تجليّات ظاهرة الاغتراب في الأدب النّسوي اللّبناني رواية مواويل الغربة للطيفة الحاج قديح أُنموذجًا


دكتورة درّيّة كمال فرحات
استاذة في الجامعة اللبنانية

​​​​
المقدمة:
يسعى الإنسان دائما إلى البحث عن حياةٍ أفضل، وينشد حياة جديدة، أو يحاول التّخلّص من واقع غير مرغوب، أو يهرب من واقع سياسيّ أليم، لذلك يختارُ مُعظمهم الهجرة إلى دولٍ وأماكنٍ جديدة تُساعدهم على تحسين مُستوى حياتهم وتغيير ظروف واقعهم، فينتشر في هذا العالم الواسع ويعيش حياة الاغتراب.
وتتعدّد أسباب الهجرة، وترتبط بعوامل عديدة منها: السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ والعلميّ. وقد يرتبط عامل الهجرة بالطبيعة البشريّة التي تبحث عن الجديد أو حبّ المغامرة والاكتشاف.
وقد تُشكّلُ الهجرة مجموعةً من الآثار على المهاجرين والدّول التي يتوجّهون لها، فتُوثّرُ الهجرةُ على بعضِ الأفراد من خلال صعوبة تأقلُمِهم مع طبيعةِ الحياة في البلد الجديد، وخصوصاً مع ظهور الاختلافات الثقافيّة والاجتماعيّة، وكل ذلك يساعد في الانخراط بعالم جديد والوصول إلى ابداعات قد تكون علميّة أو أدبيّة، فكم من مهاجر تألّق وأبدع في بلاد الاغترب.

واللبنانيّ فرد من أفراد هذة الإنسانيّة، انتشر في ربوع الأرض مشرّقًا ومغرّبًا باحثًا عن الجديد، ساعيًّا إلى معيشة أفضل، وإذا تعدّدت أسباب الهجرة عند اللبنانيّ، فإنّ طموحه وسعيه إلى المغامرة يعدّ من أهمّ الأسباب التي أدّت إلى هجرته، واندماجه في الغربة فبات مغتربًا في بلاد الله الواسعة، واللبنانيون هم الذين الذينَ حَمَلوا الحَرفَ إلى العالمِ، ودأبَ الذين هاجروا إلى أصقاعِ العالمِ على مصاحبةِ الكتابِ. فهو سرُّ يلازمُهمْ. لهذا قال حافظ ابراهيم عنهم:
ما عابَهُم أنّهُم في الأرضِ قد نُثِرُوا ​​فالشُّهبُ مَنثُورَة ٌ مُذ كانت الشُّهُبُ
ولَمْ يَضِرْهُمْ سُرَاءَ في مَناكِبِها ​​​فكلّ حَيِّ له في الكَوْنِ مُضْطَرَبُ
رَادُوا المَناهِلَ في الدُّنْيا ولو وَجَدُوا ​​إلى المَجَرَّة ِ رَكباً صاعِداً رَكِبُوا
​والمرأة اللبنانيّة كانت صنوًّا للرّجل اللبنانيّ في اغترابه وترحاله، فكانت لها صولاتها وجولاتها في بلاد الاغتراب وأصقاع الأرض، التي سافرت إليها إمّا طوعًا وإما لظرف قاهر دفعها إلى ذلك وإمّا مرافقة لهجرة عائلتها. ولذلك فإنّ نتائج هذه الغربة انعكست عليها أيضًا فأبدعت في مجالات متعدّدة، ومنها المجال الأدبي. وإذا تصفّحنا الكتب التي اهتمت بمسرد/ قوائم الكاتبات والشّاعرات اللبنانيّات اللواتي برزن في بلاد الاغتراب لوجدنا الكثير، منهنّ: الشّاعرات والرّوائيات والكاتبات.


