“الأنصار”.. أزمته بنيوية، لا فنية!!!

سأبدأ مقاربتي التحليلية الموضوعية لواقع نادي “الأنصار” الرياضي، وقبل الإسترسال والتعمق في جوهرها، وبعيداً عن أي شكل من أشكال المجاملة والتملق والمداهنة، بالتنويه والإشادة والثناء، لشخص رئيسه الحالي “الريس” نبيل بدر على مغامرته بترؤس النادي في وقت تخلى الجميع عن تحمل تبعات مسؤوليات، بعدما قرر الرئيس التاريخي النائب الأسبق سليم دياب (الذي بعصره حقق النادي البطولات والإنجازات المحلية والخارجية التي تدون على صفحات تاريخه المجيد بأحرف مذهبة)، أن تنتقل الرئاسة والإدارة إلى جيل جديد من الشباب، لضخ روح التجدد والحداثة في عروق النادي، بعد مسيرة مظفرة منذ منتصف سبعينات القرن الماضي والحافلة بالعطاءات والتضحيات بكل سخاء وبلا حدود، من خلال ترسيخ قاعدة ذهبية راسخة تمثلت بالمحافظة على خصوصية وهوية النادي الرياضية التي أرسى مداميكها المؤسسون وكل من توالى على حمل راية المسؤولية تباعاً، مع إدخال الأسس التطويرية التحديثية لتلك القيم والمفاهيم التي تأسس وقام عليها النادي…

مجلس امناء نادي الانصار برئاسة سليم دياب

 

عندما قرر “الفدائي” نبيل بدر تولي رئاسة النادي، في وقت ربما كان مهدداً، لولا خطوته الجريئة التي تسجل له، لأصبح النادي تدريجياً مجرد ذكرى، كالعديد من الأندية الريادية الراقية التي أصبحت “نسياً منسياً”!!!
كلمة حق تقال وليسجلها التاريج، أن الرئيس نبيل بدر منذ مغامرته بتسلم رئاسة النادي أنفق عليه بكل سخاء وعطاء وكرم وجود، لا سيما خلال السنوات الماضية العجاف التي يتخبط بها وطننا بأزمة مالية كارثية إنهيارية غير مسبوقة، سعياً منه بكل أمانة ومسؤولية وحماسة صادقة بإعادته إلى موقعه الطبيعي، أي إلى منصات تتويج البطولات والألقاب… ولكن!!!
المشكلة تكمن في هذه ال “لكن”(!)
هنا أورد حكمة من حكم أيقونة “الأنصار” وصانع أمجاده المدير الفني “الأسطورة” الكابتن المرحوم الحاج عدنان الشرقي، عندما قال في إحدى المقابلات التلفزيونية: “أي مال يضخ في أي ناد رياضي، مهما كان سخياً، إذا لم يوظف ويستثمر في الإتجاه الصحيح، وفقاً لخطة مبنية على أسس ومرتكزات علمية رؤيوية تحاكي واقع ومستقبل النادي، سيكون هذا المال كالذي يعبي السلة بالمال”…
وبموازاة ما تنطوي عليه هذه المقلولة للمرحوم “الشرقي” من مفهوم عميق لمنهجية العمل في كيفية إدارة النوادي، وفقاً للمواصفات والخصوصيات اللبنانية (!)، فإني سأكشف أيضاً عن واقعة (لم أعد أذكر تاريخها) كنت شاهداً لها، تُظَّهر وتُتَرجم تلك المقولة-الحكمة:
قبل إنطلاقة موسم كروي، كان الفريق يتحضر بدنياً على أرض ملعب “جامعة بيروت العربية”، إستعداداً للدخول في معسكر إعدادي خارجي في “الإسكندرية”، بمشاركة عدد من إدريي النادي.. فجأة يدخل العراب التاريخي لنادي “النجمة” و”جبله الشاهق” المرحوم أبو علي العدو.. وبظرافته المعهودة توجه بالسؤال للحاج خليل حمية، متسائلاً: “ماذا تفعلون أنتم الإدايون في أرض الملعب؟ كمان أنتو بتدخلوا بعمل المدرب!؟”.. فأجابه الحاج حمية: “ما من أحد في الإدارة بما في ذلك “البك” (الرئيس سليم دياب) يتعاطى مع عدنان بالأمور الفنية للفريق.. فقط مهمتنا مقتصرة على تنفيذ طلباته دون مناقشته.. نحنا كلنا موظفين عند عدنان الشرقي.. وشغلتنا تنفيذ أوامره”…
لا داعي، وليس من حقي كشف تعقيب المرحوم أبو علي.. لكن ما عبره عنه الحاج خليل حمية يختصر ويختزل كيف كانت إدارة “الأنصار” تدير شؤون النادي، وكيف كانت تتعاطى مع اللجان التخصصية للألعاب الرياضية، وفي طليعتها اللعبة الأم-المدماك كرة القدم…
****
إختصاراً؛ نادي “الأنصار” ومنذ سنوات خلت، ورغم إحرازه الموسم الماضي بطولتي الدوري والكأس، وقبلها لعدد من الألقاب، فإنه يعاني من أزمة بنيوية، وليس أزمة فنية!!!
بناءً عليه، ولأن الموسم الكروي مازال في منتصفه، والنتائج مفتوحة على كل الإحتمالات، فإنني سأكتفي بما أوردته، عسى أن تستخلص منه العبر؛ حتى لا أكون سبباً إضافياً في تعميق جروح النادي.
****
زياد سامي عيتاني/ عضو مجلس الأمناء- أمين السر المساعد الأسبق في نادي “الأنصار” الرياضي.

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …