تحليل معمق وشامل؛ سنة على العملية القيصرية من الخاصرة الاوكرانية..(٧)


رابحون وخاسرون والحرب مستمرة… لمن يعقد النصر؟؟
اي عالم جديد يولد؟

ميخائيل عوض

– ٧ –

 

خاسرون؛
الاتحاد الاوروبي، وشعوب العالم الفقيرة والدول التي بلا حكومات….ماذا عن اسيا وحلف ماركوس؟

الاتحاد الاوروبي بعد انسحاب بريطانيا استند على ركنين فرنسا والمانيا، اما فرنسا فمازومة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وتضربها موجه من الاضرابات والتحركات الاجتماعية الرافضة لإجراءات ماكرون لاسيما رفع سن التقاعد ومحاولات تصفية حقوق المتقاعدين، وتصفية شبكات الامان الاجتماعي، ودور الدولة والقطاع العام وبفعل تراجع نفوذ ودور فرنسا في افريقيا والعرب والمسلمين تتراجع قدراتها على احتواء الازمات عبر التبادلات التجارية او نهب الثروات، وفي واقع ان امريكا قررت؛ انا او لا احد تتقلص قدرات الصناعات العسكرية الفرنسية التي تمثل ركنا في الدولة العميقة والحركة الاقتصادية وقد انتزعت منها امريكا عقود مجزية في صفقة الغواصات الاسترالية والطائرات السويسرية، وليس لفرنسا اسواق سلاح مع تقدير ان صناعاتها تتخلف كثيرا عن السباق بين روسيا الصين وامريكا ومع دخول ايران السوق ومنافس نوعي وبالسعر، والحرب الأوكرانية والزام اوروبا بتمويل اوكرانيا من مخازن سلاحها وذخائرها يسرع بتحويل الجيوش والناتو الى زبون للصناعات العسكرية الامريكية على حساب تدمير قطاع الصناعات العسكرية الاوروبية. والركن الاقوى والمراهن ان يلعب دور القائد والقاطرة للاتحاد المانيا لقوة اقتصادها وقدراتها المالية، الا ان الحرب الاوكرانية وقبلها جائحة كورونا والحرب الاقتصادية وحرب العملات مع الصين، وخضوع النخبة الحاكمة في المانيا للإملاءات الامريكية بدأت تترك اثار مدمرة على قوة المانيا وقدراتها الاقتصادية وتاليا نموذجها الاجتماعية وقوتها المالية.
فقد ابتلت امريكا الاتحاد الاوروبي بضرورة تمويل حلف الناتو واضطرتها لرفع نسبة تمويله من ناتجها الوطني وزيادة الإنفاق العسكري وزادت الاعباء في حرب اوكرانيا والمطالب الامريكية الزمت المانيا بتخصص مئات مليارات اليوروهات للإنفاق العسكري على حساب الانفاق الاجتماعي وتطوير الصناعات.

جاءت العقوبات على روسيا وتدمير خط غاز ستريم٢ المكلف بشراكة روسية ألمانية وكان له ان يحول المانيا الى مركز لتجارة الغاز وتوزيعه مع ارباح مجزية لترفع كلفة الصناعات الالمانية بمعدلات فلكية اضطرتها للبحث عن اسواق افضل وبدأت هجرة جماعية للصناعات الالمانية خاصة الهاي تكنولوجي والادوية، والمكائن الى امريكا واسيا، ما سيفقد المانيا ميزتها وخاصيتها وتاليا قدراتها على تمويل وقيادة الاتحاد الاوروبي المأزوم بالمديونية العالية وبالعجز عن الانفاق الاجتماعي، والمستسلم امام الشروط الامريكية والمنخرط عنوة في حرب العقوبات والحصارات وكلها تنعكس اولا في اوروبا وضد مصالحها وعلى حساب شعوبها.

تكلفت دول الاتحاد خسائر قدرت بثمنمئة مليار يورو بسبب الحرب في اوكرانيا والعقوبات وشراء الغاز الامريكي بخمسة اضعاف سعر الروسي وبانقطاع سلسلة لتوريدات والمواد الخام الروسية والصينية والرقائق. وتضرب الاتحاد ازمة الركود المفرط والتضخم المفرط.
عاد المتابعون والمهتمون يتوقعون للاتحاد الاوروبي احد ثلاث احتمالات؛ المرجح اضطرابات اجتماعية وسياسية تؤدي الى تغير جوهري في البنى السياسية وتزيح النخبة المتامركة والليبرالية ما قد يسهم في اعادة ضبط واحتواء الازمات مع اتخاذ خطوات بالابتعاد عن الهيمنة الأمريكية وامتلاك القرار السيادي، والعودة لتفعيل التبادلات البينية مع روسيا والصين. والاحتمال الثاني؛ تفاقم الازمات والاندفاع الى تفكيك الاتحاد وربما ازمات وطنية في الدول قد تؤدي الى تفكك وحداتها الجغرافية والهوياتية. والاحتمال الثالث؛ ان يبقى على حاله مع تراجع وزنه وحجمه غارقا بالأزمات ومتحول الى الفوضى والدول بلا حكومات على المخطط الامريكي لبلدان العالم الثالث والتي ضربتها الفوضى وماتزال مقيمة وقد تدوم؛ كلبنان والعراق واليمن والسودان وليبيا والصومال.

