رغبة واشنطن بالتفاوض المباشر مع طهران

الكاتبة رنا العفيف

اسباب كثيرة وكاملة تتعلق بالسلوك الامريكي بالتفاوض مع ايران ،لاسيما الحديث السائد الذي يجول في البيت الابيض عن الضغوطات التي تلوح بالأفق ، والتي استطاعت الدول العظمى والقوى الاقليمية المتحالفة بكسر هيمنة النهج الامريكي ، تحديدا روسيا والصين وايران ، لتبقى تأثيرات الأزمات الاقليمية تشهد على ارتباط ماحصل مؤخرا في الشرق الأوسط له دلالات ملموسة على أرض الواقع في سياسة امريكا ، خاصة بعد ما اطلق الحوثيين الصواريخ على القاعدة الامريكية وفي الامارات ، فالرغبة الامريكية تجاه طهران بالتفاوض المباشر له أسباب استراتيجية واقتصادية هامة على الصعيد الداخل الامريكي ، فكيف استطاعت طهران دحرجة الكرة السياسية إلى المرمى الامريكي ؟

للمرة الأولى ترسل حكومة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي اشعارات عن الاستعداد للتفاوض المباشر مع الولايات المتحدة الامريكية ، في سياق المفاوضات النووية ، اذ ان هذا الإستعداد مشروط بتقدم المفاوضات إلى مرحلة قد تكون النهائية ، من خلال الرسائل الايرانية التي تنطوي بطرق متعددة وبشكل مباشر ، وهذا طبعا مؤشر ذات صلف سياسي يقوض إلى نتيجة ربما تكون جيدة في حال أتت بضمانات متينة ، لطالما هناك ليونة دبلوماسية مشتركة لكل من الطرفين الامريكي والايراني ، ولكن الأهم من ذلك في ظل تطورات الملف ، لفت انتباهنا التوقف عند الإعلان عن استقالة نائب المبعوث الامريكي الخاص إلى ايران من الوفد الامريكي المفاوض في فيينا ، وهذا الشخص معروف بتأييد نهج أشد صرامة مع طهران ، إضافة إلى ماتم التسرب عنه حول إقالته ؟ وهذا طبعا يدل على ان هناك هشاشة سياسية وامنية بالداخل الامريكي ، اضافة للازمات المتوارية عن الأنظار الاعلامي ، ضمن انجازات بايدن التي لم يتحقق منها شيئا منذ توليه المنصب الرئاسي ، وهذا أحد الأسباب المهمة التي جعلت واشنطن تلح بطلبها المتكرر بتطبيق الاتفاق النووي وهم بكامل الإستجابة ،

لذا لم تعد الرفاهية الامريكية ذات طابع مماثل يملي عليها شروط غير قابلة للمساومة مع طهران ، ماسمح لها بالدخول حول التفاوض المباشر الذي كان خط أحمر مع طهران الأشد فتكا ورفضا في السابق .
كل هذة العناوين تصب في المصلحة الايرانية باستبدال الطرق الحالية للتوصل إلى اتفاق غير مباشر بضمانات جيدة ربما قد تحصل عليها ايران في حال أقدمت امريكا على التنازلات ، إذ قال وزير الخارجية الايراني ، الامير حسين عبد اللهيان ، أن بلاده مستعدة للتفاوض المباشر مع الامريكيين إذا اقتضى التوصل إلى نتيجة جيدة ، كما اشار امين المجلس الاعلى للأمن القومي الايراني كذلك إلى أنه يمكن استبدال الطريقة الحالية في التوصل الغير المباشر بطرق اخرى عندما يتم التوصل إلى اتفاق جيد . وهذا ما سيجعل واشنطن تعيد حساباته بترتيب اخر ورقة سياسية ضمن انجازات بايدن المتعلقة بملفات سياسية كانت قد شنت حملات عدة ضده بالداخل .

أي بمعنى الرئيس الامريكي جو بايدن يسعى جاهدا حول الاتفاق النووي مع طهران كتحدي يجدي نفعا له باستخدامه مدخلا ولو ضيقا ، باستعانته بطهران من خلال الملفات العالقة في المنطقة ، وهذا ما يجعل واشنطن محرجة، بسبب فشلها في علاج مشاكلها الداخلية ، والاقتصادية ومنها الصحية في مواجهة تحديات خارجية ، ابرزها الصين وروسيا ، وذلك لتكف عنها بعضا من سلسلة الأزمات ، وبدأت من الملف النووي ، الذي طرأ عليه تطورات مختلفة في الجولة الثامنة في فيينا وفرضت المتغيرات التي تلقتها طهران بتصريحات كبرى سجلت في ملعب الامريكي بعدما اتهمها أطراف غربيون بتعطيل التوصل إلى نتيجة خلال مفاوضات فيينا ، بسبب رفضها التفاوض المباشر مع واشنطن .

إذا ما يحصل من متغيرات وتطورات متسرعة بإشارة التفاوض هو الانتكاسات الغربية بحسب مراقبين كانو قد وضعوا توقيت زمني للمفاوضات مع طهران ، لتحمل مكتساباتها إلى واشنطن لطالما تسعى إلى الاستعراض السياسي المزود بالانتصار الفردي للادارة بايدن محاولة كسر الجمود الذي شاب المفاوضات في الأيام الأخيرة وإعطائها زخما للتوصل إلى نتيجة مضمونة ، بعيدا عن الصورة التي يتابعها العالم بشكل مباشر عن الضغوطات السياسية الامريكية التي تحاصر واشنطن من كل حدب وصوب ، لاسيما الضغوطات المتزايدة التي تشعر بها ادارة بايدن لتسارع خطواتها بالتنازلات ، وطبعا لاستمالة الرأي العام الداخلي ، وبايدن يفهم ويرغب في الاعتماد على سياسية الشمولية ، ويعمل بحسب منظوره الضيق تجاه ايران ، لأن الأمر ليس فقط متعلق بالولايات المتحدة وإنما مرتبط بملفات النفط في ظل ترسيخ النفوذ الروسي ، وفي ذات الوقت يريد إدخال ملفات متداخلة ،لانتهاز فرصته ضمن المرحلة النهائية ، بعد أن كشف عقدته الاخيرة مع الاتحاد الاوروبي .

فكان لتسارع الأحداث والمتغيرات جولات انتصار ، تتمتع بها الجمهورية الاسلامية الايرانية ، عندما استطاعت الدخول إلى شينغاي وهذا الانتصار كان دبلوماسي ، اضافة للاتفاقية الاستراتيجية التي اعتمدتها مع الصين ، وكذلك ستوقع اتفاقية مع روسيا على نفس المستوى ، بالاضافة إلى التعاون الامني والعسكري والاقتصادي والسياسي ، مع روسيا ايضا ، وما جرى في اليمن وفلسطين وسورية والعراق ولبنان كان له تأثيرات ايجابية ضد ترسانة السياسة الامريكية هذا جانب أيضا مهم ، بعد أن كانت واشنطن تسعى لاستجرار الفوضى في المنطقة ، لتعكس ارتدادها إلى الشرق الأوسط برمته بانتشار الفوضى الخلاقة التي قوضتها معادلة الردع بقوة ، إلا أن طهران وحلفائها تمكنوا من حصار السياسة الامريكية ، ليبقى النجاح الأكبر هو تغيير منظور الشؤون الامريكية في المنطقة من خلال مبادرتها في رفع العقوبات عن طهران ، وأن تتخلى عن سياساتها العدوانية تجاه ايران لتبقى للرسائل السياسية ايرانية لها جوانب اخرى وتبعات تلحق بانتصار انصار الله في اليمن .

رنا العفيف

شاهد أيضاً

  🍳🍅لما تيجي تسلقي الفرخه ابشري بصله وحطي عليها ملح وفلفل اسود وادعكي بيهم الفرخه …