نعمت شفيق.. ازدواج في الجنسية والموقف

 

في سياق نص تعريفي بنعمت شفيق، بوصفها عميدة كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، وثقت صحيفة “ليزيكو” الفرنسية في 21 أبريل/نيسان 2022 مفهوم الخبيرة المالية المذكورة لمعنى الحرية في الحرم الجامعي. فقالت شفيق -التي تحمل جنسيتي بريطانيا وأميركا- ما حرفيته: “الشيء الأكثر استثنائية في إدارة أي جامعة، هو أنه يمكن التعبير عن جميع القضايا العالمية، داخل الحرم الجامعي”.

بعد عامين من هذا التصريح انتقلت خلالهما الأكاديمية المرموقة إلى وطنها الثاني بصفة عميدة جامعة كولومبيا، وجهت رسالة إلى شرطة نيويورك قالت فيها: “لم تترك لنا الأحداث التي وقعت بالحرم الجامعي الليلة الماضية أي خيار. وبدعم من مجلس أمناء الجامعة، قررت أن احتلال المبنى والمخيمات والإضرابات المرتبطة بذلك، تشكل خطرا واضحا على الأشخاص والممتلكات”.

بهذه العبارة المناقضة لما قالته شفيق قبل عامين للدورية الفرنسية، شرعت نعمت في الأول من مايو/أيار 2024 بفض اعتصام طلاب الجامعة الأميركية العريقة، الرافضين للعدوان الإسرائيلي على غزة، في واحد من أخطر الأحداث الذي تواجهها الجامعة التي تأسست عام 1754 في عهد الحكم البريطاني لأميركا، وتعد واحدة من أقدم 10 جامعات في البلاد.

طلبة جامعة كولومبيا يحتجون في يناير/كانون الثاني الماضي على سياسات العميدة شفيق ورئيسة كلية برنار لورا روزنبوري داخل الحرم الجامعي (شترستوك)

بدأ الحراك الطلابي عقب قرار إدارة الجامعة في العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2023 تعليق نشاط منظمتين طلابيتين تناديان بوقف إطلاق النار في غزة، هما طلاب من أجل العدالة في فلسطين” و”الصوت اليهودي من أجل السلام” خلال فصل الخريف بأكمله، واتهمت الإدارة المنظمتين بانتهاك قواعد الجامعة بتنظيم ما وصفه جيرالد روزبرج نائب رئيسها بـ”تنظيم أحداث في الحرم الجامعي، ما أدى إلى حدث غير مصرح به على رغم التحذيرات، وأفضى إلى خطابات تهديد وترهيب”، ومنذ ذلك الحين تصاعدت الاتهامات من خارج الجامعة وداخلها للطلاب الرافضين لحرب الإبادة الإسرائيلية ضد  سكان غزة بمعاداة السامية، وهو اتهام غذته جماعات الضغط الموالية لإسرائيل، وحاولت دمغ سائر الطلاب المشاركين في الاحتجاجات في الكثير من الجامعات الأميركية به.

وسبق تعليق عمل المنظمتين الطلابيتين بأيام إعلان شفيق -المعروفة باسم مينوش- أنها تعتزم تأسيس فريق عمل لمكافحة ما سمّتها معاداة السامية في الجامعة. وزعمت أن هذه الخطوة محاولة منها لمعالجة “الأسباب الجذرية” للكراهية في الحرم الجامعي، بحسب صحيفة الجامعة، مشيرة إلى أنها ستتخذ بعض الخطوات لتقييد مكان وزمان تنظيم المظاهرات الطلابية.

وكانت شفيق قد حاولت تجنب سهام نقد مؤيدي إسرائيل بشهادة أمام لجنة التعليم في مجلس النواب الأميركي حول الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأميركية في 17 أبريل/نيسان الماضي حيث قالت إن الجامعة تعمل على “محاولة التوفيق بين حقوق حرية التعبير لأولئك الذين يريدون الاحتجاج وحقوق الطلاب اليهود في أن يكونوا في بيئة خالية من المضايقات أو التمييز، وهذا كان التحدي الرئيسي في الحرم الجامعي لدينا، والعديد من الجامعات الأخرى، في الأشهر الأخيرة”.

