عجز القانون الدولي عن حماية الشعب الفلسطيني يتطلب التلويح بالشعوب

خميس بن عبيد القطيطي
في ظلِّ عجْزِ النِّظام الدّولي ومؤسَّساته وعدم التمكُّن من تطبيق القانون الدَولي في حماية الأبرياء، وفي ظلِّ استمرار مسلسلِ الإبادة الجماعيَّة واستفرادِ العدوِّ الصهيوني بأهْلِنا وأشقَّائنا في قِطاع غزَّة وفي عموم فلسطين، باتَ على الدوَل الدَّاعمة لوقفِ إطلاق النَّار ودوَل العالَم الحُر الوقوف أمام غطرسة وهمجيَّة الكيان الصهيوني وتمرُّده على النِّظام العالَمي بوقفةٍ جادَّة لحمايةِ الأبرياء المَدَنيِّين. ولكن يظلُّ الأجدر بتحمُّل المسؤوليَّة الأخلاقيَّة دفاعًا عن الأشقَّاء في فلسطين، أشقَّاء الهُوِيَّة واللُّغة والدِّين والإنسانيَّة؛ لذا يتطلب اللجوء إلى خيارات أخرى في ظلِّ تغوُّل هذا الكيان المارق في دماء الأبرياء. وأبرزُ هذه الخيارات التَّلويح بورقةِ التطوُّع الشَّعبي من الشعوب العربيَّة والإسلاميَّة وكُلِّ دعاة الحُريَّة والكرامة الإنسانيَّة، وعدم الوقوف أمام إرادة هذه الشعوب بالتوَجُّه لمُناصرةِ الأشقَّاء في فلسطين ورفعِ المأساة والمعاناة عَنْهم، ورفعِ الظلم والقتل اليومي والإبادة من قِبل كيانٍ لا يرعى للأخلاق والإنسانيَّة والقوانين الدوليَّة أيَّ اعتبار. وهذا الخِطاب كان واجبًا منذ اليوم الأوَّل بعد انتهاء القمَّة العربيَّة الإسلاميَّة الَّتي لم تخرج بشيء، وبعد اجتماع مجلس الأمن الدّولي الأوَّل حَوْلَ مشروع وقفِ إطلاقِ النَّار والَّذي تمَّ إجهاضُه بالفيتو الأميركي والاجتماعات الأخرى ومِنْها اجتماع الجمعيَّة العامَّة للأُمم المُتَّحدة، وأخيرًا جاء اجتماع محكمة العدْل الدوليَّة لِيعبِّرَ عن انتكاسةٍ للمنظَّمةِ الدوليَّة، وانكشافٍ للقانونِ الدّولي أمام العربدةِ الصهيونيَّة وداعميها من قِبل دوَل تدَّعي الإنسانيَّة والحفاظ على السِّلم والأمن الدّوليَّيْنِ بعد مجزرة النُّصيرات الأخيرة الَّتي اشتركت فيها دوَل كُبرى (الولايات المُتَّحدة وبريطانيا) ما يجعلها شريكةً في الجريمة .

 