​ومن هنا فإنّ هذا البحث ينقّب عن المرأة المبدعة في الاغتراب، ويهدف إلى الكشف عن تجلّي ظاهرة الاغتراب في أدبها، والتي احتلت حيّزًا مهمًّا في النّصوص السرديّة لكاتبات لبنانيّات، وستبحث هذه الدّراسة في التجربة السرديّة النسويّة، وخصوصًا عن الأديبات اللبنانيات اللواتي عشن تجربة الغربة وعرفن معنى الاغتراب، بشكل مباشر أو غير مباشر. فكان لهنّ نتاج سرديّ، كتبنَه من خلال انعكاس تجربة الغربة عليهنّ، أو تحدثن عن آثار هذه التجربة في نتاجهنّ.
تجربة لطيفة الحاج قديح (1947-…)
1- لطيفة الحاج قديح … والحياة الأسريّة
​من مواليد ساحل المتن الجنوبي ( الغبيري) متزوجة من الفنان مالك قديح من النبطية، ولهما ثلاثة أولاد، وأربعة أحفاد. حاصلة على شهادة دار المعلمين والمعلمات العليا. وليسانس في العلوم الطبيعية من الجامعة اللبنانية، وماجستير في التربية من جامع “كيبيك” الكندية. عملت في حقلي التّربية والتّعليم وناشطة في الحقلين الثقافيّ والأدبيّ.
هاجرت مع عائلتها إلى المملكة العربية السعودية، أبّان الحرب الأهلية ثم إلى كندا، حيث عملت في مدارس “الليسيه الفرنسّية”، وقامت بتأسيس مدرسة للغة العربية (في مونتريال)، ثم عادت لتستقر في لبنان في العام 1993، من مؤلفاتها الأدبية: خمس روايات: مواويل الغربة، صخرة الروشة، البحث عن السعادة، شجرة النور، ومجموعة “حياة جديدة”. وسلسلة “مقامات نون النسوة” وهما: الجزء الأول:”بحث عن أوضاع المرأة العربية والمسلمة”. والثاني بعنوان”مريم وفاطمة (ع) لؤلؤتا الانسانية”. والثالث رواية بعنوان “آخر النفق”.
ولطالما كان راهن المرأة بوصلةً لمجمل نتاجات لطيفة الحاج قديح الروائيّة والبحثيّة على حد سواء، فما يربط بين نتاجها الأدبي هو المرأة والحياة بشكل عام بما فيها من تشعبات.

الباحثة الدكتورة درية فرجات

2- تجلّيات الاغتراب في رواية مواويل الغربة:
أ ملخص الرّواية
هي رواية تتحدث عن عائلة حاتم ووفاء، وهي عائلة لبنانية هربت من شبح الحرب وما تحمله من رسائل موت، وقرّرت الهجرة إلى كندا، لتقع الأسرة هناك ضحية اختلاف الثّقافات بين البلدين، وما آل اليه حال الأبناء بعد تعلّقهم بالغرب وأفكاره. وكان الأب منشغلًا في العمل لتوفير الحياة الكريمة لأسرته، ونسي تقوية العلاقات بينه وبين أبنائه في الغربة. وتتحمّل الأم هذه المهمّة للحفاظ على هويتها وهوية أسرتها، وحمايتها من الثّقافة الغربية المختلفة عن تقاليدهم ومبادئهم. ولكنّها تصطدم بتمرّد ابنتها على هويتها وتقاليدها واندماجها في بلاد المهجر بكل ما تحمل من عادات وأساليب مختلفة.
​وتقول الكاتبة عندما كتبت “الرواية” كان هاجسي الأول هو الانسان، بكل أبعاده الوجوديّة، كيانًا وعقلًا وروحًا، وربما كانت الأسرة هي هاجسي الأشمل، وتحديداً الأسرة الشرقيّة، العربيّة، المسلمة. وترى الأديبة الرّوائية الأديبة إميلي نصرالله، أنّ “لطيفة الحاج” في مواويل الغربة روائيّة متمكّنة من الضّربة الأولى، إن من ناحية الموضوع والأسلوب، أو اللغة، وهي صاحبة نظرة عميقة في فهم مجتمعها، وطنًا ومهجرًا. والرّواية من الرّوايات الجدية الحاملة همّ السؤال، والبحث عن الجواب، وتطرح مشكلة كبرى في تصويرها سلبية المرأة التي تبلغ في بعض المواقف حالة الإلغاء والتغييب”.

