ماذا يكون موقف إيران أذا شنت اسرائيل حربها على لبنان ؟

د. جواد الهنداوي

 

لم أخترْ عنوان المقال ،مثلما يتم تداول السؤال ،في الوقت الحاضر ، وعلى وسائل الإعلام والتواصل و الفضائيات ، وهو : ” ماذا سيكون موقف إيران عندما تَشّنُ اسرائيل حربها على حزب الله او على جنوب لبنان “، وذلك لأن الحرب بين اسرائيل وحزب الله وفي شمال فلسطين و في جنوب لبنان ،هي  ، اساساً ،قائمة منذ 8 تشرين الأول 2023 ، أي منذ تاريخ بدء عملية طوفان الأقصى .

 

ماهو معيار الحرب الشاملة عند اسرائيل؟ هل يعني قصفها جوياً العاصمة بيروت او المرافق العسكرية والحيوية للبنان ؟ وإذا كانت مشكلة اسرائيل هي جنوب لبنان وحزب الله ،فلماذا لا تكتفي بهجوم بري و جوي على جنوب لبنان ،وتصفي حسابها مع حزب الله ؟

ماهي مصلحة اسرائيل إنْ استهدفت آلتها العسكرية مطار بيروت والبنى التحتية للدولة ؟ هل سيستسلم حزب الله أم ستنتصر اسرائيل ؟

اسئلة تستحق الطرح ليس على اسرائبل فقط ،و إنما على مُحبي اسرائيل في لبنان وفي غير لبنان  ،او ناصبي العداء لحزب الله .

غرضي مما تقدّم من استفهامات هو لتبيان مدى استفحال النزعة النازيّة والساديّة لنتنياهو ، فهو يقّدّرْ  ويقول ضمناً ، بأن عدوه ليس لبنان ، وإنما حزب الله ، ويجب القضاء على سلاحه و تواجده وحلفائه في الجنوب ،ولكن نتنياهو يهّدد بحربٍ شاملة على لبنان .

ينصحهُ الرئيس بايدن ويترجاه ،و تارةً يهدده بقطع المعونة والتسليح بألا يذهب إلى حربٍ في لبنان ، و رجاء بايدن لنتنياهو  ليس لإنسانيّته ولا ” كرمال عيون اللبنانين” ، وإنما خوفاً من تداعياتها السلبية على فرصته بالفوز بالانتخابات ، ووضع امريكا العسكري والاقتصادي والشعبي غير ملائم لحرب أخرى وفي منطقة مهمة ، كما ان تقدير امريكا للحرب بين الكيان المحتل و لبنان  ستكون خاسرة لاسرائيل ، ولولا هذه الأسباب لما تردّدت امريكا لحظة واحدة في دفع اسرائيل الى الحرب وليس منعها او تحذيرها .

مجرد تردّد اسرائيل وامريكا من الذهاب إلى الحرب ، و شعورهم باحتمال خسارتها ، وتأكدّهم من حجم الدمار الذي سيحّلُ في اسرائيل هو نصف انتصار للمقاومة في لبنان و للبنان .

لماذا لا يكتفي نتنياهو بهجوم بري وجوي على الجنوب و يكتفي جيش الاحتلال بالتوغل في الجنوب ،إذا كان المطلوب هو  الحزب و سلاحه ؟

الجواب ،لأنه لا يجرؤ،وهو متأكد من اندحار جيشه أمام حزب الله ،لذلك يلجأ إلى استهداف العاصمة والمرافق و البنى التحية واحداث دمار ،كي يدعّي الانتصار . بالنسبة لنتنياهو ، قتل المدنيين و تدمير البنى التحتية وقتل الناس الأبرياء، هو انتصار ، ومشاهد غزّة دليل على ذلك .

اعودُ الآن إلى السؤال عنوان المقال .

في 2024/3/14 ، وخلال زيارة قائد فيلق القدس ،الجنرال إسماعيل قاآني إلى لبنان ، ولقائه السيد حسن نصر الله ،صرّح الأخير ” بأنَّ الحزب لا يريد ان تنجّر إيران إلى حرب مع اسرائيل و امريكا ” ، وقال السيد ايضاً ” بأننا سنقاتل بمفردنا …” .

ما معنى ذلك ؟

هو إعلان للجميع بأنَّ الحزب قادر على خوض الحرب بمفرده ، إذا فُرضت عليه وعلى لبنان  ، وقالها السيد صراحة ” هي معركتنا …” ، و هي رسالة تحدّي لاسرائيل واحدى أسلحة الحرب النفسيّة ، وتوالت بعهدها رسائل عدة ، و أخرها رسالة ” الهدهد ” .

و ما قاله السيد هو ايضاً مؤشر على ان إيران لن تدخل الحرب ،إذا هاجمت اسرائيل لبنان !

ايران لن تدخلْ الحرب وسيكون موقفها غير مختلف عن ذاك الذي تبنتّه مع غزّة وللأسباب التالية:

– لايران ثقة عالية في قدرات الحزب  وتجهيزاته وسلاحه ، وللحزب ثقة عالية بمقاتليه وسلاحه وخططه .

– تتحاشى ايران ،كما أعتقد،ان تصطف وتقاتل مع حزب الله كي لا يُفسّر اصطفافها مع حزب الله ،و تجنبها للاصطفاف مع المقاومة في غزّة بدوافع و أسباب طائفيّة .

– لا تريد ايران ان تعطي ذريعة لاسرائيل او لأمريكا بمهاجمة المنشآت النووية  الإيرانية ،لاسيما وهي على اعتاب امتلاك القدرات النووية لصنع السلاح النووي ،إنْ قرّرت ذلك .

-استطاعات حماس ان تصمد أمام اسرائيل وامريكا ،رغم القدرات العسكرية المحدودة لحماس ، و استطاعت ان تفوّت على اسرائيل تحقيق الأهداف التي اعلنتها وسعت اليها ، فمن الطبيعي ، اذاً ان يقاتل الحزب ،والذي يمتلك قدرات وسلاح اكثر بكثير من حماس ، بمفرده .

ولكن ،لماذا لم تتوقف امريكا عن التصريحات بتوقعها بدخول إيران إلى جانب حزب الله إذا هاجمت اسرائيل لبنان ؟

تعرف امريكا جيداً بعدم تدخل مباشر لايران الى جانب حزب الله إذا اندلعت الحرب ، وتصريحاتها بخلاف ذلك هو للضغط على نتنياهو وثنيه بعدم الإقدام على الحرب ، ولإدراكها أن بدء الحرب قد يكون سهلاً وتأريخه معلوماً ،ولكن تطورات الحرب ومآلاتها ليست تحت السيطرة ، ولإدراكها ايضاً ، وهو الأهم ، بأن حرب اسرائيل على لبنان هي حرب خاسرة .

هزيمة اسرائيل تعني هزيمة أمريكا في المنطقة و تآكل مكانتها أمام أصدقائها و حلفائها في المنطقة .

الخوض في الموضوع قادني إلى استنتاجيّن :

الأول هو انه في الوقت الذي  يصرح السيد حسن نصرّ الله بأن الحزب  سيقاتل اسرائيل بمفرده ، تتوسّل قيادات اسرائيل الادارة الأمريكية  بضرورة دعمها في الحرب في حال نشوبها مع لبنان .

والاستنتاج الثاني هو أنه لم تعدْ امريكا او اسرائيل قادرتين على تسويق فكرة انهما قوتان ضامنتان لأمن  مَن يلوذ ويستجير بحمايتهما . فبعد تزعزع او فقدان الثقة بالدور الأمريكي او بالوعود الأمريكية ، تسقط اليوم الثقة بالقدرات الأمريكية .

 *سفيرعراقي سابق.رئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات

      وتعزيز القدرات ،بروكسل  

شاهد أيضاً

باذنجان بالفرن

المكونات نصف كيلو من الباذنجان المقشر و المقطع إلى مكعبات صغيرة. لحم مفروم. كيلو من …