كيف بدأ السحر الأسود ينقلب على أصحابه: الإسرائيليون الى كندا والفلسطينيون الى حيفا والجليل؟ ما هي كلمات “السيد” الأربع التي تعجل بالهجرة المعاكسة وتضاعفها؟

عبد الباري عطوان

لندع الأكاذيب الدعائية جانبا، وخاصة تكرار بنيامين نتنياهو اكثر من مرة بأن الهدف من هجومه، وحرب ابادته في قطاع غزة هو الانتصار المطلق، المتمثل في استعادة الاسرى، والقضاء كليا على حركة المقاومة الاسلامية “حماس”، ونؤكد ان الهدف الحقيقي هو إخلاء القطاع من جميع سكانه، وتهجير مليونين من أبنائه، سواء الى صحراء سيناء المصرية، او قسرا الى مناطق أخرى من العالم مثل الولايات المتحدة الامريكية وكندا وأوروبا وأستراليا، وهو الهدف الذي يتقدم على كل الأهداف الأخرى، وجاءت تصريحات جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب ومستشاره، وسمسار العقارات الأشهر في الولايات المتحدة التي تغنى فيها عن القيمة المالية العالية جدا للواجهة الساحلية للقطاع، ومخزون الغاز الضخم في جوفه، ليفضح بذلك مخطط معلمه وصديق عائلته نتنياهو، ولكن يبدو ان السحر بدأ ينقلب على الساحر الإسرائيلي وسماسرته الصهاينة في العالم.

***

نشرح اكثر ونقول ان الهجرة الفعلية المعاكسة بدأت تتجسد، وبشكل متسارع هذه الأيام في هروب مئات الآلاف من الإسرائيليين الى مناطق لجوء “آمنة” في أوروبا وامريكا الشمالية، سواء بإستعادة جنسياتهم، واجدادهم في أوروبا، وألمانيا خصوصا، او البحث عن جنسيات جديدة في بلدان أخرى.
موقع “واللا” الاسرائيلي القريب من أجهزة الاستخبارات العسكرية والأمنية المدنية، كشف اليوم الاحد ان الحكومة الكندية، ويضغط من اللوبي اليهودي القوي، عرضت على الإسرائيليين، خاصة في شمال فلسطين المحتلة، تأشيرة هجرة، سواء للعمل او الدراسة لمدة ثلاث سنوات بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، واطلاق حزب الله اكثر من 5000 صاروخ منذ بداية الحرب على مستوطنات الجليل مما حولها الى كتلة من اللهب (حرقت 80 الف دونم) ونزوح اكثر من 200 الف مستوطن حتى الآن الى الوسط الفلسطيني المحتل، يرفض معظمهم العودة الى مستوطناتهم خوفا ورعبا.
موقع الكتروني كندي أسسته سيدة إسرائيلية هاجرت الى كندا عام 2019 لمساعدة أبناء جلدتها على الهجرة الى كندا، اكد هجرة مئات الآلاف من الإسرائيليين منذ “طوفان الأقصى” في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

ثلاثة تطورات رئيسية ستدفع بمضاعفة ارقام الهجرة الجماعية للإسرائيليين في الأيام والاسابيع المقبلة:

الأول: هدد السيد نصر الله، والفيديو الذي صوره اثناء تحليقه لمدة 9 ساعات فوق حيفا وجوار حيفا، وتضمن رصدا دقيقا لمحطات الطاقة، ومن بينها مولدات الكهرباء والمصافي النفطية، ومطار اللد (بن غوريون) ومينائي اسدود والقواعد البحرية في حيفا، وأخرى عسكرية في الجليل الأعلى.

الثاني: المقطع الأخير في خطاب السيد نصر الله الأخير الذي تضمن ثلاث عبارات وردت في الفقرة التي قال فيها في حال اندلاع الحرب “سنقاتل بلا ضوابط ولا قواعد، وبلا سقف”، وهذا معناه حسب تفسيرنا “انه لن يكون هناك أي تفرقة بين العسكري والمدني” في قصف البنى التحتية.

الثالث: تأكيد مسؤول الكهرباء الأعلى في دولة الاحتلال بأن أي قصف صاروخي لمحطات الكهرباء سيعني ان “إسرائيل” ستكون غير قابلة للحياة، لان كل شيء منها يعتمد على الطاقة، وزيادة الاقبال بنسبة 400 بالمئة على شراء المولدات المنزلية الصغيرة لن يكون كافيا، واتفق ايلي كوهين وزير الطاقة الاسرائيلي مع هذه الحقيقة عندما قال: اليوم الاحد “منشآت الطاقة الإسرائيلية مهددة بالدمار والتوقف كليا في حال اندلاع الحرب الواسعة مع حزب الله في الشمال”.

***

نصف مليون إسرائيلي غادروا فلسطين المحتلة بشكل نهائي في الأشهر الستة الأولى من بدء هجوم “طوفان الأقصى”، ولا نستبعد ان يكون هذا الرقم (550000) الذي ورد في اكثر من صحيفة عبرية قد تضاعف مرتين مع قرب اكمالها الشهر التاسع بعد أيام قليلة، والتصعيد الصاروخي لحزب الله على الجبهة الشمالية.
سبحان مغير الأحوال: الإسرائيليون الى كندا والفلسطينيون أبناء الأرض الأصليين الى الجليل وحيفا وعكا وصفد ويافا واسدود والسبع والقدس، وباقي المدن والقرى والبلدات الفلسطينية المحتلة، انه حلم عشناه 76 عاما، بدأ يتحول الى حقيقة، والفضل لرجال المقاومة في غزة والضفة ولبنان ولا يمكن ن ننسى اليمن والعراق، وعملياتهم المشتركة التي باتت ترتقي الى مستوى قصف حاملات الطائرات الامريكية وليس السفن فقط.

عودتنا كلاجئين في الوطن والشتات باتت قريبة جدا، وعلى مرمى صاروخ دقيق واحد مبارك من جنوب لبنان، ولا عزاء للقبب الحديدية والباتريوت.. والأيام بيننا.

شاهد أيضاً

شاهد الفيديو / هذا ما قاله الرئيس قيس سعيد عن أحداث حفل راغب علامة وتصرفات سوسون سوزان

اعتبر الرئيس التونسي قيس سعيّد أن بعض المهرجانات الفنية في بلاده «لا ترتقي بالذوق العام»، …