ب- العلاقة بين الشّرق والغرب
إنّ العلاقة بين الشّرق والغرب قضية مهمة، وترد بشكل دائم في الرّوايات التي تتحدّث عن الغربة والهجرة، ويعود ذلك إلى ارتباط هذه القضية بمكونات الهوية التي تعدّ من أهم المؤثرات في سمات الشخصية. فهي تحدّد صاحبها فكرًا وثقافة وأسلوب حياة. ومتى كانت الهوية واضحة مستقرة، تميّزت بالثّبات والرّسوخ. أمّا إذا كانت مهزوزة ومتناقضة، فإنّ المرء يعاني من الانحلال والتّميع في عقيدته وأخلاقه وسلوكه. فالهوية هي التي تحفظ كيان الشخصية، ومن دونها يتحوّل الإنسان إلى كائن تابع. والشّباب في الوقت الحالي من تتسم هويته بالفوضى والارتباك والقلق بسبب التّقليد الأعمى والتّشبّه بالغير.
وهذا ما تعالجه رواية مواويل الغربة، ففقدان الهوية الواضحة للابنة لارا جعلها تقع فريسة الغرب، والتّقليد الأعمى لعادات غربيّة لا تنتمي إليها. وتتجسّد المأساة العائليّة في تمرد الابنة “لارا” (بطلة الرواية) على إرادة أهلها رغبة منها في الاندماج والتأقلم مع قيم المجتمع الجديد، حيث وعت وتفتحت رغباتها، بينما تحاول الأم ابقاء ابنتها مقيمة على وفائها وعذريتها وطهارتها المستمدة من قيم مجتمعاتنا الشرقية، “يا للكارثة، ويا لهول ما تسمع، تكاد لا تصدّق أذنيها أمن المعقول أنّ ابنتها لارا البريئة، الدّلوعة، المغناج، التي ترّبت في حضنها على الشّرف والفضيلة والأخلاق الحميدة، تحبّ مغني “الروك أند رول” وتسعى للزّواج منه. دون الرّجوع إلى رأي العائلة”(ص 136)، مأساة تواجهها الأم ولا تعرف كيف تتصرّف، خصوصًا مع غياب الأب الذي تركها تتحمّل مسؤولية العائلة بسبب انشغاله في العمل، وتواجه الأمّ أزمة في التّعامل مع ابنتها المدلّلة التي لا يُرفض لها طلب، لكن هذا الأمر من الصّعب القبول به.
ويكبر الصّراع في قلب الأمّ، خصوصًا أنّ في أعماقها امرأة شرقيّة، فبات من المستحيل قبول هذه العلاقة، وتكثر الأسئلة في عقل الأم وتحاور نفسها عن سبب الرّفض، “ما الذي ترفضينه يا وفاء في هذه العلاقة بالتّحديد؟ هل هو عمل توني ستون كمغنٍ أم لأنّه من جنسية مختلفة؟ أو، هل لأنه يدين بيدن آخر، ويؤمن بقيم وعادات مختلفة؟”(ص 133). نعم عوامل متعدّدة تقف حجر عثرة أمام القبول، فإذا تجاوزت أمرًا وقعت بما هو أصعب، ومشكلتها أنّ زوجها أيضًا رجل شرقيّ متزمّت تربّى على قيم ومفاهيم لا يمكنه تجاهلها، من هنا تبرز هذه المعضلة الدّائمة بين طبيعة مجتمعين يختلفان في القيم والعادات، “ومع ذلك، فإنّ وفاء لم تتخلّ عن الأمل، الأمل في أن تتراجع لارا عن الطّريق الذي تسلكه، وتنتبه إلى ما ترتكبه من خطأ في حقّ نفسها وحقّ عائلتها، فتتخلّى عن هذه العلاقة، أو يتخلّى الرّجل عنها وهو المعروف باستهتاره وعدم جديّته، أو يحدث أمر ليس في الحسبان يغيّر من حال إلى حال أفضل”( ص 137). وقد رأى جواد الصّيداوي :” أنّ رواية “مواويل الغربة” تحمل قيما تربويّة وإنسانيّة عالية المضمون، وتشكّل إضافة إلى النّتاج الرّوائي اللبنانيّ. وقد تكون الرّوائيّة في عملها الأول هذا تتابع في ظروف ومعطيات مختلفة الموضوعات التي بدأت مع الحي اللاتيني “لسهيل ادريس”، وعصفور من الشّرق “لتوفيق الحكيم”.
​ولم يكن الخلاص من هذه الأزمة سوى العودة إلى أرض الوطن، وإبعاد لارا عن حبيبها المغني، لكنّ ذلك لم يمنع لارا من متابعة تمرّدها على موقف عائلتها، فهي تتمرّد على كلّ قيمها الموروثة وعلى الشّرق الذي في داخلها، وتواجه والدها بحقّها في الحرية التي أعطاها إياها سابقًا، “لقد ربيّتني على الحريّة، وها أنا أمارسها، فأنا حرّة، أفعل ما أشاء، أخرج مع من أشاء، وأحبّ من أشاء. لقد تجاوزت العشرين. أم أنّك نسيت ذلك يا والدي العزيز؟؟ قالت لارا كلماتها بتهكّم واضح، ثمّ أردفت تقول: ألا يكفي أنّكمتا إرغمتماني على البقاء في هذا البلد البائس؟”( ص 223)، نعم اختلاف في القيم يجعل من حقّ الفتاة متى وصلت إلى سن الثّامنة عشرة من الاستقلاليّة عن العائلة، وهذا ما يتناقض مع المفهوم في الشّرق. وإحساس لارا بفقدانها حريّتها يجعل نظرتها إلى الوطن الأصليّ نظرة كئيبة فبات بلدًا بائسًا، وتكون نهايتها موتًا سقوطًا عن سطح البيت في أثناء هروبها من والدها، واقتياد والدها إلى الشّرطة للتّحقيق معه. وقد رأى الدكتور جان طنوس أنّ الرّوائيّة لطيفة الحاج تدين الواقع وفق ما يتجلّى في أبطالها، فلا الشّرق معصوم، ولا الغرب كامل، كيف لا والزّوج تزوّج سرًّا وهو ما يراه المجتمع بأنّه بتأييد من الشّرع مع ما تعانيه الزّوجة من الحرمان، وأحياناً خطر الغواية. إنّ إدانة الغرب في تغيير القيم والمفاهيم لا بدّ أن يبدأ بتقويم قيم الشّرق وما فيها من ثغرات تدفع أبناءه إلى الارتماء بمجتمع آخر.

ج- الهجرة والحرب
تعدّ رواية مواويل الغربة رواية اغترابيّة ومعاصرة للحرب، فعائلة حاتم ووفاء قررت الهجرة هربًا من واقع لبنان وأزماته، ومن الحرب الأهليّة والاعتداءات الإسرائليّة عليه، فكان الهدف البحث عن الأمان وعن الحريّة: حرّيّة الفكر وحرّيّة التّعليم وحرّيّة التّصرّف كما قالت “وفاء”، فالأولاد يكبرون وهم بحاجة إلى ذلك والوطن لم يعد يستطيع أن يقدّم ذلك، “وكالطّيور المهاجرة، قرّرت عائلة حاتم حمزة أن ترحل نحو الشّمال. وكأنّما جاء الغزو الإسرائيلي لبيروت في العام 1982 ليؤكّد للعائلة صحّة ما أقدمت عليه، وليدفعها [إلى] تنفيذه بأقصى سرعة ممكنة، ولم يكن هيّنًا على الأسرة أن تتّخذ قرارًا كهذا على الرّغم من أنّ عائلات كثيرة صديقة كانت قد سبقت إلى هناك…”( ص 31)، أسباب عديدة تدفع العائلات إلى الهجرة، فكانت هذه الرّواية ترسم ملامح الهجرة التي اتّخذها أبناء لبنان على مرّ الزّمن، ومنها واقع الحرب وأزمة لبنان خلال هذه الحروب. ومن الأسباب أيضًا هو البحث عن بلد يمنح صاحبها فرصة للتّخلّص من جواز السّفر اللّبنانيّ الذي أصبح كالعملة المزورة (ص 30)، وبالإضافة إلى ذلك البحث عن بلد يؤمّن الاحتياجات اللازمة، فكانت كندا التي هي كغيرها من البلاد المتطوّرة تضمن للمواطن حقّ الطّبابة المجانيّة مدى الحياة (ص 30).
إنّ عائلة حاتم حمزة في هذه الرّواية تبدو أنموذجًا للعائلة اللبنانيّة التي تعيش التّشتت والتّصارع والتّشرزم، والتّناقضات بين الأشخاص والأحداث والقيم بين مجتمعين محتلفين، فكانت الغربة تعبيرًا عن تنوّع المشاعر نحو الوطن، فالوطن بالنسبة إلى البطلة “وفاء” ، صورةٌ وروحٌ، وعندما يبتعد الإنسانُ يأخذُ معه الصورةَ والروحَ، وربما مع الابتعاد تصبح الصورةُ أكثر لمعانًا، وإشراقًا، وتصبح الروحُ أكثرَ خفةً وشفافيةً؛ ويبقى الوطنُ حيًّا في الضّمير ولكن بلغة الآخر. والوطن ليس سياجًا ولا حدودًا مشتركة ولا مجموعة خطوط وخيوط… إنّه أزل ننتمي إليه طوعاً، في الرّوح قبل الجسد. هذا الموقف من قبل الأمّ كان مختلفًا عند الأبناء، فهذه ابنتها سارة ترفض العودة إلى الوطن بعد الحصول على الجنسية الكنديّة، “لا، لا يا ماما، فأنا سعيدة هما في كندا، وأنا لم أعد أعرف أحدًا في لبنان. حتى أولاد خالتي الذين كنت ألعب معهم أشعر أنّهم أصبحوا غرباء عني”( ص 28).
وتواجه الأمّ معضلة تفكّر فيها، فهل عودتها إلى الوطن الذي تحبّه سيحقّق لها السّعادة بعيدا من أبنائها، فقد وضعتها سارة أمام حقيقة قاسية، فهي ترفض العودة إلى وطن متعب مثخن بالجراح، خصوصًا بعد أن تفتحت عيناها على الحياة خارج الوطن وشعرت بالأمان، “فلم يكن هيّنًا عليها أن تفهم لماذا نحوّل هذا الوطن إلى بلد معاق، مشوّه مقطّع الأوصال، لماذا عليها إذًأ أن تمشي في طرقات مليئة بالحفر؟ وأن تقضي الليل على ضوء مصباح لاهث متعب؟ لماذا تترك من عرفتهم وأحبتتهم هناك وتأتي إلى وطن لم تعد تعرف فيه أحدًا؟”(ص 23). إنّها قضية انسلاخ عن الوطن وهروب ممّا فيه من مآسٍ، فباتت العلاقة مع الوطن علاقة ماديّة وفيها حسبان للخسارة والمكسب، فما بين الأمّ المحبّة لأرض الوطن تحسبه الروح لها، والابنة التي تنظر إلى الوطن بما يمكن أن يقدم لها من منافع، صورة حقيقة استطاعت الرّواية التي تناقش قضية الاغتراب أن تنقلها لنا، بالإضافة إلى أنّ هذه النظرة المرتبطة بالمنفعة الماديّة للوطن عكستها دائما فكرة الهجرة والاغتراب. واستطاعت رواية مواويل الغربة أن تعالج قضية الاغتراب وما تتركه من أثر على الأسرة اللبنانيّة وعلى المجتمع اللبنانيّ، بحيث تترك في المتلقي الأثر الكبير الذي يتفاعل الطّابع الإنسانيّ والاجتماعيّ لأحداث هذه الرّواية التي جرت بين لبنان وكندا.

شاهد أيضاً

تداعيات استشهاد قائد وحدة عزيز في الحزب

عمر معربوني | خبير عسكري – خريج الأكاديمية العسكرية السوفياتية – في البعد الوجداني : …