هل يُمكن أن نعيش في خُسْرَان دائم؟

سمير الزين

كأنما السماء دمْعٌ يجفّ حين تُمطر ، وحين تتوقف عن المطر ..
حين تستيقظُ النار ، وحين نستيقظ نحن ، وحين نغفو …
حتى آلَفَتْ العيون الليل ، لتعرف كيف ترى ، وكيف تقرأ ..
قرأتْ خبراً حزيناً :
رحيل الفنان الكبير والإنسان الكبير : حسام الصبّاح شقيق الزميل والصديق العزيز محمدعلي الصبّاح ؟
.. تعرفتُ عليه للمرة الأولى في بدايات السبعينات من القرن الماضي ، في النبطية، في إحدى السهرات ، في بيت الرفيق والصديق المناضل فؤاد المقدم الذي رحل منذ عامين تقريباً … ثم إلتقينا بعد سنوات ، بعد الإجتياح الإسرائيلي عام ١٩٨٢. .. وهذه المرة أيضاً في بيت فؤاد المقدم في بيروت ، وكان حاضراًمعنا آنذاك ، الفنان المعروف والكبير رفيق علي أحمد …
وبعدها ما عدنا إلتقينا …
كلٌ في طريقه صار .. ولم يعد يعرف أحدٌ عن أحدٍ كيف طحنته الحياة .. ؟وكيف سيعيشُ أو يموت ؟ …
وإنقطعتْ اللقاءات ، وإنقطع الكلام …
إنَّ لكلٍ جسده …
إنَّ لكلٍ جراحه …
وأتى الزمان بعد الزمان ..
وولّى الإصغاءُ تِلو الإصغاء ..
ومنذ ما يقارب السنتين ، صرنا نعيش في وطنٍ مقتولٍ ..
في وطنٍ يموتُ … ومات …
لا نسمعُ إِلَّا صمتاً ..
ننظرُ من خلفنا ، ومن أمامنا ..
نُحصي الذين يعبرون …
والذين يرحلون ..
ونتفقدُ ذاكرتنا ..
ونشمُّ طعمَ أرواحنا ..
هل ما زال فيها روحٌ للبقاء ..
؟للنوم … لليقظة …؟
أحياناً نصدّق ، فنغسلُ وجوهنا !..
وأحياناً لا نصدّق ، فنغطي رؤوسنا بوشاح سميك ، كي لا نرى ماذا سيحدث ؟.
قيلَ :إنَّ حسام الصبّاح يحبّ ويعشق النبطية ، مسقط رأسه .. لذا ، لا يبتعد عنها كثيراً .. ودائماً يأتيها من كل الأماكن .. من كل الطرقات .. من كل الغابات …
حيث كان يحطّبُ لها ” حملة حطب ” ، ويحملها على ظهره .. ليضعها في زوايا طفولاته .. في ساحة النبطية …وفي سهل الميذنة … وفي قلعة الشقيف ..يضعها هناك في كل تلك الأماكن ليعيش أكثر .. لكن الفن والتمثيل ما أسعفاه …فمات أكثر …
رحل حسام الصبّاح … على طريق النبطية من جرّاء حادث سير ..قتله الحادث ، قتله حبّه لمسقط رأسه …
وصمتت كل الأشياء ؟
ولا شيء يُصغي إِلَّا التراب !…
وداعاً حسام الصبّاح .

/ ٢٩-٥-٢٠٢١