الدعم العربي المطلق للكيان المحتل..

 

كتبت د. فدوى ساتر

تغيرت المواقف تجاه الكيان الصهيوني في العالم العربي والإسلامي على مر العقود، بدءاً من العداء المطلق والمقاومة، وصولاً إلى التقارب والتطبيع في بعض الحالات.
كانت الدول العربية في البداية موحدة في موقفها المعادي للكيان  الغاصب “إسرائيل” الذي نشأت عام 1948 فوق اراضي وجثث الفلسطينيين، وكانت أخبار المجازر التي ارتكبتها عصابات الهاغاناه آنذاك تسبقهم الى القرى والبلدات الفلسطينية لينشأ على اثرها أكبر عملية  نزوح وتهجير في التاريخ أسست لمرحلة من الصراع العربي الإسرائيلي تمثل في سلسلة من الحروب الكبرى التي شهدتها المنطقة العربية، بما في ذلك حرب 1948، 1956، 1967، و1973، ما عمّق العداء العربي الشعبي تجاه هذا الكيان المحتل.
لكن، كيف تحولت المواقف العربية من مواقف معادية له إلى داعمة ومطبعة معه؟
بدأ التغيير الرسمي في مواقف بعض الدول العربية تجاه ما يسمى “إسرائيل” بعد رعاية الولايات المتحدة الأميركية لسلسلة من معاهدات السلام مع الكيان المحتل الذي اصطنعته “اسرائيل”، وكان توقيع مصر لمعاهدة كامب ديفيد في عام 1979 باكورتها، لتكر السبحة وتلتحق بها باقي الدول العربية والإسلامية.
وعلى الرغم من الفشل في تنفيذ اتفاقيات السلام الإسرائيلية اللبنانية في عام 1983، ضمن اتفاق العار والخيانة في ١٧ أيار وفي عهد الرئيس أمين الجميل، استمرت المزيد من المعاهدات، فكانت عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية في علم1991، التي لا تزال إلى الآن، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية في عام 1994، واتفاقيات أبراهام التي تطبع العلاقات بين إسرائيل وكل من الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسودان والمغرب في عام 2020.
علاوة على ذلك، أقام العديد من أعضاء جامعة الدول العربية علاقات شبه رسمية مع الكيان المصطنع بما في ذلك سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية وقطر اضافة الى تركيا (كدولة اسلامية)، مما مثل خطوة كبيرة نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
هذه المعاهدات السلامية مع الكيان الغاصب كانت تسعى الى شرعنته والتقارب معه كخطوة الى تحقيق جملة من المصالح الاستراتيجية والاقتصادية.
فبعض هذه الدول ترى في التقارب مع الكيان المحتل بما يمتلكه من قوة عسكرية وسيلة لتعزيز الاستقرار والأمن في مواجهة تهديدات إقليمية مشتركة، مثل النفوذ الإيراني.
أما على المستوى الاقتصادي فقد تشمل فوائده الاقتصادية التعاون في مجالات التكنولوجيا والزراعة والطاقة وغيرها، لكن ما غاب عن هؤلاء الحكام الساعين الى التزود بخيرات الكيان المحتل انهم يجعلون بلدانهم  أسواق مستهلكة للمنتجات الإسرائيلية.
اللافت في هذا التقارب الرسمي بين الحكومات والحكام العرب مع الصهاينة، ارتفاع نسبة المعارضة الشعبية في عدد من هذه الدول لاسيما بعد طوفان الأقصى بعد ان كانت معارضة متحفظة تجاه التطبيع والسلام مع إسرائيل، وقد شاهدنا هذا التغيير من خلال التظاهرات الحاشدة التي قادتها الجماهير ضد السفارات الصهيونية في بلدانهم، لتهب مجددا رياح العداء وإعلان الحرب على الصهاينة بغير ما تشتهيه سفن الحكام العرب.

الخلاصة
ما نشهده من الدعم العربي للوجود الصهيوني يعكس تعقيدات السياسة الإقليمية والدولية، حيث تلعب المصالح الاستراتيجية والاقتصادية دوراً كبيراً في إعادة تشكيل العلاقات.
ومع ذلك، تظل القضية الفلسطينية محوراً حساساً يؤثر على مدى قبول هذه التحولات على المستوى الشعبي.

شاهد أيضاً

إردوغان والأسد إن التقيا “قريباً”.. في بغداد أم أبو ظبي؟

  توفيق شومان تبدو المساعي العربية والإيرانية والروسية في سباق غير معهود لإنتاج تسوية سورية …