أرجو أن لا يُسيء البعض فهمي…

ريف سليمان

أنا لست متشائمة أو عدمية او إتّكالية .أنا فقط مُكبَّلة ومرهقة..
أُحب الحياة؛ لا بل أعشقها… مغامرة، مجازفة، شغوفة وطموحة، غير خاضعة متمسكة بأفكار تقليدية دينية.
أنا مزيج من طفولة لم تكتمل؛ ونضوج مبكِّر قاس.
أصارعُ وأقاتل وحيدة ظروفاً وواقعاً لا يرحمان ولا يستسلمان.

استيقظت اليوم و انا في المنتصف، منتصف العمر و كلّي يقين أن غدا أجمل وكلّي ايمان أن الله يدبر الأحوال برحمته و لطفه…
ولكن يغمرني خوف من المجهول و صراع طبقي بين طموحي و قناعاتي و بين الرضا و الاحلام …
أعلم أنه لا يحق لمؤمن على الأرض متكل على الله ممارس لدينه أن يخاف من المستقبل لأنه بين يدي خالقه الغفور الرحيم و لكن انسانيتي و ضعف حيلتي و خوفي من الوقت يكبلني..

الوقت يسرق مني فرحي فهو عدوي اللدود ، لم أستطع يوما أن اتصالح معه فنحن بصراع دائم، سريع أسرع من السهم ، أركض و هو في المقدمة دائما نتنافس، لكنه في الغالب يهزمني…
مرات معدودات استطعت أن أجاريه و لكنه دائما يسبقني…
أخاف من الوقت فهو يعيق أحلامي و طموحي…
يسرق مني فرحي و يدمّر آمالي أحيانا عندما أراه بعيني و قلب
الطفلة في داخلي التي لا تريد أن تشيخ … أجل تستطيع أن ترى الوقت…
العمر هو الوقت الذي لا يمكنني أن اوقفه لاني أشاهده كل يوم على المرآة … أرى نفسي بانعكاس الصورة من خلال بشرتي و عيوني و ترهلاتي و الشعر الابيض الذي فاجأني بزيارة غير متوقعة راسما على وجهي سؤال تعجب كيف يقتحمني من دون اذن ، من دون رحمة او مقدمات؟!
سأحاربه طبعا فأنا محاربة شرسة ، ماذا أفعل ؟
سألبس ثيابي و اتأنق و أركض إلى الدكتور و أطلب منه أن يزودني ب بعض البوتكس و ال فيلر لكي أوقف الزمن لبرهة و أهزم الوقت و أنظر للمرآة و اكلمه و اقول له: انتظرني قريبا في جولة أخرى،فاليوم لي، لم تهزم عزيمتي…
انا جاهزة لمعركة جديدة.

الشيخوخة هاجس …. هي الوقت، الوقت ملموس نراه من خلال الشيخوخة التي تنهش أجسادنا ببطء…
ولكن السؤال كيف استطاعت امي أن تتقبل كل هذا و تتعايش معه كم هي قوية و صبورة…. هل الانسان في آخر المطاف يستسلم ام يغير نظرته … امي محاربة شرسة ايضا و لكني لم انتبه و لم تحضرني نفسيا لهذا اليوم!
استيقظت اليوم و إذ بي أتساءل عن عمر المنتصف ؟!
فعلا هو عمر الرشد وهي السن الوحيدة التي ذكرت في القرآن الكريم، حيث قال تعالى: (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين) و لكن هناك سؤال يراودني كم بقي لي من العمر كي أحقق أحلامي، كيف سأتبقل تغيراتي الهرمونية و الشكلية و النفسية؟ ماذا أنجزت اليوم؟ ماذا حققت؟ ماذا أريد؟
النجاح دائما هو هاجسي، أن اترك بصمة لاولادي…
ماذا فعلت بعد ٤٠ سنة على هذه الارض؟ هل اتعظت؟
لم أشعر يوما اني اكتفيت، هل انا جشعة ام طموحة؟
ماذا فعلت لشخصي الكريم؟ هل حققت أحلام تلك الطفلة في داخلي؟ اليوم انا أم وحيدة ل ثلاث اولاد هم استثماري الوحيد…
إلى الآن هل نجحت فعلا في تربيتهم و جعلهم صالحين؟
في مجتمع لا يرحم ينهش منك شىء كلما حاولت الصمود و الصعود و النجاح…. نعم ارتكب اخطاء كثيرة و لكن هل انا أمرأة صالحة ؟ لم جئت على الأرض و ما هو دوري؟

عن شعوري ك طفلة، كأمراة ، كأم، كمطلقة، كعشيقة، كحبيبة، كزوجة، كمحاربة، كوحيدة، …في مجتمع ساخر بطابع ذكوري كثر فيه حب الأنا و قلت فيه معاييره الشرقية ، بين تحضره و تغيراته الهرمونية، بين تقبله للعولمة و تصارعه مع معتقداته الدينية و التقليدية و العشائرية، بين تصادم جيلين و تقبل مجتمع الميم ، بين ذئاب تنهش و دروس على هيئة انسان ، بين حلال و حرام ، بين الشر و الخير ، بين ضعفي و تسلطي، بين خيارات سهلة و أخرى صعبة تحصلين عليها عند الخضوع ، بين نساءٍ تحاربن أخريات و بين نساء تدعمن ، بين رجال دين صالحين و آخرين غير مبالين فقط يرتدون عمائمهم ، بين حب الحياة و حب الآخرة، بين ظلم و نرجسية، بين حب و فراق…
و قصص أخرى ما بين بين تكمن روايتي الجديدة قريبا انشالله
على أمل أن يقرأ هذا الجيل كتابي على ورق أجسد فيه جزءأ من خبرتي و روحي لعلني أستطيع أن أدس الأمل و العزيمة و الإيمان و تجربتي بكل شفافية في صفحاته….
الخلاصة :أحد هدايا الله هي القدرة على البدأ من جديد…
و يبقى السؤال الوحيد أكون او لا اكون….

شاهد أيضاً

سعود أبو سلطان يواصل مفاجأته الغنائية لصيف 2024 بأغنية ” كركبني “

           طرح الفنان سعود أبو سلطان أحدث أعماله الغنائية لصيف ٢٠٢4 بعنوان “كركبني”  من كلمات …