تحالف ماركوس، واليابان وكوريا الجنوبية والفلبين؛
حيث حلت امريكا وفرضت نخبتها في الحكم والراي العام، وفرضت قيمها ومنهجها واولوية مصالحها، حلت المصائب وفرضت التبعية العمياء والتوريط بالحروب والازمات بالوكالة، فقد اعلنت بريطانيا واستراليا وامريكا تحالف ماركوس كحلف اقتصادي امني عسكري في سياق تحشيد امريكا لحلفائها في مواجهة الصين وروسيا وفرضت على الدول التسليح والانخراط النشط في حرب العقوبات والحصار، دون استئذان ودون الالتفات الى مصالح الدول والشعوب، وسعت الى تضخيم الانفاق العسكري من موازنات واقتصاد الدول، وتبيعها الاسلحة والذخائر لتامين الصناعات والاقتصاد الأمريكي.
ذات ما فعلته مع الاتحاد الاوروبي تفعله مع دول ماركوس، وتبتلي اليابان وكوريا الجنوبية، والفلبين، وعينها على اقتصاداتها واموالها لتمويل الاقتصاد الامريكي وحروب امريكا في الباسيفيك. وايضا لإخضاع الدول وتحويلها الى مجاري تصريف نفايات امريكا وازماتها وتحقيق غايتها ومصالحها.

فرفع كلفة العسكرة في اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا وكندا، سيكبد الدول والشعوب ارقام فلكية تنتزع من موازنات الانفاق الاجتماعي ومن موازنات التطوير الاقتصادي، والمنافسة. وبالتزامها قطع العلاقات الاقتصادية مع الصين وروسيا وحلفائهم سيؤدي الى تعميق ازمات التضخم والركود وارتفاع الاكلاف واكلاف الاسر ما يضع تلك البلدان في واقع ازمات ستوفر ظروف وشروط التوترات الاجتماعية والاقتصادية، وفي سياق ترجيح الا تهزم روسيا، وتاليا ستكون الهزيمة من نصيب الامريكي والاطلسي وحلفائه، ما يعزز ويسرع تكريس وقائع وحقائق النظام المتعدد القطبية وقد تفقد تلك الدول واقتصاداتها التي ترشحها لتكون اقطاب فرصتها وسيكون دورها تعزيز المكانة الامريكية في التعددية القطبية لا غير، وان نجحت امريكا باستدراج حرب مع الصين فلن يكون مستقبل كوريا الجنوبية الا كأوكرانيا. واليابان الا كألمانيا. اما استراليا وكندا، والفلبين والاخريات فلن يكون لها شأن او دور بل تذهب الى الانكفائية او الاضطرابات والتوترات الاجتماعية.

شعوب العالم الفقيرة والدول التي لا حكومات لها؛
تدفع دوما الاثمان الباهظة للحروب وقد ادت حرب اوكرانيا وحروب العقوبات والحصار الى ارتفاعات فلكية بأسعار النقل، والتامين والمنتجات الغذائية وندرتها والعجز عن تامين الحاجات، وترتفع اسعار المشتقات في لبنان وسورية واليمن ومصر والاخريات الى ارقام فلكية مع انهيار العملات الوطنية بحيث اصبحت عبئا على الاسر والاقتصاد بفروعه المختلفة لا لسبب مع استمرار تدفقات النفط والغاز عالميا ومع استمرار الاسعار ذاتها بل بسبب العقوبات وكلف النقل والمضاربات والاحتكارات، وحاجات الدول والحكومات لتمويل موازناتها من الضرائب المباشرة على المحروقات والجمارك .

دول بلا حكومات؛ هذا واقع جديد يطرح الكثير من الاسئلة وعن مسارات الدول ومستقبل الشعوب. فماذا يعني ان تبقى ليبيا عقود بلا حكومة وكذا لبنان وافغانستان واليمن والسودان وسواها من الدول التي ضربتها الفوضى والازمات؟ فهل انتفت الضرورة لجهاز الدولة والحكومة؟ ومن يقود المجتمعات وينظم تناقضاتها ويؤمن تنسيق حاجاتها؟ ولمصلحة من تكريس وقائع الدول بلا حكومات؟؟..
أسئلة لابد من الشروع بالتعامل معها ومع الوقائع والمعطيات الجديدة.

غدا؛ خلاصات واستنتاجات، لمن يكتب النصر ومتى…؟

…/ يتبع

شاهد أيضاً

الكابل البحري الجديد: هل ارتمى لبنان في حضن إسرائيل؟!

كتبت سلوى بعلبكي في صحيفة النهار تقول: “لبنان  المكشوف أمنيا وماليا ليس دوما ضحية حروب الآخرين …