طلب انهاء عمل بعثة الامم المتحدة في العراق قرار يعزّز سيادة العراق

د. جواد الهنداوي 

 

بعثَ دولة  رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني رسالة رسمية إلى الأمين العام للامم المتحدة ، بتاريخ ٢٠٢٤/٥/٨ ، يطلب فيها انهاء أعمال بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق ( يونامي ) ،والتي تشكلّت عام ٢٠٠٣ ،بموجب قرار مجلس الامن المرقم ١٥٠٠ بتاريخ ٢٠٠٣/٨/١٥ .

 

من الناحية القانونية،حسناً فعلَ السيد رئيس مجلس الوزراء بتوجيه رسالة رسمية إلى الأمين العام للامم المتحدة يعبّر  فيها ،بصراحة و بوضوح ،عن ” أملهِ ان يصدر مجلس الامن قراراً يحدد فيه انتهاء ولاية بعثة يونامي وفق طلب حكومة جمهورية العراق المبين آنفاً” .

 

لماذا حسناً فعلَ ؟

لأنَّه لايمكن انهاء عمل البعثة الامميّة والمُشكّلة بموجب قرار مجلس الأمن الاّ بقرار صادر عن مجلس الامن ينصُ بصراحة و بوضوح على انهاء مهام البعثة ،اي قرار يحظى بموافقة كافة الاعضاء الدائمين لمجلس الامن . وسيصدر  القرار بسلاسة دون اعتراض او فيتو من قبل احدى الدول الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن (الولايات المتحدة الأمريكية،روسيا،الصين ،فرنسا، بريطانيا) .

قرار السيد رئيس مجلس الوزراء هو قرار سيادي ، ويعبّر عن ارادة الشعب ، كون السيد رئيس مجلس الوزراء مُنتخبا ،وبشكل غير مباشر من الشعب ،في اطار نظام دستوري،برلماني ،ديمقراطي ، وعليه فأن صياغة ومفردات ومضمون القرار ينبغي ان تتماشى مع الصفة السياديّة للقرار ، تمنينا ،مثلاً ،استخدام مفردة ،” نطالب مجلس الامن باتخاذ قرار …” ،بدلاً من ” آملين ان يصدر مجلس الامن …”.

أغلب الدول تتحفظ في قرارها السيادي ، على ذكر الاسباب الموجبة لاتخاذ القرار ، بأعتبار الاسباب وأمر تقييمها يعود إلى الدولة ،صاحبة السيادة . وهكذا فعلت الصومال مثلاً حين طالب وزير خارجيتها وبتاريخ ٢٠٢٤/٥/٩ ، وبرسالة بعثها إلى الأمين العآم للامم المتحدة ،يطالب فيها انهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى الصومال ( UNSOM) ، و اكتفى بالقول ” ان الحكومة تعتقد ،بعد دراسة شاملة لأولوياتنا الاستراتيجية ، من المناسب الانتقال إلى المرحلة التالية لشراكتنا ” ، وللإشارة كانت مهمة البعثة الاممية في الصومال هي المساعدة في بناء موسسات الدولة ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان ،وعملت لمدة عشرسنوات .

قرار انهاء عمل البعثة يصّبُ في حماية و تعزيز سيادة العراق ، لاسيما وقد انتفت الحاجة لخدمات البعثة ، و اصبح العراق مقتدراً سياسياً وامنياً واقتصادياً ، ومتقدماً على كثير من الدول في مجال الحريات ،و حقوق الإنسان و التعبير عن الرأي ، والتي تتماشى مع مصالح المواطن وتماسك المجتمع و هيبة ومكانة الدولة و الممارسات الديمقراطية ، وتداول السلطة .

حدًدَ السيد رئيس مجلس الوزراء تاريخ انتهاء عمل البعثة السياسية ،وذلك في ٢٠٢٥/١٢/٣١ ،معتبراً ما تبقى من الوقت ،من الآن وحتى التاريخ المذكور مدّة زمنية كافية لتصريف أعمال البعثة و انجاز ما تّمَ العمل به من ملفات اصلاح وتعاون .

صراحةً القرار ، وحتى قبل تنفيذه ،نقلَ العراق من مرحلة إلى أخرى ؛ من مرحلة الاتكالية ( نسبياً) إلى مرحلة الاتكال والاعتماد على القدرات والإمكانات الوطنية ،دون تدخل ودون وصاية او شبّه وصاية ؛ من مرحلة مراكز نفوذ أممية و دبلوماسية وحزبيّة متعددة و مختلفة ، تخلقُ نوعا من الفوضى وتسويف لمكانة وهيبة وسيادة الدولة إلى مرحلة قيادة وطنية وسياديّة وقرار وطني دون تدخل ، ودون انتظار ؛ من مرحلة وبعض الاحزاب والقيادات السياسية تنتظر رأي او مشورة بعثة اليونامي إلى مرحلة ،و املنا فيها ، تماسك وتعاون وتنافس وطني سياسي وحزبي تحت خيمة العراق و لمصلحة العراق .

بكل تأكيد انهاء عمل بعثة اليونامي لا يعني القطيعة والجفاء او عدم التعاون مع الامم المتحدة ومنظماتها العاملة في العراق . العراق بحاجة إلى التعاون مع كافة منظمات الامم المتحدة،تعاون متبادل ولمصلحة الطرفيّن ومن اجل الامن والاستقرار والازدهار .

 

*سفير عراقي سابق. رئيس المركز العربي الأوربي للسياسات

و تعزيز القدرات /بروكسل / ٢٠٢٤/٥/١١

شاهد أيضاً

لبنان بين المِحِن ٠٠ والمحَن !!.

بقلم المهندس عدنان خليفة ٠٠٠ في جمهورية برلمانية أصبح فيها انتخاب الرئيس نوعاً من الترف …