ماذا بعد فشل مفاوضات جدة لوقف حرب الجنرالات في السودان؟ وأين يكمن الخلل؟ وما هي الشروط الثلاثة اللازمة لتحقيق أهدافها

عبدالباري عطوان :

لم تفاجئنا التصريحات التي ادلى بها مصدر دبلوماسي سعودي لوكالة الانباء الفرنسية وقال فيها ان مفاوضات جدة التي شارك فيها ممثلان عن الجنرالين المتصارعين في السودان بإشراف امريكي سعودي لم تحقق أي تقدم على صعيد وقف اطلاق النار، لأن كل طرف يعتقد انه قادر على حسم المعركة لصالحه.

اتفاقات وقف اطلاق النار تنجح عادة اذا توفرت بعض الشروط والوقائع الرئيسية:

أولا: ان تصل الأطراف المتحاربة الى حالة من الإرهاق وتتعاظم خسائرها في ميادين المواجهات.

ثانيا: ان تتوصل الأطراف الخارجية الداعمة لهذا الصراع الى اتفاق فيما بينها لوقف اطلاق النار وتمارس ضغوطا على الجانب الممثل لها في الحرب.

ثالثا: ان يتفوق طرفا على الآخر في ميادين القتال، ويظهر قدرة ميدانية لحسم الحرب لصالحه، ويضطر الطرف المهزوم لرفع الرايات البيضاء تقليصا للخسائر.

الجيش الرسمي السوداني الذي يتزعمه الفريق اول عبد الفتاح البرهان لم ينجح في حسم المعركة رغم امتلاكه طائرات حربية وصواريخ واكثر من 200 الف جندي، بينما استطاع خصمه محمد حمدان حميدتي تحقيق تقدما ملحوظا، وما زالت قواته تسيطر على أجزاء مهمة من العاصمة الخرطوم، ومدن سودانية أخرى.

نقطة ضعف مفاوضات جدة الرئيسية انها اقتصرت على ممثلين، وليس قادة هذه الحرب، أي البرهان وحميدتي، فهؤلاء المتفاوضون بالإنابة لا يملكون الصلاحيات الكافية لاتخاذ قرارات سياسية عسكرية.

الحرب ما زالت في بدايتها، والقوات المتحاربة لم تتعب بعد، ولهذا من المتوقع ان تطول هذه الحرب لشهور الأمر الذي سيفاقم الازمة وما يترتب عليها من ضحايا بشرية متصاعدة، نسبة كبيرة منها من المدنيين، علاوة على مآسي إنسانية وإنهيار اقتصادي كامل، وتعاظم النزوح بالآلاف الى دول الجوار طلبا للأمان.

السودان ضحية مؤامرة أمريكية إسرائيلية ثأرية تريد تفكيكه، والانتقام من دعمه للمقاومة الفلسطينية، وهذا ما يفسر حالة العجز الدولي والإقليمي عن وقف هذه الحرب وفرض عقوبات نافذة للمتورطين فيها.

السؤال المطروح الآن ماذا بعد هذا التعثر في مفاوضات جدة، وهل علينا ان نتوقع جولات جديدة بآليات مختلفة وتمثيل أعلى؟ وضغوط خارجية وداخلية (شعبية) تسرع آمال وقف اطلاق النار، وحقن الدماء.

لسنان متفائلين، ولا نستبعد تصاعدا أوسع في جبهات القتال، فلا يوجد نفط او غاز في السودان، اما مناجم الذهب في الشمال الغربي فجرى نهبها من قبل عصابات حميدتي، وبمساعدة داعميها في الخليج ودول أوروبية.

“راي اليوم”

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …