طبول الحرب الأهلية برعاية أميركية

بقلم علي خيرالله شريف

وليد فارس، أميركيٌ من أصلٍ لبناني، يشغل موقع “أمين عام المجموعة الأطلسية” في مجلس النواب الأميركي. كتب بتاريخ 14 حزيران 2024 مقالاً مُطَوَّلاً في موقع “أندبندنت العربية” الإلكتروني، بعنوان “حرب حزب الله وإسرائيل فرصة للبنان حر”. ودعا فيه المسيحيين والدروز والسُنَّة إلى اغتنام هذه الفرصة قبل فوات الأوان.
تُبَيِّنُ السيرةُ الذاتية لهذا الشخص أنه عنصريٌّ حاقِدٌ على كل من يرفض عنجهية “إسرائيل” وأميركا. فوضع في مقالِهِ سيناريو إشعال الحرب الأهلية في لبنان، ورسم خطةً للتشجيع على ضرب الشيعة. وتداول بعضُ الناشطين من القوات اللبنانية ذلك المقال على وسائل التواصل الاجتماعي.
شدد فارس على الطلب الأميركي الإسرائيلي لإسكات جبهة الجنوب في مساندة غزة، وهو مطلبٌ يحمله أسبوعياً هوكشتاين والوزراء والسفراء الغربيون والعرب إلى بيروت دون كلل، لإراحة العدو في إبادة الفلسطينيين. ويتباهى فارس بأن “القيادة الإسرائيلية” قررت الرد على ح. الله. ويستشهد في مقاله بكلام مَن أسماه أحد زعماء المعارضة(يقصد المسكين كميل دوري كميل دوري شمعون) عن وجود 20 ألف مقاتل بوجه ح. الله.
واعترف فارس بتحريضه للمعارضة اللبنانية منذ أكثر من سنة، على إنشاء كانتون خاص بها. ثم ادَّعى كذباً أن ح. الله هدد باجتياح المناطق التي يحصل فيها ذلك. وللتحريض على الفتنة، ذهب إلى اختراع حصول مواجهات خلال السنوات الثلاثة الماضية بين الحزب وبين مجموعات لبنانية في الشوف وكسروان وبيروت “الغربية” وعين الرمانة وغيرها.
طمأنَ وليد فارس في مقاله، حُلَفاءه، بأن الشيعة لا يسيطرون إلا على عشرين بالمئة من الأراضي اللبنانية موزعة بين الجنوب والضاحية الجنوبية وقسم من البقاع. بينما تمتد المعارضة المؤلفة من سُنَّة ودروز ومسيحيين، من عكار في الشمال على طول الساحل حتى بيروت الإدارية، وتمتد من جبل لبنان حتى جزين حيث خطوط التماس مع مناطق “حزب الله” في الجنوب، ولها وجود قوي في وسط البقاع، ما يعني أنها تنتشر على معظم الأرض الوطنية في وسط لبنان وشماله وشرقه، وبإمكانها عسكرة نفسها وقطع المواصلات بين قيادة “حزب الله” في الضاحية الجنوبية وامتداداته في الجنوب والبقاع. واعتبر أنهم سيكونون بحاجة لدعم جوي إسرائيلي لقصف مراكز الحزب وسلاحه بالطيران، ما يُمَكِّنُهُم من التقدم على الأرض، وبالتالي من القضاء على الحزب وعلى الشيعة بشكل عام. وبعد ذلك، كما يعد فارس، سيتمكنون من عقد اتفاق سلام مع “إسرائيل”، يجلب لهم الازدهار ورغد العيش.
