تسديدها نقداً لدى المكاتب الجمركية المختصة. يُعمل بهذه المذكرة إعتباراً من تاريخ ٢٠٢٣/٦/١ وحتى إشعار آخر.

مدير الجمارك العام بالإنابة

نسخة تبلغ إلى:
الديوان (۱۵) – ۲۵ – (٣)
. الأقاليم (بيروت) – طرابلس – شتورا). – مصلحة التدقيق والبحث عن التهريب.

ريمون الخوري

– مصلحة الأمانة الرئيسية.
الضابط المراقب – الضابطة البحرية. الشعبة الإدارية – شعبة المرآب الرئيسي – المحفظة.

شاهد أيضاً

حمّود لـ “إذاعة الفجر” :الردّ على الاغتيالات قادم

والجماعة مستمرّة في المقاومة“ أكّد المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية فيالجنوب الدكتور بسام حمود :”أننا في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *