لكل المسلمين… وخاصةً للحكام وأصحاب القرار…

عبد الحميد بن حميد بن عبد الله الجامعي

(١)

ما قيمةُ صلاتِكم
ركوعِكم وسجودِكم
صيامِكم وحجِّكم….
أمامَ صمتِكم وأنتم قادرون على المدافعة عن أعراضكم وأهلكم وعن المستضعفين…؟!

لم تَقْرَعْ آذانَكم آياتُ كتابِكم.. ولم يُحركْ ضمائرَكم جحيمُ ما يقع على بني جلدتكم، واكتفيتم بما قدمتم من تنديدات وبيانات!

(٢)

(فَوَيۡلٞ لِّلۡمُصَلِّينَ (٤) ٱلَّذِينَ هُمۡ عَن صَلَاتِهِمۡ سَاهُونَ (٥) ٱلَّذِينَ هُمۡ يُرَآءُونَ (٦) وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ (٧) ) الماعون

احذروا هذا الآيات فإنها تخاطبكم أنتم..
فأنتم (المصلون) الذين يراؤون بلسانهم (العربي) وأسمائهم (المسلمة) شعوبَهم والعالم… وأنتم الذين تمنعون الماعون عن أهلكم المظلومين في فلسطين بعدم قيامكم بأقل المستطاع عليكم… بل بعضُكم أحطُّ في ذلك من بعض وأقذر، حتى تباهى الكيانُ المسخ بمدِّه بالطعام والوقود من خلالهم، وأن عام ٢٠٢٤ كان عامرا بصادرات حكومات/ أنظمة ثلاث دول عربية حقيرة خائبة لم يستحيِ الكيانُ المحتل المجرم أن يفضحهم على رؤوس الأشهاد، ولم تكن منهم كلمةْ تنفي هذا الزعمَ وغيرَه من قبلُ ومن بعدُ!

لن تمتد بكم الأعمار… ولن تبقى لكم القصور… فَلِمَنْ آمن منكم صِدْقَا هذا صوتُ محبٍّ يذكركم.. وإن الذكرى تنفع المؤمنين…

(٣)

مَن كان حاكما أو مسؤولا فأقلُّ المدافعة الواجبة عليه اليوم:
١- استدعاءُ سفراءِ المجرمين الصهاينة الفاشيين النازيين الأمريكان والبريطانيين والألمان والتعبير لهم عن الاعتراض لمشاركتهم الكيان في الإبادة
٢- استدعاءُ سفرائنا العرب والمسلمين لديهم للمشاورة
٣- في مرحلة من المراحل قطع العلاقات معهم (والحق أن الأمس قبل اليوم هو المرحلة)
٤- مطالبة الدول العربية والإسلامية التي تمد الصهاينة بالكف فورا وإلا فهم أولى بالمقاطعة من قطر، التي قاطعها من يمد الصهاينة المجرمين اليوم من الدول العربية بزعم التخابر مع حماس والإخونجية وغيرها
٥- الإفساحُ لشعوبهم -وقد عجزت الحكومات- بالتعبير بما يواكب جرائم دول الإبادة من وقفات أمام تمثيلياتهم الدبلوماسية وسفاراتهم، ومظاهرات، وتنظيم المنتديات لتوعية المجتمع، وتحرير دوره في مقام اليوم للضغط على المجرمين الصهاينة لوقف الإبادة، فهو خير لهم وأكثر اعتذارا أمام الله وأمام التاريخ
٦- قطعُ أي علاقة مع هذا الكيان المجرم والامتناع عن الاشتراك معه في أي محفل، ومنع بحر العرب والمسلمين وبرهم وجوهم عنه وعن مزدوجي الجنسية منهم
٧- السعيُ لإيجاد تحالفات أكثر فائدة للعالم، وأكثر ضمانا في مراعاة حرمات البشر، والقوانين الدولية ذات الصلة.. والتغلبُ على الشيطنة، والصورةِ النمطية الشريرة التي ما فتئ الغرب يصف بها الشرق ودوله، بينما الغرب في الحقيقة أكبر مجرم رجعي متخلف في العالم، وقد كشفت الحربُ الأخيرة وجهه القبيح الذي عمد لإخفائه عقودا من الزمن، والانعتاق من عبائته النتنة، والتحرر من الاستظلال به، والعمل على خلق واقع أكثر أمنا واستقرارا للعالم أجمع من خلال هذه التحالفات

 

(٤)

أما الشعوب العربية فإنكم قادرون على إحداث فرق حقيقي من خلال:
١- تعزيز المقاطعة وتطويرها لتشمل كل معسكر الإبادة عجما وعربا
٢- تقوية التواصل مع شعوب العالم الحرة الداعمة للحق العربي والفلسطيني في فلسطين، ومؤسساتهم المدنية
٣- التأكيد على ضرور وجود عالم حر خال من النفاق، وتأمين المؤسسات الدولية وتقويتها
٤- تعديل بوصلة مظاهرات من يتظاهر في دولنا العربية لتستهدف أسوار حماة الكيان المحتل من أنفسهم وحكوماتهم وحاكميهم ،ومن ثبت لهم دعمه لكيان الاحتلال والمجرمين من الناحية العملية (ولا يَغُرَنَّهم بياناته الظاهرة البريئة)، والمطالبة بأداء دورهم الوطني والعقدي الواجب حتى يسقط الطاغوت ما كان، وتحرر بلادنا العربية من العبودية والتبعية المهينة، فهذه الأسوار ومن داخلها أولى بالتظاهرات وأولى بالطرد والمحاكمة والسقوط من سفراء الكيان وممثليه، فحتى الساعة -رغم كل الألم في غزة، وكل المهانة على هذه الأنظمة وصور القباحة والإحراج الذي يضعهم فيه الكيان المجرم- لم يُطردْ سفير صهيوني من الدول المطبعة، ولم يُستدعَ سفيرٌ عربي من الكيان المحتل، ولم يكن عمليا إلا ما يُسَوِّد وجهَ هذه الحكومات والحكام ويُقَبِّحُ من موقفهم المقزز للأسف… كاحتلال شريط فلاديلفيا، ومعبر رفح، وفضح الجسر البري، وزيادة الصادرات وغيرها… بينما رجال أحرار في العالم لا تربطهم والإبادةَ في غزة أواصرُ لغةٍ وثقافة وتراث ودين ودم وعقيدة وأرض سوى الإنسانية والكوكب استجابةً لإنسانيتهم، فطبقوا استنفار الفطر الإنسانية التي عَبّر الله الخالق عنها (وَمَا لَكُمۡ لَا تُقَٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلۡوِلۡدَٰن) (٧٥) النساء، وهذا هو اليومُ سبيل الله، وهم أولاء المستضعفون، رفع الظلم عن المظلومين والانتقام من الظالمين، فرفعوا الدعاوى، وقطعوا العلاقات، وطردوا السفراء، وجاهروا بالعداء للصهيونية والصهاينة

 

(٥)

وأقول لدولتي الحبيبة والاخوة صناع القرار فيها، لقد بذلتم جهدا، وكانت منكم بياناتٌ ومواقفُ مشرفةٌ، وكان لها ثقلُها ووزنُها بدايةَ العدوان، ولكن تحول الحال، وقام العدو المجرم المبيد بالتصعيد ضدكم مباشرة (عروبتكم ودينكم وأرضكم)، وضد شعبكم في غزة، حتى لم يعد المقام مقام بيانات، وباتت للأسف هذه البيانات في هذا المقام جريمةً وخزيا تمد العدو المجرم بالغطاء للاستمرار، إذ ظهرت له أنها بيانات مفرغة، وأن مطلقيها غير جادين، بيانات ضعفاء لا حول لهم ولا وسيلة، فقد تحدى وتكبر وعربد واستكبر، والبيانات هي ذات البيانات لم تتغير، يختبئ خلفها الجبان، ويعتذر بها الضعيف، مخادعا نفسه، أنه أدى ما عليه، وهذه استطاعته كذبا وهروبا.

فالتصعيدُ والخروج عن البيانات التي بات ضرها أكبرَ من نفعها ضرورة، وعمانُ التي كان لها دورٌ تاريخيٌّ مشرف في كسر الحصار والمظالم عن الناس عبر الأعصر، كحصار البصرة الذي فرضه الفرس عليها، وقطع سلسلتها بسفينتها الشامخة، قادرةٌ على أن يكونَ لها دورٌ اليومَ أكبرُ من مجردِ بياناتٍ كانت محمودةً بدايةَ الأمرِ، وأصبحت -مع تصعيد الإجرام- وسيلةً مذمومًة مضرة، مع اعترافنا بحساسية الواقع، وشرور الصهيونية، ولكن لا بد من الخير أن يتحرك، مهما كانت التضحيات والمخاطر، خضوعا لسنة المدافعة الواجبة: (وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضٖ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ) (٢٥١)/ البقرة، معذرةً إلى الله، وإلى أنفسنا وضمائرنا، وإلى التاريخ، فقد نُزِعَت من كثير من العرب عقائدهم وفُرِّغوا من إنسانيتهم، حتى وصلوا إلى دركة من الحضيض مذموم، فباتوا كالأنعام والبهائم، لا تجمعها وبني جنسها شيء، وغير معنية بما يقع على بعضها من ظلم الجزار، ميتة مشعارهم، بلهاء عقولهم، دون أن ترى أن الدور آتيها لا محالة، وأدعو عماننا العزيزة -وباقي الدول العربية والإسلامية الحرة- لتشكيل لجنة خاصة واستثنائية ووطنية للنظر في أشكال التصعيد الممكن، من رسميين ومفكرين وذوي خبرة عسكرية ومدنية، وخبرة تاريخية وخبرة عن الحركة الصهيونية العالمية، لعل الله يكتب لنا البراءة يوم نلقاه، ويكتب لكل واحد منا -نحن أهلَ عمان- السلامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

(٦)

ونقول للجميع ما قاله رب العباد: (وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ) (١١٣)/ هود… وهل أكبر ركونا من عدم تفعيل المدافعة وعدم تصعيد الأدوات بناء عليها مع القدرة والمِكنة…

 

(٧)

أخيرا نؤكد أن من يتحمل هذه الغطرسة للكيان والإبادة في غزة وفلسطين هي دولتا الشر الأكبر أمريكا وبريطانيا، ومن يقف معهم من دول الغرب والعرب، يتحملونه من بابين:
– تعطيل المؤسسات والقوانين الدولية ومنعها من أداء دورها وترهيبها
– دعم العدو المجرم مباشرة بالعتاد والمال والرجال والمواقف السياسية والإعلامية

فلو طبق القانون الدولي، وتركت مؤسساته تؤدي دورها، المنوط بها والمرسوم كما هي قرارتها وقوانينها وأسس عملها لم تكن هناك إبادةٌ ولا إجرام، كما لم تكن في أوكرانيا اليوم، ولو لم تمد هذه الدول الكيان بالسلاح وأنواع المد لم تكن هناك إبادة وإجرام كما هو اليوم، ويظهر ذلك من وقف إبادات عدة سابقة من خلالها، واليوم في الحرب الروسية الأوكرانية

أما المقاومة فبريئة من الإبادة ومما حل في غزة، ويوم ٧ أكتوبر كان واضح الأبعاد وواضح الأهداف والمعالم، وله أسباب مشروعة وقانونية، وليس سببا للإبادة بحال، هذا مع ظهور تقارير من الكيان المجرم تفند كثيرا من المزاعم الكاذبة التي قررها أول الأزمة (مثل مزاعم قطع رؤوس الإطفال والاغتصاب)، وأثبت حقائق (قتل جيش الكيان لمواطنيه وقصف مساكنهم وسياراتهم)، كما إننا نحن في عمان نشأنا على عدم الحزبية، فلا يعنينا حزب الإخوان المسلمين، ولا حزب الإخوان الشياطين (المناوئ لهم)، بل تعنينا عقديتنا وديننا الذي لا يحب الفساد، ويدعو للسلام بين العالمين، وتحركُّنا مَبنيٌّ عليه وعلى ضمائرنا، وندعو الشعوبَ الحرة في الوطن العربي والإسلامي إلى ذات النهج.

اللهم قلّبْ قلوب العالمين لنصرة المستضعفين، واجعل الغلبة لهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين.

عبد الحميد بن حميد بن عبد الله الجامعي
الأحد
١٦ ذو الحجة ١٤٤٥ هـ
٢٤ يونيو ٢٠٢٤ م

 

شاهد أيضاً

إردوغان والأسد إن التقيا “قريباً”.. في بغداد أم أبو ظبي؟

  توفيق شومان تبدو المساعي العربية والإيرانية والروسية في سباق غير معهود لإنتاج تسوية سورية …