الطلبة المحتجون داخل حرم جامعة كولومبيا قبل أيام من فض الاعتصام (وكالة الأناضول)

مسعد وعبده

وقالت إنها تعتقد أن الجامعة قادرة على “مواجهة معاداة السامية وتوفير بيئة حرم جامعي آمنة لمجتمعنا مع دعم الاستكشاف الأكاديمي الديني والحرية في الوقت نفسه”. وهاجمت خلال جلسة الاستماع البروفيسور المعادي للصهيونية بالجامعة جوزيف مسعد، قائلة إنه إذا كان الأمر متروكا لها، فلم يكن ليحصل مسعد على الترقية لدرجة الأستاذية، التي لا يمكن معها فصل الأستاذ بسبب آرائه ومعتقداته. وفقا لنص كلماتها: “أي عضو هيئة تدريس في كولومبيا يتصرف بطريقة معادية للسامية أو تمييزية يجب أن يجد مكانا آخر يذهب إليه”.

وقالت أيضا -حسب تقرير نشرته نيويورك تايمز- إن 15 طالبا عُلّقت دراستهم، بينما وُضع 6 تحت  المراقبة التأديبية، وإن الباحث الزائر محمد عبده، الذي عبّر عن مواقف تأييد لـ “حماس” و”حزب الله” و”الجهاد الإسلامي”، “لن يعمل مرة أخرى في كولومبيا”، مضيفة أن عددا من أفراد الطاقم التدريسي يتم التحقيق معهم.

Columbia University President Nemat
شفيق تدلي بشهادتها أمام لجنة الاستماع في الكونغرس في 17 أبريل/نيسان (رويترز)

مقال استباقي

واستبقت شفيق جلسة الاستماع بمقال للرأي في صحيفة “وول ستريت جورنال”، التي يوصف فريق تحريرها بأنه منحاز لليمين الجمهوري، ظنا منها أن ذلك قد يخفف من حدة أسئلة الأعضاء المحافظين باللجنة، وقالت شفيق في مقالها: “كان يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) مثل 11 سبتمبر (أيلول) 2001 الذي غيّر العالم. لم يتوقع أحد منا الهجوم الإرهابي المروع لحماس في إسرائيل، ولا تأثير تلك الأحداث عبر جامعات مثل كولومبيا والمجتمع الأميركي بأسره. إن اللجنة التي سأشهد أمامها غدا هي في حد ذاتها هيئة متنوعة، تمثل طيفا واسعا من وجهات النظر التي تجعل أميركا فريدة من نوعها في تسامحها مع النقاش الصارم وفخرها به. وهذا يجعلها لا تختلف عن الجامعة”.

شفيق خلال جلسة الاستماع أمام لجنة التعليم والقوى العاملة في الكونغرس بشأن ما اعتبر تصاعدا في العداء للسامية في حرم جامعة كولومبيا (أسوشيتد برس)

ولم تؤت مناورة شفيق الاستباقية ثمارها. فقد ضغطت النائبة الجمهورية ليز ستيفانيك عليها خلال جلسة الاستماع، بشأن ما إذا كانت تعتبر هتافات المحرضين المناهضين لإسرائيل في الواقع معادية لليهود، فردت بالقول: “معادية لليهود تماما”، وهو تعديل وتغيير في كلمتها التي ألقتها أمام اللجنة ولم تأت فيها على ذكر معاداة اليهود أو السامية، ورغم ذلك فقد دعت ستيفانيك التي تعد ثالث أهم عضو جمهوري بمجلس النواب إلى إقالة شفيق من منصبها ومعها مجلس إدارة الجامعة في بيان أصدرته بعد انتهاء جلسة الاستماع مباشرة.

وقالت ستيفانيك في البيان: “بينما أمضت قيادة جامعة كولومبيا الفاشلة مئات الساعات في التحضير لجلسة استماع الكونغرس هذه، من الواضح أنها كانت محاولة للتغطية على فشلها الذريع في فرض قواعد الحرم الجامعي الخاصة بها وحماية الطلاب اليهود في الحرم الجامعي”.

ترامب: شفيق سمحت بالانزلاق نحو الفوضى (أسوشيتد برس)

وأضافت أنه خلال الأشهر القليلة الماضية والـ24 ساعة الماضية خاصة، فقدت قيادة جامعة كولومبيا بوضوح السيطرة على حرمها الجامعي، وهو ما يعرض سلامة الطلاب اليهود للخطر.

ترامب يتدخل

وانتقد الرئيس الأميركي السابق رونالد ترامب، في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” شفيق في نفس يوم اقتحام الجامعة، قائلا إنها “يجب أن تخجل من نفسها لأنها سمحت للجامعة بالانزلاق نحو الفوضى”.

أما مايكل أورين، سفير إسرائيل السابق في الولايات المتحدة، وعضو الكنيست وكبير مستشاري رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو خريج جامعة كولومبيا فقد قال ردا على مقال شفيق في وول ستريت جورنال، “إن سياسات جامعة كولومبيا اللينة لم تمنع معاداة السامية من الازدهار في الحرم الجامعي”.

وأضاف أورين أن شفيق حاولت “تجنب أخطاء نظرائها في جامعات هارفارد وبنسلفانيا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذين قللوا في ديسمبر (كانون الأول) من محنة اليهود في الحرم الجامعي، وأكدت أن الدعوات للإبادة الجماعية لليهود معادية للسامية، وتعهدت بمعاقبة أولئك الذين يستخدمون لغة عنيفة”.

وعقب اقتحام الشرطة لجامعة كولومبيا وجه ناشطون عبارات شكر لشفيق لأنها أخذت قرار الاستعانة بالشرطة، معتبرين أن هذا الإجراء أوقد شرارة انتفاضة الطلبة في أميركا، وسلط الضوء على القضية الفلسطينية بشكل أكبر، وأشاروا إلى أن أكثر شيء يكرهه الطلبة و”الأحرار” في الولايات المتحدة هو التعامل معهم بعنف وقمع حريتهم في التعبير عن آرائهم.

اعتبر الطلبة استدعاء شفيق للشرطة شرارة انتفاضة الجامعات الأميركية (وكالة الأناضول)

وسخر مدونون أيضا من استدعاء شفيق الشرطة ودخولها حرم الجامعة بالقول: “ماذا بينها وبين ربها كي تكون هي أيقونة الجامعات في أميركا وتقدم خدمة كبيرة للقضية الفلسطينية التي أرادت أن تقمع الأصوات الداعمة لها؟”.

استفتاء رادع

وقبل اقتحام الشرطة للجامعة بنحو أسبوع أقرت الهيئة الطلابية في جامعة كولومبيا بأغلبية ساحقة استفتاءً يطالب الجامعة بسحب استثماراتها من إسرائيل، وإلغاء افتتاح مركز تل أبيب العالمي، وإنهاء برنامج الشهادات المزدوجة بجامعة تل أبيب.

وبعد واقعة الاقتحام سعت شفيق لتخفيف الصدمة المصاحبة لذلك فأعلنت أن جميع الفصول الدراسية ستعقد عبر الإنترنت، وقالت في بيان: “لنزع فتيل الضغينة ومنحنا جميعا فرصة للتفكير في الخطوات التالية، أعلن أن جميع الفصول الدراسية ستُعقد افتراضيا.. يجب على أعضاء هيئة التدريس والموظفين الذين يمكنهم العمل عن بعد أن يفعلوا ذلك”.

وبدأ توجه شفيق الداعم لإسرائيل وعدوانها على غزة  في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي؛ أي بعد يومين من بدء عملية طوفان الأقصى، فقد أصدرت بيانا قالت فيه إنّ الهجوم على “إسرائيل قد دمّرها”.

موقف شفيق الإيجابي من إسرائيل ظهر بعد يوم من عملية طوفان الأقصى (غيتي)

حصلت شفيق على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والسياسة من جامعة “ماساتشوستس – أمهرست” عام 1983، ثم نالت الماجستير في الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية بالعاصمة البريطانية عام 1986، فالدكتوراه من جامعة أوكسفورد عام 1989، وبدأت حياتها المهنية في “البنك الدولي”، وكانت مسؤولة عن القضايا المتعلقة بأوروبا الشرقية في البنك بعد سقوط “جدار برلين” عام 1989. ومع بداية الألفية، شغلت مناصب أكاديمية في كلية وارتون للأعمال بجامعة بنسلفانيا، وفي قسم الاقتصاد بجامعة جورجتاون، قبل تعيينها عام 2008، أمينة عامة دائمة في وزارة التنمية الدولية ببريطانيا، حيث قادت عملية إصلاح شاملة لبرنامج المساعدات الخارجية البريطانية.

نيابتان

وفي سن الـ36 أصبحت شفيق أصغر نائب لرئيس البنك الدولي، كما شغلت منصب نائب مدير صندوق النقد الدولي، وأشرفت على عمل الصندوق في عدة دول أوروبية إبان أزمة الديون في منطقة اليورو في عامي 2009 و2010، وأدارت أيضا برامج صندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط، خلال فترة احتجاجات ما يعرف بـ”الربيع العربي”.

وشغلت شفيق كذلك منصب نائب محافظ بنك إنجلترا مدة 3 سنوات، وتزامن ذلك مع تصويت بريطانيا عام 2016 لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي. وبعدها، عام 2017، عادت شفيق إلى الأوساط الأكاديمية بصفتها رئيسة لكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. وإبان ذروة جائحة “كوفيد-19″، ألفت كتاب “ما يدين به كل منا للآخر… عقد اجتماعي جديد”، وفيه قالت إن “الناس لن يدعموا نظاما عالميا أكثر تعاونا إلا إذا كان العقد الاجتماعي الوطني عادلا”.

epa03427272 Nemat Shafik, IMF of Deputy Managing Director, speaks at a seminar on 'Restoring Public Debt Sustainability in a High-Risk Environment' during the International Monetary Fund (IMF) and the World Bank Annual Meetings in Tokyo, Japan, 10 October 2012. EPA/FRANCK ROBICHON
شفيق خلال عملها نائبة لرئيس البنك الدولي عام 2012 (الأوروبية)

 

وبعد 6 سنوات مع كلية لندن للاقتصاد، تحديدا في يناير/كانون الثاني عام 2023، اختيرت شفيق لرئاسة جامعة كولمبيا بنيويورك، لتصبح أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخها.

ومُنحت نعمت شفيق لقب “بارونة” وعيّنت في مجلس اللوردات البريطاني، كما كرمتها الملكة إليزابيث الثانية الراحلة في عام 2015. وهي أيضا زميلة فخرية في الأكاديمية البريطانية، وكلية سانت أنتوني بجامعة أوكسفورد، وزميل أكاديمية العلوم الاجتماعية.

ومنحت شهادات دكتوراه فخرية من جامعات ووريك وريدينغ وغلاسغو في بريطانيا، وأيضا دكتوراه فخرية من الجامعة الأميركية في بيروت، واختيرت “امرأة العام” في “جوائز القيادة العالمية والتنوع العالمي” عام 2009، وصنفتها مجلة “فوربز” ضمن “أقوى 100 امرأة” عام 2015، وضمن “100 امرأة رائدة في الصناعة المالية الأوروبية” عام 2018، كما كانت ضمن قائمة “100 امرأة أفريقية الأكثر تأثيرا” عام 2021.

شرق وغرب

ويرى زملاء شفيق وأصدقاؤها أنها “تجمع بين قوة الشكيمة، وحدة الذكاء والشجاعة والقدرة على التأثير على صناع السياسات”. ويعدّونها خبيرة اقتصادية استثنائية تنوّعت حياتها المهنية ما بين صنع السياسات الوطنية، وإدارة المؤسسات المالية الدولية، والبنوك المركزية، إلى جانب العمل الأكاديمي، وإدارة مؤسسات تعليمية. ووصفتها كريستين لاغارد، المديرة السابقة لصندوق النقد الدولي، بأنها “مزيج دقيق من الشرق والغرب؛ فهي مصرية مثلما هي أوروبية بريطانية ومثلما هي أميركية. وهي تدعم الآخرين، وخاصة النساء، عندما يستحقون الدعم، كما أنها لا تصبر على تصرفات الحمقى، ولكنها ستمنح فرصة للجميع”.

اعتقالات لطلبة محتجين في جامعة تكساس وسط استنكار لرابطة أساتذة الجامعات للاستعانة بشرطة نيويورك (رويترز)

لكن أزمة الاحتجاجات الطلابية كشفت عن وجه آخر لشفيق، ينم عن انتهازية براغماتية حيث أصبح همها تجنب مصير رئيستي جامعتي هارفارد وبنسلفانيا اللتين أجبرتا على الاستقالة، بعد مثولهما أمام لجنة في الكونغرس تحقق حول معاداة السامية في الحرم الجامعي، إلى جانب ضغوط جماعات الضغط الموالية لإسرائيل وأنصارها المتنفذين في الولايات المتحدة.

وذكرت شبكة “إن بي سي نيوز” الإخبارية، أن الرابطة الأميركية لأساتذة الجامعات، وأكاديميي جامعة كولومبيا أدانوا في بيان لهم “بشكل لا لبس فيه قرار شفيق استدعاء شرطة نيويورك لإخلاء قاعة هاملتون وفض المخيمات”.

وأوضح البيان الذي صدر في الثالث من مايو/أيار الجاري أن استدعاء الشرطة جرى “دون استشارة مجلس شيوخ الجامعة، في انتهاك للإجراءات المعمول بها، واللجوء إلى ما يسمى سلطات الطوارئ”. وأشار الأكاديميون إلى أن رئيسة الجامعة استدعت الشرطة وسط جهود كانت تبذلها كليات الجامعة وأعضاء هيئة التدريس “لتهدئة الوضع”. وقالوا إن “أعضاء هيئة التدريس والموظفين والطلاب مُنعوا من الخروج من الحرم الجامعي قبل مداهمة الشرطة”، وفق البيان.

وأضافوا أن “التصويت بحجب الثقة عن الرئيسة وإدارتها هو السبيل الوحيد لبدء إعادة بناء مجتمعنا الممزق وإعادة ترسيخ القيم الأساسية للجامعة المتمثلة في حرية التعبير، والحق في التجمع السلمي، والحكم المشترك”. وانتقدت “الرابطة الأميركية للكتاب” (PEN America)، وسيرين جونز رئيسة مدرسة الاتحاد اللاهوتية، وأساتذة في جامعة كولومبيا ومجلس طلابها؛ استدعاءَ شفيق للشرطة لفض الاعتصام الطلابي.

مصطفى الفقي / رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشعب المصري / حوار مفتوح - إنقسام النخب والجماعات العربية - 9/1/2010مصطفى الفقي: شكيب ارتكبت خطأين (الجزيرة)

انتقادات مصرية

وفي مصر التي تحمل شفيق جنسيتها بالإضافة إلى الجنسيتين الأميركية والبريطانية، تعرضت شفيق لانتقادات شديدة من إعلاميين وكتاب ورواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن كانت في الماضي توصف بأنها مصدر فخر للبلاد التي ترددت عليها وحضرت مؤتمرات فيها في فترات سابقة، ورسمت لها وسائل الإعلام صورة نموذج النجاح الذي يحتذى. ويشار إلى أن نعمت هي ابنة الدكتور طلعت شفيق حنطور؛ أستاذ كيمياء المبيدات بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، والذي عمل لسنين بهيئتي الغذاء والدواء وحماية البيئة الأميركيتين.

وانتقد الدبلوماسي المصري المخضرم الدكتور مصطفى الفقي شفيق قائلا إنها ارتكبت خطأين، الأول أنها استدعت الأمن للجامعة، والثاني أنها أكدت أن الطلاب المحتجين رفعوا شعارات معادية للسامية وهذا غير دقيق.

من جانبها كشفت الإعلامية المعروفة لميس الحديدي عن واقعة تخص شفيق قائلة: “أغرب شيء.. أحد أصدقائي أحالني إلى السيرة الذاتية الخاصة بها على موقع جامعة كولومبيا، والتي ذكر فيها أنها هربت من مصر هي وأسرتها بينما كانت تبلغ من العمر 4 سنوات نتيجة ما سمته التوترات والانقلابات، صحيح الستينيات حصل فيها تأميم، قد تكون أسرتها تعرضت للتأميم، لكنها لم تهرب من مصر..  هي خرجت”.

مصطفى البرغوثي .. فوز نتنياهو أو غانتس سيعجل من ضم الضفة وفرض نظام أبارتهايد على الفلسطينيين copy.jpg
مصطفى البرغوثي: شفيق نسيت عروبتها (الجزيرة)

وهاجم الدكتور مصطفى البرغوثي، رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية، في اتصال مع الحديدي، بشدة سلوك شفيق التي تتحدث العربية بطلاقة معتبرا أنها “نسيت مع الأسف مصريتها ‏وعروبتها”، في ظل عملها “بخدمة المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة منذ زمن بعيد”.‏

اتهامات جديدة

وفي خضم الهجوم على شفيق من كل الاتجاهات قال موقع نيويورك بوست إن أستاذ الاقتصاد في جامعة ييل الأميركية أحمد مشفق مبارك اتهمها بـ”السرقة الفكرية” قبل نحو 30 عاما، وأوضح الموقع أن  مبارك نشر عبر حسابه على منصة إكس سلسلة تغريدات قال فيها إن شفيق شاركت في كتابة ورقة بحثية عام 1992 مع باحث آخر لصالح البنك الدولي، الذي كانت نعمت وقتها تشغل منصب نائب رئيسه، ونقل موقع نيويورك بوست عن مبارك قوله إن شفيق أعادت نشر الورقة عام 1994 في دورية تابعة لجامعة أوكسفورد، ولكن حُذف اسم الباحث الآخر، وأوضح مبارك للموقع أن الورقتين متشابهتان تقريبا، مضيفا أنه ربما أعيدت كتابة الورقة الثانية، ولكنها تشبه الورقة الأولى جدا، وأضاف أنه تواصل مع الباحث الآخر، الذي قال إنه يعتقد أنه كان يجب وضع اسمه مؤلفا مشاركا عند نشر الورقة الثانية. ورد متحدث باس جامعة كولومبيا على ما ذكره مبارك بالقول لموقع نيويورك بوست إن ما يدعيه هو “محاولة عبثية ليس لها مصداقية”.

ولنعمت شفيق طفلان توأمان أنجبتهما من زوجها الثاني العالم والأستاذ الجامعي الأميركي المتخصص في البيولوجيا رافاييل جوفين، بالإضافة إلى 3 أبناء لزوجها.

ترى هل ستعترف لأفراد أسرتها يوما ما بأنها قمعت احتجاجات للتعبير عن الرأي، في بلد يعتبر نفسه قلعة للديمقراطية والحرية، بل ويمارس الوصاية على دول أخرى في هذا الشأن؟

إعداد: علي حافظ

شاهد أيضاً

“ هواوي” وهجومها العكسي على العقوبات الأميركية

نعمت الحمد كانت شركة “هواوي” متفوقة على العالم في مجال تكنولوجيا الجيل الخامس، ما مهّد …