منذُ اليوم الأوَّل للعدوانِ الصهيوني على قِطاع غزَّة كنَّا على يقينٍ بأنَّ المؤسَّسةَ الدوليَّة الَّتي ينضوي تحت مظلَّتها جميع دوَل العالَم لن تتمكَّنَ من حمايةِ أبرزِ ركائزِ ميثاقِها، وهما الأمن والسِّلم الدّوليَّان؛ ممَّا عرَّض السَّلام والاستقرار العالَميَّيْنِ إلى مزيدٍ من التَّدهوُر وهو ما حدَث في الأراضي الفلسطينيَّة المُحتلَّة، وظهرت أبرزُ تجلِّياته في قِطاع غزَّة الَّذي يكابد فيه ما يقرب من مليونَي ونصف المليون مواطن فلسطيني حالةً من المعاناة الإنسانيَّة من حصارٍ وتجويعٍ وقتلٍ وتعذيبٍ فأينَ ما يُسمَّى القانون الدّولي والنِّظام العالَمي عن هذا الكيان المُجرِم اللقيط الَّذي تُركَ للاستفرادِ بشَعبٍ أعْزَلَ مدعومًا من قوى دوليَّة ما زالت تستمرئ الظلم والعدوان، غير عابئة بالقِيَم الإنسانيَّة. لذا كنَّا على يقين منذُ البداية بأنَّه لا بُدَّ من إفساح المجال للمتطوِّعين وتشكيلِ فِرق من الفدائيِّين العرب والمتطوِّعين من الدوَل الإسلاميَّة ودوَل العالَم الحُر المُساندةِ للحقِّ الفلسطيني وتنظيمِ هذه المجموعات الفدائيَّة المتطوِّعة، ولا شكَّ هناك الكثير من الشعوب مستعدَّة وجاهزة لتقفَ في هذا الموقف المشرِّف ومن مختلف دوَل العالَم، وخصوصًا من الدوَل العربيَّة والإسلاميَّة طالَما هذا الطاغوت المُجرِم لم يرتدعْ فليكُنْ هناك وقفةٌ مشرِّفة تُزيل عن الأُمَّة غبار الذُّل والقهر والغُبْن، واستخدام هذه الورقة للدِّفاع عن الأشقَّاء في فلسطين طالَما أنَّ القانون الدّولي أصبح مهملًا ومكشوفًا وتفشَّى قانون الغاب في العالَم، هذا إذا كانت هذه الدوَل الدَّاعمة للحقِّ وإنفاذ القانون الدّولي جادَّةً وملتزمةً بمسؤوليَّاتها تجاه القانون الدّولي فلا بُدَّ من ردعِ هذا الكيان الَّذي يرتكب مجازره بشكلٍ يوميٍّ متمردًا على الشرعيَّة والنِّظام الدّولي . في النِّصف الأوَّل من القرن العشرين، ورغم وجود الاستعمار في أغْلَب الدوَل العربيَّة، كانت هناك إضاءات نضاليَّة مُسانِدة للأشقَّاء في فلسطين من سوريا ومن الجزيرة العربيَّة ومن العراق ووادي النِّيل والمغرب العربي. واستمرَّ الحال حتَّى بعد الاحتلال عام 1948م في حروب عبَّرت عن تاريخ الصِّراع مع العدوِّ الصهيوني عِندما كانت إرادةُ الدوَل العربيَّة فاعلةً، وقدَّمت تضحيات جسيمة. لكن ـ للأسفِ الشَّديد ـ اليوم هناك مَن يقوم بالتَّنسيق مع الصهاينة ويُمثِّل حائطَ صدٍّ أمام أيِّ إجراء يستهدف كيان الاحتلال الصهيوني، ولكن كما قال سبحانه وتعالى: «وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُون» صدَقَ اللهُ العظيم. اليوم آن الأوان لِتُعبِّرَ الأُمَّة عن نَفْسِها، وكذلك دوَل العالَم الحُر الَّتي وقفت شعوبها وقفةً مشرِّفةً رافضة للعدوانِ، مدافعةً عن الحقوقِ الفلسطينيَّة، فما أحوجَ الأُمَّة اليوم إلى قياداتٍ ترفعُ عن كاهلِها غبار الذُّل والقهر والعدوان! ولكن عزاء الأُمَّة فيما يجري هو تلك الإرادة والصَّلابة والمقاوَمة العظيمة الَّتي تسجِّلها فصائل المقاوَمة الفلسطينيَّة (القسَّام وسرايا القدس وباقي الفصائل البطلة) وكذلك محور المقاوَمة في حزب الله واليمن والعراق الَّتي تُلقِّن العدوَّ الصهيوني دروسًا في الكفاح والنِّضال والتمسُّك بالقضيَّة والدِّفاع عن الأرض والعِرض. أمَّا الَّذين صعدوا شهداء فقد فازوا بالشَّهادة وهي إحدى الحُسنيَيْنِ والعاقبة للمؤمنين الصَّابرين الَّذين وعدَهم الله بالنَّصر والتَّمكين والنَّصر المُبِين. اللَّهُمَّ نصْركَ المؤزَّر لأهلِنا في فلسطين، اللَّهُمَّ ثبِّت أقدامهم واربطْ على قلوبهم وانتصرْ لَهُم فأنتَ الله الَّذي لا إله سواك العظيم الجبَّار المُنتقم.. الله أكبر ولله العزَّة ولرسولِه وللمؤمنين، وسيعْلَمُ الَّذين ظلموا أيَّ منقلبٍ ينقلبون .

 

خميس بن عبيد القطيطي

 

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …