أدباء وشعراء

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي

إياد القلعي
إياد عباس زغير من مواليد قضاء قلعة سكر جنوبي بغداد شمالي ذي قار
عضو الأتحاد العام للأدباء والكُتّاب العراقيين وعضو منتدى ادباء قلعة سكر .
درس في جامعة واسط كلية التربية وتخرج منها عام 2008-2009 ، عملَ مدرّسًا في مدينة الكاظمية.

عمل في عدد من الصحف العراقية وكتب الشعر والقصة القصيرة ومارسَ النقد الصحفي في عدد من الصحف والمجلات والمواقع الألكترونية.

نُشرت له مجموعة قصصية مع عدد من الكتاب العرب وصدرت عن دار ضاد للطباعة والنشر في مصر بعنوان ( حواديت ) عام 2015

كما صدرت له مجموعة قصصية بعنوان (وطن بتوقيت جواد سليم) عن دار ابن السكيت للطباعة والنشر عام 2016 و مجموعة قصصية بعنوان ( شبحٌ يسبح في جمجمتي) عن دار المتن للطباعة والنشر ببغداد عام 2018

له مجموعة شعرية (اعترافات نبيّ شرقي) و مجموعة قصصية ( تكبيرات ملثمة)
قلم متمكن ، يخاطبك بالإبداع ويتقن فن الكلمة .

الاديب أياد القلعي: السرد هو ذاكرة الأمكنة التي اعرفها والتي سأعرفها لاحقاً

*الأديب العراقي أياد القلعي، كيف تقدم نفسك للقراء اللبنانيين والعرب؟

– لم اعرفني أول مرة كي أعرف نفسي بطريقة تنحرف عن العادة، لكني عربي تماماً وجدتُ أناي بمفاتن اللغة وتركيب أول هو ذلك الذي جُبل عليه الإنسان بفلسفته وكينونته ليجد نفسه، كتبت الشعر والقصة القصيرة ومارستُ النقد الصحفي وحاولتُ مُذ تبجستْ الرغبة في الكتابة أن أقترح على الحياة ؛ لأني متنها رغم محاولات الهامش بابتلاعي، فلستُ أكثر من إياد القلعي.

الشاعر والقاص والناقد.
أيّ لقب هو الأقرب إليك، أم أنك نجحت في جمع هذه الأقانيم الثلاثة التي تغني التجربة الأدبية؟


السرد هو ذاكرة الأمكنة التي اعرفها والتي سأعرفها لاحقاً وتعدد الألقاب او الصفات بات مصطلحاً مرهقاً في انتشار شبكة التواصل الإجتماعي الذي يضجُّ بالكثير من الأسماء الأفتراضية المشبوهة، لا ادعي الإنسلاخ عن الشعر ابداً كون أني أنظر إلى الشعر والسرد انهما ابناء حوض واحد خصوصا بعد التطور الكبير الذي تعيشه الثقافة العربية بهويتها الصادقة كمجتمع وفي التعبير عن تطلعات الجمهور رغم وجع السياسة الذي تعيشه جمجمتنا العربية بثمالتها، أما النقد دوماً كنتُ دقيقاً في وصف نفسي بالقول مارستُ النقد وهذه الممارسة هي ثقافة شخصية أو أفكار من وجهة نظر خاصة لكنها لاتخرج عن مفهوم السياق النقدي ولي مخطوطة تحمل عنوان (حبر ابيض) أحاول بها تسليط الضوء على القناع الشعري والرمز بتفسيرهما العميق بعيداً عن لعبة الاختباء من السلطة التي أوجعت رؤوسنا بوجهات نظر سطحية على ما أظن وهو ليس اعتقاد ثابت ربما سأتخلى عنه ذات يوم ..

*تتميّز الكلمة العراقية بالشجن الذي يلامسُ شغاف القلب . ما هو السرّ في هذه الملكة الفريدة لبلاد ما بين النهرين؟


-الكلمات بنات القلوب لذلك هي تحمل أفراحنا وأتراحنا التي ضاجعتنا بها كل الحروب وعنتريات القادة في هذه الخارطة والسر هو ثلاثة حروب وحصار مرّ لئيم وفوضى ومستنقع طائفية هذه كلها جعلت المثقف عندما يكون مثقفا يكتب برأس حربة وعندما يكون عاشقاً يكتب بصرخة قلب يرفع شارة نصره رغم الخسارات وهذه علامة سيميائية تفسرها علائق متداخلة بجذور الأرض الأولى بسريانيتها وآراميتها وبحضاراتها الثلاث لا شك هذا النسيج العميق له هوية لا تنفلت ولها مزاج خاص ..

  • *تحتلُّ بغداد مركزًا متقدّمًا في مجال الصحافة الثقافية. كيف استطعتم الحفاظ على هذا الجانب رغم الضائقة الاقتصادية وضعف استثمار رؤوس الأموال في هذا القطاع؟
  • هي مركز متقدم في كل شيء لكنها في المنبر الإعلامي لم تبق في الصدارة من وجهة نظري الشخصية كمتابع لهذا المتن الذي اختلط كثيراً بالمتن الثقافي والمزاج والتوجه لذا هو لا يحمل هوية ثابتة وانما يتعدد بتعدد التوجه السياسي، وفي كثير من الأحيان نعاني من ضائقة وان لم تكن ضائقة سنفتعلها حتماً ولو كان لدينا استثمار حقيقي كان من الممكن أن نصدر السينما والدراما والمسرح كشيء من واجهة اعلامية ارتبطتْ بالتلفزيون الأول أو برامج لها مساحة عربية وهذا مفقود مع الأسف ..

*لفتني عنوان ديوانك الشعريّ .
بمَ اعترف لك النبي الشرقيّ ؟ وهل أثار هذا العنوان ضجة أسوةً بما يتعرّض له المثقفون عندما يُقرأ كلامهم بشكل سطحي؟


-اعترف لي بما لم أستطع قوله فنبأني بكلّ غازٍ يرتب أرصفتي المسكونة بالجمال، ذلك النبي الممسوس الذي خانه ساعي البريد واحترق بفوضوية الحياة لتبقى الأوراق جمراً على نار قصائده. أما الإثارة هي إغراء لمن يبتكرون المعنى خصوصاً ان النحت الفكري والثقافي أقلية في زمن ثقافة البنادق ليبقى الضياع سيد السطحية المخيفة من المتلقي الوسطي والحمد لله ان المؤدلجين يشتموننا كثيراً كما يُشتم كل الأنبياء وان كنّا بلا رسالات سماوية نحن إنسانيون بما يكفي ..

*الثقافة في العالم العربي تعيش على المبادرات الفردية ودعم جهات غير حكومية .
ما سبب تقاعس الحكومات في دعم وزارة الثقافة ؟ هل تراه عملًا بريئًا أم أنه يدخل ضمن الحملة الممنهجة للقضاء على الفكر والكلمة؟

  • -الثقافة تتفاوت من خارطة إلى خارطة وبعضها يدعم التوجه إلى حد بناء حضارة كاملة، مستقبلاً، كما نلحظ ذلك في منطقة الخليج وفي العراق يتجاهل الساسة هذا المطبخ الفكري الذي ينظرون له هامشاً وفي الحقيقة هو عمود المجتمع كله إلى حد انهم ينظرون له حين يستفزهم بنص ما وتبزغ حينها ديكتاتورياتهم في تكميمه وحتى محاربة العناوين الثقافية على مستوى المهرجانات بقطع التمويل او المنحة من اجل رعاية هذا المهرجان وهذا حدث فعلاً في مرات سابقة حتى وان كان الوزير مبدعاً في مجاله لا يمنع من اشهار ديكتاتوريته عندما يتصدر المشهد..

*فشلت أمة العرب في إقامة حوار سياسي ناجح بين الدول . هل برأيك استطاعت الثقافة أن تجمعَ ما فرّقه ولاة الأمر عن عمدٍ؟

  • الثقافة هي نسيج متداخل في ربط العلائق الإجتماعية العربية ويكاد يكون الأدباء منفلتون عن التقاطعات الهشة والشطط السياسي العقيم الذي يبتكره القادة رغم اني دائماً لا أمزج النظرة السياسية واسقطها على النسيج المجتمعي الثقافة هي هذا التعدد الجميل بيننا وتقبله برئة مفتوحة رغم اني اعيب على المثقفين بروجهم العاجية والتي لا تصنع ثقافة حقيقية ولا تخرج لنا أدونيس حقيقي يشغل الدنيا بعد المتنبي حتى ان ولاة الأمر يجهلون فعلتهم إن كانوا ولاة ..

*ما جديد الكاتب أياد القلعي ؟ وما هي الكلمة التي توجهها إلى الناس في بداية العام ٢٠٢١؟

  • بعد ديواني الأخير عندي مجموعة جديدة تحمل عنوان “تكبيرات ملثمة” وتُرجمت بعض نصوصي إلى اللغة الإنكليزية من قبل الرائعة أنباء جوي ، ولدي مخطوطة وهي دراسة نقدية عن الرمز والقناع أعالج بها اشكالية رسم المصطلح من وجة نظر شخصية ولا يهمني طبيعة تلقي الآخرين كما لا يهمهم رأيي لكني أشاكسهم عنوة لأمازح جديتهم خصوصاً نحن مقبلون على عصر يذوّب الجليد وهذه إبتسامة ارجو ان تصل لكم، واتمنى ان يعم الأمان والسلام على كل البلدان العربية خصوصاً بلدي العراق ولبنان الحبيب الذي يبتكرنا عالمًا اخضر ويمنحنا دوماً ربيعاً ثقافياً سيبقى عالقا بقلوب الأمة كلها فألف تحية لكِ استاذة رانيا الرائعة وانتِ تمدين يد الضياء على نافذتي التي ارهقها الظلام ..

*أترك لك الختام في قصيدة تختارها لقراء كواليس.

اختم لكم بهذا النص وارجو ان يلامسكم أيها الأحبة:

(قديسة المرايا)

أعشقُ بابلَ
فمن ذا يفتحُ نافذةَ الغروب؟
من ذا الذي يعريها في مخدعِها
كلَّ ليلةٍ؟
ويجرّدُ كلَّ التماثيل من قمصانِها
ويفتّشُ في ضفيرتِها عن رائحةِ الأحلام
ليبلغَ ميناءَ الدهشةِ
وأنا أفتحُ ذراعيّ بخيبةِ الانتظار
والمصابيحُ البعيدةُ كالعيون.
الدم النافر يخرِجُ من أعينِ الشوارع ويُلطّخُ أصابعَ الرصيف
هذا القمرُ يعرِجُ وحيدًا من أمامِ البيت
ويجرِّدُ كلَّ العصافيرِ من عباءةِ المطر
ليُنسِجَ عنكبوتُ الحزنِ خيوطَ خيبتي على النافذةِ المستحيلةِ
فتَفِيضُ حدائقِي بالدُخان
لا هدوءَ يَربِطُ أجنِحَةَ السكون للطائرِ المذبوحِ وخَيْطُ القيامةِ يَلفُّ عنقَ الذكرياتِ بناياتِه المنخورةِ بشمعةٍ ذابلةٍ في فناءِ البيتِ
والضوءُ يَسدِلُ أجفَانُه بالنعاس على الرمادِ على العيونِ فتعْصُرُنِي الظنون باقتراح خزانة
كلِّ الخساراتِ المكوّمة
تعالَ يا حُزنُ واسترِحْ قليلًا
بادلْني كأسُ الشاعرِ بالمجاز
كي لا تَفلِتَ من خاطرتِي البلاغةُ العاريةُ
هذهِ أوراقِي تَسِيحُ في جدرانِ المرايا التي تعْكِسُ كلَّ الصدى في الوجوه
فمن يسندُ رأسي في أروقةِ الحُطام على أسمال سارية؟
يهلِكُها النهارُ
والقراصنةُ ينهبونَ فرائسَ الحنينِ
ماذا لو تتورّدُ أحلامُ الكمنجات بقبلةٍ دافئةٍ في فناء الليلِ
قبلَ أن تَتَجمدَ زهرتُنا في الزاوية
ويجهَضُ الزحامُ
هذا الحبَ تسْحَقهُ الذكرى
بسرفةِ الأغاني الحزينةِ
هذا الحبُّ قهوةٌ محطّتُنا
نسيجُ البياضِ في أيلول
أغُنيةٌ في جدائلِ الغرّاف
يمدُّ شرفةَ أحلامِهِ بالعيون
ويَمنَحُ الأرضَ تاريخَ الحكايةِ
هذا الحبُّ قِطارٌ يسْتَعيدُ موسيقى الرعاة لمن نستْهمُ الحربُ في الجنوب
هو نايُ قريتِنا الذي يوحِّدُ الصبيةَ بالنشيج
هو مراثِي النارِ التي تأكُلُ لهيبَها على طبقٍ من عُجالةٍ
وتموت
فلم يبْقَ منها سوى ذاكرةَ الرماد.

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …