🛑 *كم كان ثمنهم بخساً يا معن .. ان فنهم وثقافتهم تحت قدمي هذه !!..

نارام سرجون

يقال ان سبب موت الصوفي الكبير محي الدين بن عربي هو قوله الشهير للناس .. (ان معبودكم هذا تحت قدمي هذه) .. وظن الدهماء والغوغاء أن الرجل يجدف بالدين ويهين الله .. فوثبوا اليه وقتلوه وتبين لهم انه كان يعني (المال) .. وهي نفس الدهماء التي حرضتها المخابرات الاردنية لتتخلص من المفكر العربي ناهض هتر .. وكثيرون من المفكرين الذين تراقبهم الدهماء وتحصي عليهم انفاسهم دفعوا ثمن فكرهم منذ ارسطو وغاليليه وابن رشد .. والحلاج .. وغيرهم .. وكأن الدهماء هي التي تعلم المعلمين وتفكر للمفكرين ..
ولايقتل جهل الدهماء الا شجاعة المفكر والمعلم .. لأن الدهماء والغوغاء لاتخشى الا المفكر الذي يعاملها كما تعامل الكلاب الضالة فيلقمها الحجر تلو الحجر .. والمفكر لايرمي الحجارة على الضالة والضالين من العامة بل يرمي عليهم الكتاب تلو الكتاب .. والمقالة تلو المقالة .. والفكرة تلو الفكرة .. والضوء فوق الضوء .. ويسلط نور عينيه في عيونها التي اعتادت الظلام كعيون أبناء آوى .. ..

المهم .. في الربيع العربي اندفعت مجموعات المثقفين والفنانين تقود الدهماء .. وتقودها الدهماء .. ولانعرف من الذي كان يقود الاخر .. لكننا اكتشفنا ان الفنانين والمثقفين كانوا نوعا فاخرا من الدهماء .. وأنهم بلا فكر وبلا ثقافة ولا عقيدة ولافكرة .. الا ان عملية كشفهم كانت تحتاج اختبارا دقيقا .. وان نضعهم في مخبر خاص .. كما توضع الجرذان في المختبرات كي نختبرها ونقيس تفاعلاتها وهرموناتها وتغيرات سلوكها وفقا للعوامل المحيطة بها .. ولكن كان صعبا ان نقدم تفسيرا لهذه الدهماء الفاخرة التي كانت تحاضر فينا وتتفلسف علينا وتعلمنا نصف ديننا ونصف حياتنا وتعلمنا الكرامة والانتصار للانسان والكبرياء .. وكان بعضهم يرتدي ثياب صلاح الدين الايوبي في مسلسل طويل .. وبعضهم كان عكيدا .. وبعضهم يقدم لنا المرايا والوصايا .. الا ان عقله في السياسة والحياة والاخلاق والوطنية كان مثل عقل رباب التي قال عنها بشار بن برد:

رباب ربة البيت تصب الخل في الزيت
لها عشر دجاجات وديك حسن الصوت ..

كان هناك من يمارس فن التمويه والتخفي تحت قناع الحزن على الشعب السوري والتفجع على محرقته .. وقد كان صعبا أن تغسل كمية الماكياج عن وجوه هؤلاء الممثلين الذين مثلوا أكبر مسرحية وتمثيلية علينا مرتين .. مرة عندما أقنعونا أنهم أساتذة وملهمون ومثقفون وتنويريون .. وتبين أنهم دهماء لهم أسعار ووقت انتهاء صلاحية مثل كل البضائع في السوق .. ومرة عندما مثلوا علينا انهم ثوار ويريدون الحرية وانهم ضحوا بمكانتهم وأموالهم وحياتهم من أجل الشعب السوري .. وتبين لنا أنهم باعوا الشعب السوري .. وباعوا أنفسهم بثمن بخس جدا .. وكان لكل كلمة ينفثونها ضد الجيش السوري والقرار السوري ثمن بالدولار والسولار .. فقد خصصت جوائز لكل عبارة .. ولكل صورة تمجد الثورة السورية .. ولكل نأي بالنفس عن قول الحقيقة ..



وكانت القدرة على التمويه مفيدة لهم .. ومهارة التمثيل تجلت في قدرتهم على اخفاء ثمنهم الرخيص وابرام الصفقة الصامتة التي كان كل واحد منهم يوقعها مع ممولي الثورة السورية .. وطبعا كان المال يأتي من الخليج .. نفس المال الذي كان يوزع على كتائب القتل والذبح .. وكانت الاموال توزع على السلاح والذخائر والمتفجرات .. ومال كثير أيضا لشراء الأصوات والمواقف .. وكما كان لكل عسكري منشق ولكل ضابط منشق تسعيرة فان تسعيرة كل فنان وممثل ومثقف كانت محددة سلفا .. البعض تم شراؤه بشقة سكنية في دبي والبعض تم شراؤه بالمال المباشر والاخرون بعقود عمل ومقابلات واقامات ذهبية .. اي ان مبلغ 137 مليار دولار التي حددها حمد بن جاسم أل جبر ككلفة قطرية للحرب على سورية كان للمثقفين والفنانين نصيب منها .. ولكل حصته من هذه المليارات .. ولكل فنان سعر وثمن محدد سلفا ..

ولكن شاءت الأقدار ان تقدم لنا غزة الاختبار السحري الكاشف لهؤلاء .. كما اي تفاعل كيميائي كاشف للحموضة والقلوية .. فتكشف لنا غزة دناءتهم وتفاهتهم .. وصارت حرب غزة مثل قفص اختبار وضعت فيه جرذان الثقافة العربية .. وجرذان الفن .. لاختبارها .. وكانت مراقبة مستمرة لسلوكها وانفعالاتها وكتاباتها لثمانية أشهر كفيلة أن ندرك أن الاقنعة والماكياجات انما تخفي في الحقيقة وجوه الجرذان القبيحة .. لانخب ولامايحزنون .. لاوجوه فنانين ولا مثقفين .. وان نار غزة قد أذابت الماكياجات التي سالت عن وجوه الجرذان ..

تخيلوا ان كل ذلك النعيق والنعيب والعزاء والبكاء وارتداء القمصان الحمراء لانقاذ حلب في الحرب السورية اختفى وصمت .. لأن الصمت اليوم سلاح امريكي وسلاح اسرائيلي كما كان الصراخ والعويل سلاحا أمريكيا ضد الشعب السوري وجيشه .. وصمتهم اليوم جزء من عقد البيع الذي وقعوه .. فلايجرؤون على اغضاب المعلم والمالك لهم في الخليج لأنه لايريد احدا أن تثور ثائرته على محرقة غزة فهي لاتعنيه …

أوبعد كل هذا القتل والمحرقة في غزة التي وصل رذاذ الدم فيها الى أستار الكعبه .. لاينطق ممثل ومنافق كان يدعي انه سخر نفسه لقضية الظلم والقهر والحرية في سورية؟؟ .. سكتت الاصوات وأغفت البوستات .. وتبخرت الدموع والعبارات .. وخلت القواميس من اي كلمة .. فحتى القواميس نفذت كلماتها لأنها استخدمت في الحرب على سورية .. وصار الفن العربي مثل فن تشارلي تشابلن من غير صوت .. وللأسف من غير صورة .. فنا صامتا وصورة سوداء .. وصمت القبور .. والمقابر ..

المهم أنني وجدت مقابلة مع الفنان السوري معن عبد الحق والتي توجه احتقارا علنيا لكل هؤلاء .. تستحق أن أقول انها تليق بهؤلاء ذوي الأقنعة والماكياجات والاحتياجات الخاصة برضاعة المال .. وتقول لهم بلا مجاملة انهم جرذان .. وتقول لهم اياكم أن تظنوا أنكم تتجولون اليوم بيننا بأقنعتكم .. فالنار في غزة أذابت الأقنعة .. وانتم تمشون في الطرقات وتتصرفون وكأنكم لاتزالون تضحكون على الناس بالأقنعة .. مثل رجل أصلع يرتدي باروكه ويتصرف وكأن له غرة كثيفة .. وانه يزعم أنه أخفى صلعته .. ولكن آن أن يقول له أحدهم بطريقة معن عبد الحق: ياهذا وياهذه .. ان الريح والعاصفة قد أخذت منك الباروكة .. ورمتها بعيدا ..

يامعن .. هؤلاء كان ثمنهم بخسا جدا .. وفي كل يوم تنخفض فيه اسعارهم .. وبخفوت أصواتهم أكثر اليوم يظنون أنهم يحافظون على أثمانهم البخسة .. ولكن لن يطول انتظارك وستجدهم يباعون على الارصفة قريبا .. فصلاحية صمتهم اقتربت .. ولن يفيدهم صمتهم او كلامهم بعد اليوم .. وسيعرفون ان الجحور تليق بهم وليست الابراج ..
يامعن .. قل لهم باختصار باسم كل المظلومين والمقهورين والفقراء والضحايا والمخدوعين بهم: ان فنكم وثقافتكم .. تحت قدمي هذه ..

شاهد أيضاً

متحف البوفيسور أسعد رنو ملتقى الطلاب والفنانين

دعت عائلة البروفيسور الفنان أسعد رنو إلى يوم فني ثقافي بعنوان مسيرة الموهبة والإبداع لمناسبة …