بسبب ضعف إدارة بايدن: الشرق الأوسط يتغير

موقع ماكور ريشون

بقلم عساف جابور

كان الاتفاق على تجديد العلاقات بين السعودية وإيران، كما هو متوقع، أول المؤشر الأول لمزيد من الروابط بين الدول العربية التي بدت حتى الآن غير منطقية. بعد أكثر من عقد من الانقطاع في العلاقات، وصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، يوم الأربعاء الماضي إلى مدينة جدة السعودية. وتعتبر زيارة الوزير السوري الكبير المرتبط بنظام الأسد، نادرة بالنظر إلى أن السعودية كانت من بين من قادة الكفاح لإنهاء نظام الرئيس السوري.
الزيارة تأتي قبل يومين من مناقشة مجلس التعاون الخليجي احتمال عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، بعد غياب دام 12 عاما. ومن الدول الرائدة المهتمة بإعادة سورية إلى الجامعة العربية، الإمارات العربية المتحدة، التي كانت أيضا من بين مؤيدي المعارضة للنظام في بداية الحرب في سورية. وفي الأشهر الأخيرة، عززت علاقاتها مع الأسد، بل واستضافت في آذار الماضي الرئيس السوري وعقيلته.
في إطار التغييرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، أعلنت البحرين وقطر عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد انقطاع دام سنوات. كذلك، التقارب بين دول الخليج وإيران يحدث بالتزامن مع تشكيل تحالف خطير يضم إيران وروسيا والصين، وهو ما ينبغي أن يُقلق الغرب. يمكن الاعتقاد، أن تجديد علاقات دول الخليج مع الإيرانيين ينبع من خيبة الأمل من الإدارة الأمريكية الديمقراطية لـ بايدن، والبحث عن بدائل إقليمية تحافظ على أمنها ومصالحها الاقتصادية.
من الواضح أن تداعيات ضعف الولايات المتحدة تؤثر أيضا على إسرائيل، التي استفادت من تحسن العلاقات مع الدول العربية في إطار “اتفاقيات إبراهيم”، كجزء من أمل دول الخليج – والمملكة العربية السعودية في المقدمة – لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة. حتى الولايات المتحدة تتابع الخطوات الأخيرة، لكن ربما بعد فوات الأوان.

نتنياهو حاول الإقناع بان إسرائيل ردا بقوة لكن الحقائق أقوى من أي خطاب
بقلم: عمر دوستري- خبير في الشؤون العسكرية والأمنية وباحث في معهد القدس للاستراتيجية والأمن
في الأسبوع الماضي، وجدت إسرائيل نفسها تحت هجوم متعدد الجبهات، نفذته ما يبدو حركة حماس، بتوجيه من إيران، التي يحقق برنامجها النووي العسكري تقدما بشكل تدريجي ومدروس، وتستمد التشجيع من تقاربها مع روسيا والصين ودول الخليج، وترغب في تحويل أنظار العالم، وخاصة الإسرائيليين، إلى ما يحدث داخل حدود اسرائيل.
بما أن إيران ليست مهتمة بالعمل بشكل مباشر ضد دولة إسرائيل – وهي خطوة ستستدعي ردا إسرائيليا ساحقا ضد إيران نفسها – فهي تفعل ذلك بشكل غير مباشر من خلال مبعوثين. هذه هي الاستراتيجية الأمنية الإيرانية التي تواصل تنفيذها منذ عقود، وهكذا تعمل حتى الآن. تستغل إيران شهر رمضان الذي تكون فيه المشاعر والعواطف الدينية أعلى من المعتاد، من أجل تفعيل حماس وعناصر متطرفة أخرى لمهاجمة إسرائيل عسكريا وإحداث أعمال شغب في القدس ومناطق أخرى.
المصلحة الإيرانية بالطبع تتعارض تماما مع المصلحة الإسرائيلية. فاسرائيل ليست مهتمة ب\صرف الأنظار في هذا الوقت وإهدار الموارد والشرعية الدولية على ساحات قتال أخرى. هدف إسرائيل في الوقت الحالي هو التركيز على التهديد الإيراني، بما في ذلك برنامج إيران النووي العسكري، الذي يتقدم يوما بعد يوم وسيُلزم إسرائيل قريبا باتخاذ قرار عسكري دراماتيكي في مواجهة التهديد الإيراني، وهو الأكثر إستراتيجية وأساسية لأمن إسرائيل، فيما تتضاءل أهمية أي ساحة أخرى.
ومع ذلك، حتى لو كان التوجه الاستراتيجي للحكومة الإسرائيلية الحالية، صحيحا، حيث ينبغي على التركيز على إيران وألا تدخل في مغامرات غير ضرورية في هذا الوقت، فإن هذا لا يعني أنها يجب أن تكتفي برد عسكري ضعيف للغاية، كما ردت في غزة ولبنان وسورية، حيث كانت ردود الفعل الإسرائيلية بمثابة نداء لمنع التصعيد بأي ثمن. وبذلك تولد لدى كل من حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي، انطباع بأنهم قادرون على مد الحدود أكثر فأكثر، وفي المقابل ستبدي إسرائيل ضبط النفس، حتى عندما يتعلق الأمر بعدوان بمن مستوى عال نسبا من الشدة.
كان خطاب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بداية الأسبوع ضروريا بالفعل من أجل طمأنة الجمهور الإسرائيلي وتعزيز إحساسه بالأمن والمناعة الوطنية، لكن نتنياهو فشل في الإقناع، بأن إسرائيل ردت بقوة وردعت أعداءها. وكانت الحقائق على الأرض أقوى من أي محاولة بلاغية لتشكيل الواقع.
الحقيقة هي أنه عندما لم ترد إسرائيل على إطلاق الصواريخ من غزة، أطلقت الصواريخ من جنوب لبنان. وعندما ردت إسرائيل بقوة ضعيفة للغاية بعد عدة ساعات، في كل من غزة ولبنان، تم إطلاق الصواريخ أيضا من الأراضي السورية. وكما هو الحال في كل معركة في تاريخ البشرية، يكتشف أعداء إسرائيل ويشمون رائحة الضعف ويعملون وفقا لذلك.
لقد امتنعت إسرائيل عن الرد بشكل حاسم على عمليات إطلاق الصواريخ الأخيرة من قطاع غزة، خلال شهر شباط. يضاف إلى كل ذلك استمرار موجة الإرهاب في الضفة الغربية، مقابل إصرار اسرائيل على تجنب عملية عسكرية مركزة ومحدودة في المدن والمناطق التي تمارس الإرهاب، مثل جنين ونابلس. كل هذا، فيما تواصل إيران محاولة مهاجمة أهداف إسرائيلية ويهودية حول العالم، وكذلك مهاجمة السفن المملوكة لإسرائيل في المياه الدولية.
من أجل الحيلولة مسبقا دون حدوث ما نشهده الآن، والحصول على شرعية إقليمية وعالمية في حال حدوثها، حاولت إسرائيل تعزيز العمليات الدبلوماسية مع دول المنطقة والولايات المتحدة، بما في ذلك عقد قمة سياسية في العقبة وشرم الشيخ. بدلا من استخدام هذه الشرعية والرد بقوة نسبية، تواصل إسرائيل إخفاء ومحاولة احتواء الإرهاب في جميع المجالات.
تحتاج إسرائيل إلى التوقف عن النظر إلى ردودها العسكرية بطريقة ثنائية – أي إما أن ترد بقوة مع إدراك أن الرد سيؤدي إلى عملية عسكرية، أو الرد بقوة ضعيفة للغاية مع العلم أن هذا الرد لن يؤدي إلى تصعيد أوسع. وحتى لو لم تكن إسرائيل مهتمة بتصعيد واسع النطاق في أي ساحة، فلا يزال من الممكن والضروري الرد بقوة أكبر في هذه الساحات – وهو الأمر الذي من شأنه ردع المنظمات الإرهابية في المنطقة بأسرها، وجعل العدو يفكر مرتين قبل أن يدفع إلى تصعيد واسع. كما أن هجوما قويا في إحدى الساحات قد يؤدي إلى ردع في الساحات الأخرى.
هجوم متعدد الجبهات، كما شهدته إسرائيل الأسبوع الماضي، يجب أن ينتهي برد أقوى بكثير. ففي لبنان، كان على إسرائيل القضاء على كبار مسؤولي حماس ونشطائها، إلى جانب إلحاق أضرار جسيمة بأصول حماس في البلاد. فمثل هذه الخطوة كانت ستثني حماس عن الاستمرار في العمل وتردع حزب الله أيضا. ومن المشكوك فيه جدا أن يرد حزب الله على مثل هذا العمل، لأنه ليس موجها ضد التنظيم نفسه. ففي كل من قطاع غزة وسورية، كان على إسرائيل أن تهاجم المزيد من الأهداف عالية الجودة، بما في ذلك المباني الشاهقة في غزة، التابعة لحماس، وضرب أهداف الميليشيات الشيعية في سورية، لو لم يتم القضاء عليها.
من بين هذه الردود، تأتي أعلى فرصة للتصعيد من قطاع غزة. ولكن حتى لو كانت إسرائيل قد دخلت في جولة قتال تستملا ليوم أو يومين، فإن هذا سيكون مفيدا لها بدل إظهار العجز في جميع الساحات المحيطة بها.
كما أثبت التاريخ العسكري في كل مكان وزمان، فإن ردود الفعل الإسرائيلية لن تردع المنظمات الإرهابية في المنطقة فحسب، بل ستشجعها على مواصلة الهجوم. وقد آن الأوان للتفكير الخلاق والمرن والحاد بين قادة الدولة وقوات الأمن، ما سيوفر الأمن لمواطني إسرائيل.
ترجمة: غسان محمد

شاهد أيضاً

الكابل البحري الجديد: هل ارتمى لبنان في حضن إسرائيل؟!

كتبت سلوى بعلبكي في صحيفة النهار تقول: “لبنان  المكشوف أمنيا وماليا ليس دوما ضحية حروب الآخرين …