امتحانات رسمية أم زنزانات تعذيب؟

بقلم علي خيرالله شريف

يا معالي وزير التربية السيد عباس الحلبي المحترم، هل سبق وتقدمت جنابك للامتحانات الرسمية؟
لا تؤاخذني على السؤال، فالظروف التي توفرها وزارتك الموقرة للتلامذة خلال الامتحانات الرسمية هذا العام، لا تدل على أن القيمين عليها قد مروا بامتحانات رسمية ولا مدرسية في حياتهم، أو ربما هي تدل على نيتهم الانتقام من التلامذة ومن كل شيء اسمه تربية وتعليم.
إليك نموذج حي من بين نماذج كثيرة، كمثال على جهودك الجبارة يا معالي الوزير:
مدرسة رأس بيروت الرسمية المختلطة، تجري فيها الامتحانات اليوم، وبالقرب منها ورشة بناء؛ جَبْل باطون، وضجة موتيرات ورافعات وجرافات، وصياح عمال وضرب شواكيش، و”بحصٌ” وغبار وغيرها من الأخطار. ورغم اشتداد الحر، شبابيك المدرسة مقفلة، بلا مكيفات ولا كهرباء، ولا أدنى مقومات الراحة لتلميذٍ في قاعة امتحان. الكل يتصبب عرقاً ويصاب بضيق التنفس، وتوتر الأعصاب، فيرتحل تركيزه إلى غير رجعة، مع ورشة البناء في البناية المجاورة، ويصبح ما حفظه الطلاب في خبر كان، وكأنهم في ساحة حربٍ صاخبة وليس في قاعة امتحانات.
هل تهدف هذه الامتحانات إلى تخريج أجيال من المتعلمين الحقيقيين أم هي امتحانات تصريف أعمال كأعمال حكومتكم الارتجالية على قاعدة “هات إيدك والحقني”؟
إذا كنتم يا معالي الوزير لا تستطيعون إجراء امتحانات بالحد الأدنى المطلوب من احترام البلد ومستقبل الأجيال فيه، ولا تستطيعون وقف ورشة باطون من فوق رؤوس الطلاب أثناء أيام الامتحانات، فالأجدر بكم أن تستقيلوا من مناصبكم، لأن الفراغ الوزاري في هذه الحالة أفضل من “تشقيف الحطب”، ولأنكم بذلك تزيدون من تردي الوضع التربوي وتحولون المدارس والمراكز بشكلٍ تدريجي إلى زنزانات تعذيب بدل مراكز تعليم وتَعَلُّم. هل هذا ما تفتقت عنه قريحتكم التربوية في الربع الأول من القرن الواحد والعشرين.

*الأربعاء ٣ تموز ٢٠٢٤*

شاهد أيضاً

المسلحون السوريون إلى النيجر..

أحمد رفعت يوسف  تحدثنا في تقارير سابقة بأن المسلحين السوريين المتورطين بعمليات ارهابية والذين سيتعذر …