السيد صلاح ملاعب: منتجنا « صنع في حب والأرزة في القلب»..

حوار: رانية الاحمدية


«باستا» محلية في لبنان وفي بلدة بيصور تحديدا، مصنع يعمل بأيدي لبنانية مئة في المئة، ليقدّم منتجاً يكون في متناول كل عائلة بكلفة تكاد تلامس سعر ربطة الخبز تقريبا، فمن «حواضر البيت» مع معكرونة «دل ليبانو» بإمكان سيدة البيت تحضير سفرة شهية، باستا بمذاق شهي وطعم رائع وطبيعي 100 %، وهذا ليس مجرد كلام للإعلان عن المنتج أو الشركة المصنّعة، بل تذوقتها واستمتعت بطعمها الشهي وموادها الطبيعية..
أتمنى بأن يكون إفتتاح هذا المصنع بارقة أمل ودافعا لكل من يحب هذا البلد من أبنائه ومغتربيه في الإستثمار وبناء المصانع التي تعود بفائدة على الإقتصاد الوطني وتؤمن فرص العمل للمواطن اللبناني الذي بات يرزح تحت خط الفقر والعوز والجوع..

علينا بأن نكون جزءا من حل المشكلة..


السيد صلاح ملاعب وأشقاؤه وأبنائهم بادروا لأن يكونوا جزءاً من حل المشكلة، فبدل من أن يلعنوا الظلام أناروا شمعة لعلها تنير الدرب في الوقت الذي فقد هذا الوطن أو يكاد ثقة رجال الأعمال في العالم نتيجة الأوضاع السيئة والتي باتت دائمة، حيث تعمل أيد خفية على تشويه هذه اللوحة الالهية، لكن السواعد الفتية القوية والمخلصة والتي بنت عبر التاريخ هذه الجنة هي متواصلة اليوم في عملية التحدي رغم كل العوامل والظروف المحيطة بنا..


السيد صلاح وعائلته هم من الذين حملوا شعار الصمود على كاهلهم، كما حملوا سلاح التحدي في وجه هذه العاصفة التي تهدد كياننا، ويطلقون صرخة عالية من العقل وبكل الحب مستنهضين أبناء هذا البلد من رجال أعمال ومستثمرين بأن لا يخافوا وأن يضعوا أموالهم في لبنان عبر مشاريع ومصانع منتجة تهيئ فرص العمل للمواطن والعيش الكريم بدلاً من الإستجداء على أبواب السياسيين..

ولأن كواليس تسعى دائماً لتوصيل الرسالة الصحيحة وتبارك كل عمل جيد، زارت مصنع «الباستا» «دل ليبانو» وعادت بهذا الحوار المميز..


*في البداية نود التعرف إلى السيد صلاح ملاعب وشركاؤه، وكيف خطرت لكم فكرة إفتتاح معملا لصنع «الباستا» المحلية؟


صلاح ملاعب من بلدة بيصور التي تتسم بالإلفة والمحبة والفكر، هاجرت إلى أمريكا عقب الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982 وتخرجت هناك وفي العام 2012 عدت إلى لبنان بعد غربة دامت 30 عاماً بسبب الظروف التي كانت حاصلة آنذاك وكان عليّ بأن أكمل دراستي، بالإضافة إلى أنني عشت 17 عاماً في إيطاليا خلال غربتي، وبعد العودة إلى ربوع الوطن عملت وأشقائي في المشاريع الإنمائية وأطلقنا على مشاريعنا إسم «البيت اللبناني الأصيل»، لأن الشقق التي كنا نبنيها كانت تتسم بالحجر والقناطر، لكن للأسف الشديد عندما بدأ الوضع الإقتصادي في لبنان يتجه نحو التدهور توقفنا عن إستلام هذه المشاريع، خاصة وأن القروض الإسكانية لم تعد تتوفر كما السابق، وبالتالي فإن ليس لمشاريعنا جدوى في ظل الظروف الراهنة، إذ أن المواطن اللبناني المقيم بات يرتكز على عمله «يومك يومك»، أي ليطعم أولاده فقط ولم يعد هدفه إمتلاك شقة أو فيلا صغيرة، لأن الوضع المادي لم يعد يسمح بذلك، ولأننا نحب هذا البلد ونحب العيش فيه، كمآ أننا نحب صلة التواصل بين أهله أردنا بأن تكون منّا مبادرة تعود بفائدة على الإقتصاد الوطني لتحويله من إقتصاد ريعي إلى إقتصاد منتج، وفضلنا بدل من أن نلعن المشكلة علينا أن نكون جزءاً من حلها، وبعد البحث والتدقيق وعدة أفكار وجدنا أنه علينا إنتاج شيء يكون متوفراً بين أيدي الناس كما ربطة الخبز تقريباً دون أن نزيد العبء على كاهل أهلنا في لبنان،

لبنان لنا ولن نتركه مهما عصفت بنا الرياح..

لذا جاءت فكرة صنع «الباستا» المحلية، خصوصا وأنني من عشاقها وأستمتع بمذاقها وطعمها، فكانت ال« Family business» التي ضمت عشرة شركاء بين إخوة وأبناء وضع كل منا كل ما يملكه لإفتتاح هذا المشروع الذي يختص بالأمن الغذائي والإقتصادي معاً، غير أننا لم نرى مشاريع صناعية كبيرة في لبنان قدرتها تعزيز الإقتصاد الوطني يوما ما، أو تكون اكتفاء ذاتيا لنا كمواطنين، فكان معمل «دل ليبانو» الذي إخترنا موقعه في بلدتنا بيصور التي تعتبر منطقة محرومة نسبيا لنثبت بأنها تستطيع فعل الكثير، وكانت دراسة المشروع من كافة جوانبه قبل تنفيذه من خبرات ومستلزمات خاصة لإنجاحه، حتى أننا أنشأنا مطاحن خاصة تطحن القمح الواجب إستعماله لصنع «الباستا».


*في ظل الظروف الإقتصادية التي يمر بها لبنان، ألم تخافوا من هذه المخاطرة في الوقت الراهن، خصوصاً وأن لبنان يعاني ليس إقتصادياً فقط، بل إجتماعياً وإنسانياً؟


لا شك بأن الخوف موجود دائماً، لكن إذا سرنا خلف مخاوفنا لن يبقى أحد في لبنان من أهله سنهاجر جميعاً، لذا ولأننا من المؤمنون بهذا البلد لنا وهذه أرضنا التي لن نتخلى عنها مهما عصفت بنا الرياح، بل وسنعيد كل من هاجروا، لذا الصمود هو الحل الوحيد من أجل أبنائنا والأجيال القادمة لنبني لهم وطناً بدل تدميره، وهذا أقل واجباتنا إذا كنا نود النهوض بهذا الوطن وبنائه من جديد إنسانيا أمنيا وإقتصادياً.

باستا «دل ليبانو» طبيعية مئة في المئة..


*ماهي المستلزمات الصناعية التي تعتمدونها في صنع «الباستا»، وهل يدخلها أية مواد حافظة؟


سأجييك من نهاية السؤال، الباستا التي نصنعها لا يدخلها أية مواد حافظة بتاتا، فهي منتج طبيعي مئة في المئة مصنوع من القمح القاسي الذي يصنع منه البرغل والطحين الخشن «السميد»، فبعد عدة أبحاث قمنا بها وجدنا بأن القمح الأسمر القاسي الموجود في بقاعنا اللبناني والذي يشبه بشرتنا هو أفضل أنواع القمح في العالم كما أنه عالي البروتين، ينقى بعناية شديدة، ينقع ثم يغسل جيدا وينشّف ويخزّن 14 يوماً، من ثم يوضع في المكنات الخاصة لصنع الباستا لتخرج منه منتجاتنا المصنوعة من القمح والماء فقط، فمنتجنا لا تلمسه الأيدي ويخزّن لمدة عامين وهو آمن،

بالإضافة إلى أننا نعمل جاهدين حفاظاً على البيئة، إذ أن العوادم التي تخرج من القمح لا ترمى، بل تذهب علفا للدجاج والمواشي، أمّا المياه التي نستعملها هي مياه نبع الرعيان التي تعتبر من أصفى وأنقى المياه، فهدفنا الأول كان النوعية التي سنقدمها لأهلنا قبل أن نفكر بالربح، طبعاً نحن لسنا جمعية خيرية لكننا قررنا إنتاج أفضل نوعية ولو كانت بربح قليل في البداية، ولكي نستمر ونثبت وجودنا ومنتجنا كان علينا إختيار الطريق الصحيح لنصل للربح الكثير فيما بعد من خلال أسواقنا والأسواق العالمية التي نعمل على تصدير منتجنا إليها قريباً إن شاء اللة، خصوصاً وأن هذا المنتج يتمتع بمواصفات عالمية عالية الجودة والحمدالله بدأت منتجاتنا تغزو الأسواق المحلية.


يقال بأن رأس المال جبان، ما رأيك، بهذه المقولة؟

صحيح مئة في المئة، لكن مازال هناك أشخاصا كثر مثلي ومثل إخوتي يحبون هذا البلد وبإمكانهم الإقدام كما فعلنا نحن، وأنا متأكد بأن هذا الإقدام سيأتي بفائدة فيما بعد، شرط أن نضع نصب أعيننا بأنه ليس لدينا الخيار في الفشل،

لذا نحن نعمل بكل ما أوتينا من قوة وطاقة للنجاح، والحمدالله فريق عملنا يعمل بكل حب، فعندما يشعر العامل بأنه جزء من هذا العمل سيعطي بكل طاقاته، وعندما تحترم الإدارة حقوق العامل وتقوم بواجباتها كاملة تجاهه يأتي العمل كاملاً متكاملاً، لذا شعارنا الذي اعتمدناه لمنتجاتنا، «صنعت في حب والأرزة في القلب»، ونحمد الله بأننا لم نحتاج لدعم أحد «لا زعيم ولا حزب» هم فقط باركوا هذا العمل وتمنوا لنا التوفيق ولم يعرقلوا لنا شيئ كما كان يعتقد البعض، بل وطلبنا منهم إذا كان لديهم من يريدون توظيفه نحن نفتح له أبوابنا وذلك ليس خدمة لأحد، بل هي خدمة لكل من يحتاج للعمل في ظل هذه الظروف الصعبة وبإمكانه مساعدتنا لتكبير عملنا، ويجب على الجميع بأن يعلم أن اللبناني مبدع جدا إذا ما فتح له المجال وسيعمل بكل جهوده دون أدنى شك،

ومن خلال منبركم أود التوجه بالشكر لبلدية بيصور التي قدمت لنا الأرض في المنطقة الصناعية في بيصور حيث أنشأنا معملنا بعيدا عن بيوت الضيعة لنستوفي كل الشروط البيئية من أجل السلامة العامة مع استيفاء كل الشروط الإدارية التي سهلت لنا العمل، لذا أنصح كل من يمكنه النهوض بإقتصاد هذا البلد من خلال أي عمل أو فكرة فليقدم عليها.


كم نوع من الباستا تنتجون؟


ستة أنواع من الباستا، المعكرونة العادية، اللزانيا، التاليتللي، الراصور، القسطل، الغليون، والإقبال عليهم جيد جدا والحمدالله، حتى أننا بتنا نسمع ردود الفعل التي تقول لنا شكرا لأنكم أعدتم لنا طعم الباستا الحقيقي.


*من المشاريع الإنمائية والعمرانية إلى مشروع صناعي، ما الفرق الذي وجدتموه، وما هي الصعوبات التي واجهتكم؟


في المشاريع الإنمائية لدينا خبرة كبيرة، حيث أن والدنا كان يعمل فيها وأنا وإخوتي أكملنا المسيرة وعملنا لفترة طويلة في هذا المجال، فبين الأشقاء والأبناء لدينا اكثر من خمسة مهندسين معماريين، أمّا أنا فعملي الخاص هو « Soft ware» وإنشاء تطبيقات خاصة بالأجهزة الخلوية، لذا عندما يغير الإنسان إختصاصه لا بد من أن يواجه مشاكل الإختصاص الجديد، ففي البداية واجهتنا بعض الصعوبات بسبب قلة خبرتنا في المشاريع الصناعية ولعدم وجود خبرات في هذا العمل لدى الأشخاص الذين يعملون لدينا، لكننا حاولنا حل هذه المشاكل ضمن قدراتنا ومع الأيام ستحل نهائيا بإذن الله، خصوصا وأننا تدربنا وفريق عملنا على أيدي خبراء أجانب، وأنا أؤمن جدا بأننا إذا لم نتحول إلى شعب منتج وليس مستهلك فقط لن نتغير أبدا، فلن يغير الله في قوم حتى يغيروا مافي أنفسهم.


كلمة اخيرة؟


أعود وأكرر إذا ما أردنا النهوض بهذا البلد علينا إنشاء مصانع ومعامل محلية تعنى بكل شيء، منها نكون قد نهضنا بإقتصادنا وأمنّا فرص عمل لأهلنا وحدّينا من إنتشار الفقر والبطالة، وكل من يريد فتح مصنع باستا ويحتاج إلى خبراتنا سنمد له يد العون، فقوم تعاونوا ما غلبوا، وشكرا لمجلتكم التي تضيئ دائما على كل ماهو جديد ومفيد من مشاريع قد تكون جزءا من الحل.

رانية الأحمدية

شاهد أيضاً

علامة خلال جلسة للجنة الشؤون الخارجية: “هدفنا الإضاءة على حجم الدمار البشع في الجنوب”

عقدت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين جلسة، برئاسة النائب الدكتور فادي علامة وحضور الأعضاء وسفراء ورؤساء …