إن مُخَطَّط وليد فارس هذا، ليس بعيداً عن الزيارات المكوكية التي يقوم بها بعض نواب اليمين اللبناني إلى واشنطن منذ زمن، وليس بعيداً عن “البلعطة” التي يتعنتر بها على المنابر بعض سخفاء السياسة في لبنان. فهو من شبه المتفرغين للشأن اللبناني في دوائر القرار الأميركية، يؤَمِّنُ اللقاءات مع مُوَظَّفي البيت الأبيض من الصفوف الخلفية والوسطى، لِكُلِّ “الفَسَّادِين” والـمُتَسَكِّعين اللبنانيين، والـمُتَوَسِّلِين بأميركا لضرب شركائهم في الوطن. ويدعمهم بالكتابات والمقابلات الإعلامية والبروباغندا الضرورية، ويسعى جاهداً إلى استصدار قوانين أميركية عدوانية على لبنان، كما فعل في القرار 1559 وبعض قرارات الحصار المالي وغيرها.
ينطلق التحريض من واشنطن إلى بيروت، ذهاباً وإياباً، مروراً بتل أبيب وبعض العواصم العربية التي خصصت للحرب الأهلية في لبنان الموازنات الخاصة، إذا ما دقت ساعة الصفر. وتتأهب بعض العواصم الغربية لتكون جبهة دعم وإسناد إعلامية ودبلوماسية وعسكرية ولوجستية. وفي إطار الدعم قد يتم استخدام مرتزقة من النازحين السوريين المغرر بهم، وربما يتم إحضار مرتزقة من جنسيات أخرى إذا ما دعت الحاجة. هذا بالإضافة إلى وجود مستشارين في لبنان منذ زمنٍ بعيد، من المخابرات الغربية والصهيونية، للغاية نفسها.
أبواق التحريض الشغالة تتخذ من المنابر ووسائل الإعلام ووسائل التواصل منطَلَقاً لها. يشترك فيها كل أصحاب الأفكار الحاقدة والعنصرية من أشباه السياسيين وأشباه الصحافيين. يلاقيهم بعض السفراء من الوشاة والمحرضين، وبعض المغتربين على شكلِ لوبيات تتواصل باستمرار مع دوائر التخطيط في واشنطن والعواصم الغربية.
في خِضَمِّ هذه المعطيات الخطيرة، أين يقع دور الدولة اللبنانية؟
ألا يجدر بدولتنا العَلِيَّة أن تستدعي السفيرة الأميركية وتسلمها احتجاجاً شديد اللهجة على تصرف هذا الجاحد الـمُجَنَّس أميركياً، والـمُحَرِّض بشكلٍ أرعن على تدمير بلده الأم؟
وأين هو دور النيابة العامة التي لم تتحرك يوماً لملاحقة المحرضين على الفتنة من الـمُجَنَّسين والـمُخَنَّثين والمغردين بشكلٍ فوضويٍّ خطير؟
ولماذا لا يتحرك المجلس النيابي لرفع الحصانة عن النواب الذين يهددون ويتوعدون ويُنَظِّرون للحرب الأهلية؟
من ناحيتنا كلبنانيين، مسلمين ومسيحيين، مِمَّن يُحِبُّ أن يبقى وطنُهُ سيداً حراً مستقلاً قوياً، نُبَشِّر وليد فارس وأحبابَهُ في لبنان وواشنطن والكيان الصهيوني، أنهم سيبقون غارقين في أوهامهم ومخططاتهم التي عفا عليها الزمن. وإذا ما تَهَوَّروا في تنفيذ سيناريوهاتهم، سنرى بعد انقشاع غبار المعركة من سيبقى على قيد الوجود، وسنرى الناعقين من واشنطن أين سترميهم تخريفات وليد فارس التي يُنصِتون إليها وينشرونها في صفحاتِهِم… وكل عام وأنتم بخير.

*الأحد 16 حزيران 2024*

شاهد أيضاً

الفساد والارهاب هما الخطر الذي نكافحه .. ولكن الأخطر من ذلك هوالاصطفافات العشائرية و الطائفية..

____كتب/ سعيد فارس السعيد: الأدوات الفاسدة والمتاجرة بأي مجتمع هي شخصيات تستمد نفوذها من خلال …