مدير فيدرال بنك فرع عاليه الأستاذ وجدي غريزي

 

الشعب اللبناني مسؤول عن الجزء الأكبر من الإنهيار..

 

رانية الأحمدية

 

في خضم ما نعيشه اليوم في حياتنا اليومية من مهانة وذل وإستغلال على المستويين الإجتماعي والمعيشي حتى بتنا نفتقد إلى أبسط حقوقنا في الإنسانية والعيش الكريم، أصبحنا نفتش عن من يتمتع بالإنسانية والعطاء كمن يبحث عن إبرة في «كومة قش»، لكن إيماننا دائما يقول بأنهم موجودين، ولكنهم بعيدين عن الأضواء لأنهم يؤمنون بأن العطاء في سبيل الله هو جهاد وسمة يجب على الإنسان التمتع بها من أجل أخيه الإنسان وهو ليس سبيلاً للظهور والتفاخر.
ولأن مجلة كواليس رسالتها نشر الخير ودائمة السعي لتوصيل الرسالة الإعلامية الصحيحة تبحث دائماً عن هؤلاء الأشخاص النادري الوجود في هذا الزمن..
عندما سمعت عنه حاولت جاهدة التواصل معه من أجل لقائه والتعرف عليه وعن ما سمعته لمواقفه الإنسانية وكفوفه البيضاء الداعمة للخير دائماً، وبعد عدة محاولات مني وافق على اللقاء شرط أن يكون الحوار فيما يحصل على الساحة اللبنانية من أزمات أثقلت كاهل المواطن اللبناني، وبالرغم من حنكتي التي أتمتع بها وقدرتي على الإقناع إلا ّ أنني فشلت في إقناعه بالحديث عن نفسه ومواقفه إلا القلة القليل، لأنه يعتبر ما يقوم به هو واجبه الإنساني وليس بشيء يذكر.
وجدي غريزي إبن بلدة بتاتر الأبية التي تتميز بشموخها وعنفوانها وإرداتها القوية بأبنائها وأهلها وعزتها وكرامتها، بحسن ضيافتها وأهليتها، الأستاذ الجامعي ومدير «فيدرال بنك» فرع عاليه صاحب الأخلاق الرفيعة المتواضع المؤمن بأن كل ما أعطي من الله هو لله وحده، كان معه هذا الحوار حتى ولو كانت سطوره قليلة إنما يحمل في طياته كلاماً جوهريا لو نهتدي به ونتكاتف عليه سننهض من جديد ونثبت بأننا طائر الفينيق حقا…

لبنان ضحية التوازنات الخارجية

 

*الأوطان تبنى بشعوبها، لكن لبنان الأخضر وهذه القطعة من السماء التي لطالما تغنى بها العالم وطائر الفينيق وسويسرا الشرق كل هذه الألقاب ذهبت أدراج الرياح وبات وطن الأشباح والويلات، إذا ما صح التعبير، من موقعك كمواطن كيف تراه اليوم ومن المسؤول عمّا وصل بنا الحال، المسؤولين أم نحن الشعب؟

وبعد ضحكة طويلة قال: لم يعد لبنان الأخضر أصبح لبنان «المشحبر»، للأسف كما نشاهد جميعاً لبنان حالياً مصاب بشبه إنهيار شامل، من المسؤول..؟! جميعنا مسؤولين مواطنين وسياسيين، لكن لا يمكننا وضع اللوم على جهة سياسية واحدة، إذ أن جميعهم مسؤول لأن الكل لديه إرتباطاته وتوازناته الخارجية التي راح ضحيتها لبنان، ولكن لديّ كل الثقة بأن لا أزمات ستدوم، البلد سينهض من جديد، فمنذ تأسيسه عام 43 يتعرض لبنان إلى هزة كيانية كل 20 سنة تقريباً بدءاً من ثورة 58 حتى حرب ال 75 وحرب ال 82 وحرب ال 93- 96 وال 2008 وصولاً إلى الحرب التي نشهدها اليوم بأزماتها المتتالية والتي تتعاقب على لبنان.

*وهل هذا محتوماً ومقدرا على لبنان واللبنانيين..؟!

نعم وللأسف، لأن موقعه الجغرافي يحتم عليه وجوده بين مصالح كبيرة لإسرائيل، أوروبا وأمريكا والتي تتعارض مع دولة إيران، لذا لا بد من مروره بهزات كيانية بين الحين والآخر، وللأسف نحن من يدفع الثمن، لكن لبنان لن يقع سينهض من جديد كما ذكرت والحياة ستعود إلى طبيعتها، فقط إذا قلنا يارب نحن الشعب اللبناني، فإذا تكاتفنا ووقفنا إلى جانب بعضنا البعض وكل من موقعه تنازل قليلاً لكي تسير العجلة سننهض بلبنان، فمثلاً الأزمات الأخيرة التي نعاني منها في المحروقات والأدوية وغيرها الكثير هي |أزمات كبيرة، لكن يجب علينا نحن المواطنين بأن يكون لدينا شفقة ورحمة على بعضنا، فمن يحتاج إلى «تنكة بنزين» ليس عليه شراء إثنين وبيعهما في السوق السوداء ومن هو بحاجة إلى علبة دواء ليس عليه شراء 10 علب وترك الفقير بلا دواء يصارع ألمه لأنه لا يملك ثمنه، أنا أتفهم حاجة الناس، لكن هناك البعض ممن يستغلون هذه الأزمات من أجل مصالحهم وزيادة رأسمالهم، كفانا المتاجرة ببعضنا، وكما ذكرت في سؤالك بأن الأوطان تبنى بشعوبها، لذا يجب أن نكون على قدر المسؤولية لنعيد بناء هذا الوطن من جديد، فكما ترين مقابل مكتبي محطة للوقود وهؤلاء الأشخاص الذين ترينهم يقفون بالدور لتعبئة سياراتهم، هم أنفسهم الأشخاص الذين أراهم يومياً منذ بدء الأزمة، في أمريكا عندما تذهبين لشراء علبة «محارم» يكون سعرها الأولي دولارين، لكن لو أردتي شراء علبة ثانية ستأخذينها ب 40 دولار، لماذا؟! هذا من أجل إفساح المجال للآخرين للحصول على إحتياجاتهم، كما أود التطرق في حديثي إلى قصة «الكابيتال كونترول» الموجودة في دبي منذ أكثر من خمس سنوات وهي التي تعتبر من أهم دول العالم العربي إقتصادياً، لماذا لا أحد يتكلم بهذا الموضوع؟! فالمواطن الإماراتي لا يمكنه سحب أكثر من 2000 دولار في الإسبوع أي قدر إحتياجه أو أكثر بقليل، للأسف في لبنان وعندما بدأت الأزمة تهافت الناس لسحب أموالهم جميعها وكما ذكرت آنفاً، إنني أتفهم وجع الناس وخوفهم، لكن هذا كان سبباً رئيسياً في تفاقم الأزمات وتواليها.

لولا الوزير جنبلاط منطقة لبنان الجنوبي كانت سقطت منذ اللحظات الأولى للأزمة..

 

*الناس خافت على ودائعها وفق ما صرحه مصرف لبنان آنذاك وتخوفا من إعلان إفلاس المصارف..?!!

أبدا لا يمكن لمصرف لبنان بأن يعلن إفلاسه أو إفلاس المصارف، ما قاله حاكم المصرف بأننا أمام أزمة كبيرة وعلينا تخطيها بالتقنين وهنا لا أدافع عن مصرف لبنان، فجميعنا يعلم بأننا أمام منظومة فاسدة طويلة عريضة، لكن ما حصل هو عملية حسابية، إذ أن المصارف تعمل على مرحلتين، الأولى تأخذ الودائع والمرحلة الثانية تقرضها، فإذا لم تسدد هذه القروض كيف لنا إعادة الودائع؟! يعني إندفاع الناس وراء خوفهم من فقدان ودائعهم كبر الازمة ووسعها حتى وصلنا إلى طريق شبه مسدود، علينا بأن نكون مسؤولين أكثر من ذلك وجزءاً من الحل وليس سبباً في زيادة المشكلات.

 

*جميعنا يعلم بأن ما يحصل على الساحة المحلية، العربية، الدولية والإقليمية مخططاً له وليس وليد صدفة، كيف ترى الحل؟

لا أعلم متى سيكون الحل، ولكني أعتقد بأن هناك تسوية ستتم بين أمريكا وإيران، أمّا فيما يخص لبنان علينا إعادة النظر أو تغيير المنظومة السياسية بشكل عام، وأن يكون لدينا مواطنة أكثر من ذلك، فهذه أكثر الأزمات التي نعاني منها وهي أزمة المواطنة.

*هل تقصد الشرق الأوسط الجديد؟

نعم وفي لبنان هناك الكثير من الأمور التي ستتغير في التركيبة السياسية الحاصلة، إذ أن المناصفة لن يعد لها دور، وبرأيي هي ذاهبة نحو المثالثة للأسف، إذ أن الأقليات ليس لها وجود في لبنان بعد ذلك.

*مع إزدياد أنين الحاجة ووجع الناس، برأيك ماهي السبل والخطوات التي يجب على مسؤولينا إتخاذها من أجل سد هذه الحاجة؟

ليس على المسؤولين إتخاذها، بل نحن، إذ علينا إعادة النظر بما كنا نعيشه قبل سنتين من الأزمة، حيث كنا نعيش حياة فارهة وكلها « بذخ وبطر»، أنا لا أطلب بأن نعود لعيش حياة أهالينا وأجدادنا في الضيع والقرى الجبلية، إنما علينا التعقل من ثم التوكل والعيش بما تتطلبه أمور حياتنا وقدراتنا الإجتماعية.

نحن لدينا أزمة مواطنة..

 

*أينما حللت يسبقك كفك الأبيض وأعمالك الإنسانية والخيرية ومواقفك التي تتخذها بالرغم من مكانك المتواضع، في ظل غياب من هم مسؤولين عن هذا الشعب ونحن من إخترناهم ليمثلونا في لبنان وخارجه، لكنهم خذلونا..

وقبل أن اكمل سؤالي قاطعني قائلا:

أنا أقل الناس، ما أقوم به قدر إستطاعتي وهذا واجبي ومن المعيب أن أتحدث عنه، فأنا أؤمن لطالما كان أخي أو جاري أو قريبي بخير أنا سأكون بخير، فما أقوم به ليس بشيء يذكر ولا يجب أن يذكر، كما أن التعاطف والتكاتف الشعبي في الضيع والقرى حتى في كل لبنان هو مطلوب وحاجة ملحّة، لكن مايجب ذكره هو الرعاية السياسية التي يقوم بها الوزير جنبلاط من مساعدات طبية، غذائية، محروقات وغيرها الكثير وستر عائلات كثيرة هي جهود جبارة وإنجاز عظيم وهنا لا أتكلم في السياسة ولا أقيمه إن كان ضمن المنظومة الفاسدة أم لا، إنما نشر الفضيلة هو فضيلة، فلولاه يا ويل جبل لبنان الجنوبي.. لذا من أكون أنا إلى جانب ما يقوم به غيري..

رانية الأحمدية

 

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …