أدباء وشعراء

الأديبة والشاعرة الفلسطينية د. لطيفة محمد حسيب القاضي:

كتابة قصيدة حقيقية تعد رحلة شاقة تتطلب الغوص في عمق النفس واستخراج تلك الدهشة والإبهار الذي أحمله في داخلي لينعكس على القراء

المرأة الفلسطينية، ولا سيما الشاعرة منها، تمثل خط الدفاع الأول عن الوجود الفلسطيني وتؤدي دورًا استراتيجيًا في مواجهة سياسات التهويد الإسرائيلية لانها تعتبر الحصن الأخير للذاكرة الجماعية الفلسطينية 

 

إعداد وحوار الشاعرة رانية مرعي 

لأن الكلمة ميثاق شرف نسعى كي تبقى راية خفّاقة في دنيا المعرفة فتكون جسر العبور إلى كل القلوب وتبقى ذكرى لكل الأزمنة .
” أدباء وشعراء ” يستضيف في انطلاقته الجديدة الأديبة والشاعرة الفلسطينية د. لطيفة محمد حسيب القاضي

*البداية أستهلّها مع فلسطين . كيف تفاعلت الشاعرة لطيفة القاضي مع جريمة العصر التي تُرتكب بحق شعبنا البطل في غزة الأبيّة؟

أنا أؤمن بأن القضية الفلسطينية هي قضية عادلة وأن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة من انتهاكات وجرائم هو أمر بالغ الخطورة وينبغي التصدي له بكل الوسائل الممكنة. أشعر بغضب وحزن عميق تجاه ما يحدث في غزة من قتل واستهداف للمدنيين الأبرياء، وخاصة الأطفال. إنها جريمة بشعة ضد الإنسانية لا يمكن التسامح معها.
لقد اجريت حوارًا مع وزيرة الصحة الفلسطينية د.مي كيلة تحدثنا فيه عما يحدث في الوقت الراهن لأهلنا في غزة العزة، كما كتبت استطلاع عن الأحداث الجارية الآن في غزة مع نخبة من كبار المثقفين الفلسطينيين والعرب، وكتبت قصيدة لفلسطين. فكل ذلك تناولته بصدق وعمق معاناة الشعب الفلسطيني، ولكي احرض على الصمود والكفاح من أجل الحرية والعدالة. أرى أن هذا النوع من الإبداع الثوري له أثر كبير في توعية الرأي العام وحشد التأييد للقضية الفلسطينية، أتمنى أن تتوقف هذه الانتهاكات الإسرائيلية ضد شعبنا في غزة وأن يتمكن شعبنا الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال. وسأواصل الدفاع عن القضية العادلة بكل الوسائل الممكنة.

*البدايات دائمًا تكون محطة انتقالية في حياة المبدع، ويقيني أنه يلجأ إلى أيامه الخوالي بانتظام ليعيش زهوة الانتصار .نحب أن نعرف منك تفاصيل مسيرتك الأدبيّة؟

والدي كان له الفضل الكبير فيما انا عليه الآن وأولادي من وقفوا بجانبي بالتشجيع الإيجابي المستمر. عندما كنت صغيرة كنت اتجول بين ارفف مكتبة والدي الراحل شاعر الثورة الفلسطينية محمد حسيب القاضي “رحمة الله عليه”.كنت احب القراءة ونما شغفي وازداد مع القراءة فأصبحت اكتب يومياتي، وما أتعرض له في الحياة من صعاب.. بعد ذلك قررت أن اكتب مقالات وبالفعل نشرت مقالي الأول في جريدة الموجز العربي وهي جريدة مصرية ووجدت إعجاب القراء وقررت بأن اتفرغ للكتابة وواصلت مشروعي في الكتابة. وصدر لي ثماني كتب متنوعة ما بين كتب ثقافية أدبية وكتب حوارات متنوعة أدبية وديوان شعري وكتاب قصص للأطفال .

*فرادة الشعر تكمن في اقتناص المعنى من ثنايا اللغة، كم مرةً كتبت قصيدتك فكانت حكاية القرّاء ولامست فيهم الدهشة؟

فرادة الشعر تكمن بشكل أساسي في القدرة على اقتناص المعنى المتميز من ثنايا اللغة وتجسيده في أبيات شعرية تلامس وجدان القراء وتثير فيهم الدهشة والإعجاب. الشعر الحقيقي ليس مجرد كلمات منظمة، بل هو لغة مكثفة وموحية تنقل تجارب الشاعر ومشاعره وأفكاره بطريقة فريدة تترك أثرًا عميقًا في نفس القارئ. فإن كتابة قصيدة حقيقية تعد رحلة شاقة تتطلب الغوص في عمق النفس واستخراج تلك الدهشة والإبهار الذي أحمله في داخلي لينعكس على القراء. وكلما كان الشاعر أكثر إحساسًا وانفتاحًا على تجربته الشخصية والواقع المحيط به، كلما كانت قصيدته أكثر قدرة على إثارة الدهشة والتأثير في القلوب والعقول. الحقيقة لي ديوان شعري واحد لاقى الإعجاب من قبل الكتاب والمثقفين العرب والفلسطينيين.

*ما هو الدور الذي تقوم به المرأة الفلسطينية عامة والشاعرة الفلسطينية خاصةً للحفاظ على الهوية الثقافية والوجودية في ظل سياسة تهويد التاريخ زورًا؟

دور المرأة الفلسطينية، وخاصة الشاعرة الفلسطينية، في الحفاظ على الهوية الثقافية والوجودية في ظل سياسة التهويد التي تمارسها سلطة الاحتلال هو دور بالغ الأهمية والخطورة. فالمرأة الفلسطينية، بما تمثله من رمز للأرض والأصالة والتمسك بالتاريخ والتراث، تعتبر الحصن الأخير للذاكرة الجماعية الفلسطينية. فمن خلال دورها الأسري والاجتماعي، تنقل هذه الذاكرة إلى الأجيال المتعاقبة وتحافظ على الهوية الثقافية الفلسطينية.

وبالنسبة للشاعرة الفلسطينية على وجه الخصوص، فإنها تؤدي دورًا رائدًا في هذا الصدد. فمن خلال إبداعاتها الشعرية، تستطيع أن ترصد وتوثق تاريخ وواقع الشعب الفلسطيني، وتنقل صوره النضالية والمأساوية إلى العالم. وبذلك تساهم في إفشال محاولات العدو الإسرائيلي لطمس الذاكرة الفلسطينية وتشويه التاريخ.
كما أن من خلال تجربتها الخاصة كامرأة في ظل الاحتلال، تستطيع أن تعبر عن معاناة الأرض والشعب بطرق فنية وجمالية مؤثرة. وهذا يساعد في إيصال القضية الفلسطينية إلى العالم وتأكيد هوية الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره.
لذلك، يمكن القول إن المرأة الفلسطينية، ولا سيما الشاعرة منها، تمثل خط الدفاع الأول عن الوجود الفلسطيني وتؤدي دورًا استراتيجيًا في مواجهة سياسات التهويد الإسرائيلية.

*الكتابة للأطفال دقيقة لأنها تحتاج إلى لغة خاصة تحاكي خيالهم وعالم التفاصيل الخاص بهم .كيف تقيّمين تجربتك في كتاب قصص الأطفال “حكايات في بلاد الأحلام”؟

شكرًا لك على سؤالك عن تجربتي في كتابة كتاب قصص الأطفال “حكايات في بلاد الأحلام”. أنا أشعر أنها كانت تجربة مثمرة وممتعة بالنسبة لي. عند كتابة هذا الكتاب، حاولت بشكل كبير أن أراعي خصوصية عالم الأطفال وخيالاتهم. فقد ركزت على استخدام لغة بسيطة وأسلوب شيق، مع الاهتمام بتفاصيل الوصف والشخصيات المميزة. كما حرصت على أن تكون القصص متماسكة وتحمل رسائل إيجابية تساهم في تنمية شخصية الأطفال.
وبالطبع، لم يكن الأمر سهلاً دائمًا. في بعض الأحيان، كنت أواجه تحديات في إيجاد التوازن المناسب بين المتعة والرسالة التربوية، أو في نقل عالم الخيال بطريقة مشوقة. ولكن في النهاية، شعرت بالرضا والفخر عندما تلقيت ردود فعل إيجابية من الأطفال والآباء الذين قرأوا القصص.
أعتقد أن تجربة كتابة هذا الكتاب عزّزت إيماني بأهمية الكتابة للأطفال وكيفية التعامل مع هذه الفئة المهمة من القراء. وأتطلع إلى المزيد من الفرص للإبداع في هذا المجال في المستقبل.

 

 

*برأيك هل الشعر خلّد فلسطين أو فلسطين خلدت الشعر ؟

هذا سؤال مهم وجدير بالتأمل. لا شك أن الشعر الفلسطيني قد ساهم بشكل كبير في إبقاء القضية الفلسطينية حية في الوجدان العربي والعالمي. فعبر أعمال الشعراء الكبار مثل محمد حسيب القاضي ومحمود درويش وسميح القاسم وغيرهم، تم توثيق معاناة الشعب الفلسطيني وطموحاته في الحرية والعودة. وكان للشعر دور محوري في نشر الوعي بالقضية وحشد التأييد لها.
في الوقت نفسه، فإن فلسطين بحد ذاتها كانت مصدر إلهام للشعراء، حيث استمدوا منها رموزها ومعانيها الغنية والمؤثرة. فالأرض الفلسطينية والمقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني شكلت محورًا أساسيًا في إبداعات الشعراء عبر العقود.
لذا، يمكن القول إن العلاقة بين الشعر وفلسطين كانت تفاعلية وتكاملية. فالشعر خلد فلسطين، وفلسطين خلدت الشعر. وستظل هذه العلاقة الوطيدة قائمة طالما بقيت القضية الفلسطينية في صلب الوعي العربي والإنساني.

*ما هي الأعمال الجديدة التي تحضّرينها ، هل ستكون في النثر أو الشعر؟

اكتب الآن مجموعة قصص قصيرة وعند الانتهاء من كتابتها وسأطبع الكتاب إن شاء الله. واتمنى بأن تلاقي إعجاب القراء.

*أترك لكِ الختام مع قصيدة تهدينها لقرّاء كواليس .
دعني أختم هذا الحوار بقصيدة أهديها لقراء مجلة كواليس، تعبر عن العلاقة الخالدة بين الشعر وفلسطين:

أرض الجذور والحلم
أرض المقاومة والصمود
في كل نبض وشريان
في كل شهيد وجريح

تنبض القصيدة بالحياة
تُزهر على جدران السجون
تُشرع آفاقًا من الأمل
حين تُسمع صوتًا من الحرّية

يا أرض الأنبياء والأبطال
يا أرض المجد والخلود
أنت الملهمة للشاعر
والشاعر الشاهد على رحلتك

فلسطين خلدت الشعر
والشعر خلّد فلسطين
وسيظل هذا الوشم على الجبين
شاهدًا على عزّتك وكرامتك

أهديها إلى قراء كواليس، آملًا أن تجد فيها صدى لجمال فلسطين وقوة حضورها في الشعر العربي. شكرًا لك الشاعرة رانية مرعي على هذا الحوار الثري .

شاهد أيضاً

أكد :”الحرص على عدم رفع الاقساط، لكن بسسب الظروف الضاغطة والصعبة ومن اجل الحفاظ على الطاقات والكفايات الموجودة لدينا وعلى مستوى جودة التعليم، كانت هناك زيادات مع مراعاة كل الظروف”

فضل الله في تخريج طلاب ثانوية الكوثر: “لا تتوقفوا عن طلب العلم فالمقاومة قادرة على …