قصة بائعة الخبز

بيقول واحد من المدرسين: كنت بدرس في مدرسة ريفية في منطقة نفزة ولاية باجة في تونس. وكل يوم كنت بشوف بره الفصل، جنب الشباك، بنت مسكينة وجميلة مليانة براءة وبتبيع العيش لأمها الصبح. البنت دي بطلت تروح المدرسة السنة دي بسبب الظروف المادية لعيلتها، عندها أربعة إخوات صغيرين، وأبوها متوفي، وهي بتساعد أمها في مصاريف المعيشة ببيع العيش عند المدرسة.في يوم من الأيام، كنت بشرح درس في الحساب، وبائعة العيش بتتابعني من شباك الفصل وهي بره. سألت سؤال صعب وخصصت له جايزة. ما حدش من الطلبة عرف يجاوب عليه. فجأة لقيت بائعة العيش بتأشر بإصبعها من بره الشباك وبتصرخ: “أستاذ أستاذ”. فأذنت لها بالإجابة. جاوبت وكانت إجابتها صحيحة!من اليوم ده راهنت عليها، وتكفلت برعايتها وكل مصاريفها من مرتبي، وعلى قد ما أقدر من حاجات بسيطة تساعدها على التعليم. واتفقت مع مدير المدرسة إنه يسجلها تاني في المدرسة. وكانت المفاجأة في آخر السنة لما طلعت نتائج الامتحانات، وكانت هي الأولى على المدرسة!وكملت في نفس النهج برعايتي وإشرافي اليومي لحد ما وصلتها بفضل الله للمرحلة الثانوية. بعدها اتنقلت لمسقط راسي في مدينة سوسة، وما كانش فيه تليفونات وقتها عشان أتابع أخبارها. وانقطعت صلتي بيها لمدة 20 سنة.وبعد الفترة دي، حصل إني روحت مع صديق لي للعاصمة وكان عنده ابن بيدرس في كلية الطب بتونس، فطلب مني أروح معاه الجامعة. وأنا في الكافتيريا، لقيت ست جميلة بتحدق فيا بشوق، وملامح وجهها اتغيرت لما شافتني، وأنا مش عارف ليه بتبصلي كده! سألت ابن صديقي إذا كان يعرفها وأشرت ليها خفية، قال لي: “آه طبعاً، دي البروفيسورة اللي بتدرس طلبة كلية الطب.” سألني: “تعرفها يا عمي؟” قلت: “لأ، لكن نظراتها لي غريبة جداً!”فجأة، جرت المرأة نحوي واحتضنتي وعانقتني وهي بتبكي بحرقة، وبصوت لفت نظر كل اللي في الكافتيريا! ظلت حضناني فترة من الزمن دون مراعاة لأي اعتبار، وظن الجميع إني والدها! وهي بتبكي وبتقول لي: “ألا تذكرني يا أستاذي؟ أنا البنت اللي كانت حطام إنسانة، وإنت صنعت منها إنسانة ناجحة! أنا البنت اللي كنت السبب في رجوعها للمدرسة، وصرفت عليها من حر مالك لحد ما وصلت للي هي فيه دلوقتي! وده بفضل الله ثم رعايتك واهتمامك وموقفك الإنساني الفريد. أنا بنتك لمياء (بائعة العيش)!”كدت أقع مغمى علي من دهشتي وشدة تأثري من جانب، وفرحي بيها من جانب آخر! والله، بكيت كتير لما افتكرت هي كانت إيه؟ وبقت إيه دلوقتي؟ بعدين دعتني أنا واللي معايا ومجموعة من الزملاء لبيتها، وأخبرت أمها وإخواتها وكل الموجودين عني، وهي بتتكلم عن المعلم الإنسان اللي ساندهم وكان سبب في تغيير مجرى حياتهم.ألقيت كلمة قلت فيها جملة واحدة وأنا ببكي: “لأول مرة في حياتي أشعر إني معلم وإنسان…”

الحكمة من القصة: الاهتمام بالتعليم ودعم الآخرين ممكن يغير حياة الناس ويصنع منهم أشخاص ناجحين. بمساعدة بسيطة وموقف إنساني واحد، ممكن تبقى السبب في تغيير مجرى حياة شخص كامل وتحقيق حلمه.💜💜
#ولاتنس الصلاة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا ❤

شاهد أيضاً

باذنجان بالفرن

المكونات نصف كيلو من الباذنجان المقشر و المقطع إلى مكعبات صغيرة. لحم مفروم. كيلو من …