“صلاح تيزاني ابو سليم : قامة فنية تستحق الإجلال لا التجريح”

بقلم: راوية المصري

إن الكلمات لتعجز عن وصف مشاعر الألم والأسى التي تعتصر القلب حين نرى قامة فنية سامقة كالفنان صلاح تيزاني تتعرض للتجريح والانتقاص من قدرها. فهذا الرجل الجليل، الذي تجاوز التسعين من عمره، لم يكن يومًا مجرد فنان عابر في مسيرة الفن اللبناني، بل كان وما زال أيقونة للإبداع والعطاء الفني الراقي..

إن من يتجرأ على انتقاد حضور هذا الفنان القدير في مهرجان تكريمي، متذرعًا بعمره المتقدم، إنما يكشف عن قصر نظر مؤسف وجهل بقيمة التكريم وأهميته للفنان وللمجتمع على حد سواء. فالتكريم ليس مجرد جائزة تُمنح، بل هو اعتراف بالعطاء والتأثير الإيجابي الذي تركه الفنان في وجدان الناس على مدى عقود..

صلاح تيزاني لم يكن يومًا مجرد “نجم فكاهة” كما يحلو للبعض أن يصفه بسطحية، بل كان مدرسة فنية متكاملة، جمعت بين الكوميديا الراقية والنقد الاجتماعي البناء. لقد كان صوتًا للشعب، يعبر عن همومه وتطلعاته بأسلوب فكاهي راقٍ، يرسم البسمة على الشفاه دون الإسفاف أو الابتذال..

إن سقوط الفنان على المسرح – إن صح هذا الخبر – لا ينبغي أن يكون مادة للتندر أو النقد اللاذع، بل يجب أن يكون دافعًا لمزيد من الاحترام والتقدير لهذا الرجل الذي وهب حياته للفن والإبداع. فمن العار حقًا أن نرى البعض يتخذ من هذا الحادث المؤسف ذريعة للنيل من قيمة التكريم وأهميته..

إن الحديث عن تكريم الفنانين في منازلهم، رغم نبل مقصده، لا ينبغي أن يكون بديلاً عن التكريم العلني الذي يليق بمكانتهم. فالفنان الحقيقي يستحق أن يُكرَّم على المسرح، في المكان الذي كان مسرحًا لإبداعه وعطائه طوال عقود من الزمن..

ختامًا، أقول لكل من تسول له نفسه النيل من قامة فنية كصلاح تيزاني: ارفعوا أيديكم عن رموزنا الفنية، واحترموا تاريخهم وعطاءهم. فهؤلاء هم من صنعوا البهجة في قلوبنا، وزرعوا الابتسامة على شفاهنا في أحلك الظروف. إنهم يستحقون منا كل التقدير والاحترام، لا التجريح والانتقاص.

فلنتذكر دائمًا أن الفن الحقيقي هو رسالة سامية، وأن فنانينا الكبار هم حملة هذه الرسالة. فلنحفظ لهم مكانتهم، ولنكرمهم بما يليق بعطائهم وتأثيرهم في حياتنا وثقافتنا…

شاهد أيضاً

المسلحون السوريون إلى النيجر..

أحمد رفعت يوسف  تحدثنا في تقارير سابقة بأن المسلحين السوريين المتورطين بعمليات ارهابية والذين سيتعذر …