الخارج يرفض انزلاق لبنان إلى الهاوية وأطراف الداخل تخوض معارك جانبية على الرئاسة لتصفية بلد وتصفية نظام

أحمد موسى

كواليس – “هناكَ حيثُ نارُ الوقتِ تلتهمُ ما تبقى من آمالِ الحلِّ السياسي”، كلامٌ للرئيسِ نبيه بري أعادَ أساسَ المشكلِ بينَ الموارنةِ الذين يَغرقونَ ويُغرقونَ الاستحقاقَ في المشكلةِ، كما نَقل عنه في حديث صحفي، أما الحلُّ “فبالتفاهمِ على مرشحٍ، او التنافسُ الجديُ بينَ مرشحَيْنِ أو أكثر”، عندَها تُفتحُ الابوابُ النيابيةُ أمامَ جلسةٍ حقيقيةٍ لانتخابِ رئيسٍ للجمهورية، إذ يبدو أن الملف الرئيسي أو الأمور ذاهبة أكثر تعقيداً عن السابق.

 

الحقيقة المؤكدة والثابتة أن الملف الإنساني يجعلك أكثر تعقيداً، لكن الملف السياسي يبكي كثيرا وتداعياته ستؤدي إلى مآسي إنسانية كتيرة وكبيرة، فما جرى اليوم هو أشبه ب”معارك جانبية” توصل إلى أضرار هامشية، فالمشهد العام الكبير لن يتغير اليوم، الشيء الجديد الذي برز هو ما قاله الرئيس بري وبوضوح “إن مرشحهم هو الوزير السابق سليمان فرنجية”.

أما على مستوى الخارج وهو الأساسي “تبلور موقف وليد جنبلاط حيث منذ فترة وجنبلاط آخذ موقف الاتزان وموقف القلق على الواقع العام والواقع المحلي”، وبالتالي لا يريد أن نصل لمرحلة “صدام” يؤثر على الواقع الأمني، من هنا يبرز قيام جنبلاط بدور كثير كبير بالجبل بالتهدئة وغيره، هنا أتت زيارة تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور إلى المملكة العربية السعودية وإن كان ظاهرها تفقد الجالية اللبنانية الدرزية، إنما بانتظار إجراء اتصالات سواء مع مدير المخابرات السعودية خالد الحميدان أو المسؤول عن الملف اللبناني نزار علولة، لتبيان إذا هناك “تبديل أو تبدل ما بالموقف السعودي”، لكن الواضح أن المشهد العام “لم يتغير”، ولنكن واضحين، ونتحدث من دون كفوف وخصوصاً أننا صدام سياسي كبير يبدو أننا أمام حالة أشبه بل وأقرب إلى “تصفية بلد وتصفية نظام”، وهذا ما يحصل في كل المشهد الموزع وفق مصادر مطلعة على الملف الرئاسي.

هناك ثلاثة أطراف: طرف كان ضد ما يسمى سياسات الحرية وكل تبعاتها الاقتصادية والتي تعبر عنها بالمصارف ورمزيتها هو رياض سلامة، وطرف يتحدث على أن النظام أصبح بحاجة إلى تطوير وتعديل أو تغيير، وهي نفسها المعترضة على “اتفاق الطائف” ويحتاج “لإعادة نظر” ويترأسها من الأساس التيار الوطني الحر وتبعاتها ربطا بالموضوع المالي والنقدي والاقتصادي.

أما الطرف الثالث الذي يعتبر أننا وصلنا إلى واقع يشبه كثيرا حقبة العام 1982 وتبعات الحالة التي سادت حينها منظمة التحرير وبالتالي وضع وواقع لا يمكن الاستمرار، هنا يأخذنا الأمر إلى ما يشبه ال”نقزة” لدى حزب الله وحلفاءه، وبالتالي يأخذنا الواقع عن “تغيير كامل ببنية الدولة وليس فقط بنية النظام”.

باختصار نحن أمام مجموعتين كبار، الأولى يعبر عنها حزب الله وبعض حلفائه من خلال الشعور ب”الهجمة” المنظمة بالمنطقة وفيها الكثير من الخطورة الكبيرة، إن كان من ناحية إسرائيل التي لا تزال “تفتش عن محاولة لضرب إيران وهروب نتنياهو من الواقع الداخلي المأزوم الذي من الممكن أن يفجر إما الساحة الفلسطينية معه أو ينفجر الواقع الإسرائيلي من الداخل وهذا بدا واضحاً مما يجري في المشهد الإسرائيلي الداخلي”.

من هنا فإن زيارة موفد أميركي رفيع على مستوى وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل هذا الأسبوع، في الوقت نفسه سيقوم وفد إسرائيلي رفيع المستوى اليوم إلى واشنطن بهدف معالجة ما يسمى الملف النووي الإيراني.

يجري ذلك على صفيح ساخن في المنطقة والحديث عن تسويات بالجملة، وسط تحركات في الإقليم لا تهدأ، تأتي محاولة العودة العربية خجولة و”شكلية” إلى سوريا، ما يعني ذلك من التوازن أو “إعادة التوازن العربي” مقابل “الواقع الإيراني”، فضلاً إلى الواقع العراقي، ثم يجب أن لا يغيب عنا حاليا محاولة “تطبيع سعودي – يمني والتوافقات التي تحصل بين السعودية والحوثيين بمفاوضات عمان، فثمة في الأمر والتوقيت نجد إلى قرب “بداية اتفاق” يبدو إنه خلال رمضان سيؤدي إلى نتائج وأولى تعبيراته هو مسار عمل ميناء الحديدة ومطار الحديدة سيعودوا إلى العمل ب”غطاء أممي – سعودي”، وأمام هذا الواقع يرى حزب الله بداية “إعادة رسم للمنطقة”، وبالتالي لم يتخلى عن مرشحه ولا عن برنامجه، من هنا يطرح الدعوة إلى “تسوية” تشمل الرئاسة والحكومة معا.

بالمقابل فإن أوساط فريق الدكتور سمير جعجع وفريقه التحالفي “يرفض التسوية” مع حزب الله على اعتبار أن التسويات مع حزب الله سيمدد الأزمة، انطلاقاً من ذلك يرغبون بالبقاء على “الفراغ” أفضل من الحل بتسوية مع حزب الله التي تؤدي إلى إطالة الأزمة وإبقاء المعادلة للخارج، ما يعني إبعاد العرب والخليج، وفق مقربين من جعجع وحلفاءها.

أما الغرب فهو في مكان وحالة أخرى، وبالتالي فلنصل إلى مكان “ونقلب الطاولة”، لكن قلب الطاولة دونها المشكلة، بغياب مرتكزات داخلية ولا مرتكزات خارجية، فالعالم مشغول بمكان آخر، والسفيرة الأمريكية تتجول بالإيرادات، وزوار السفيرة الفرنسية والكتل النيابية جماعة وفرادة ممن تلتقيهم، واضح “عدم الرغبة في أن يشهدوا على عدم استقرار لبنان”، على عكس تلك المجموعة ومشكلتها في الرغبة بالذهاب إلى “الإنهيار”، ضنا منها “إنتاج شيء جديد في لبنان” يأخذنا إلى أبعد من “اللامركزية”.

أما الأبعد من المركزية فالنائب جبران باسيل يتحدث عن “المركزية المالية وأكثر بل ويهدد بأكثر، سامي جميل يتحدث عن الطلاق أيضا نديم جميل وهناك مجموعات اخرى تتحدث عن “الفيدرالية”، منها الاتحاديون الذين يتحدثون عن مشروع متكامل وهناك مجموعة لبنانية مرتبطة بمجموعات أخرى بواشنطن تتحدث عن منطقة حرة، يعني المنطقة الموجودة خارج نطاق منطقة النفوذ الشيعي، وآخرون يتحدثون عن تقسيم نهائي، إذا تلك الطروحات غير واضحة بغياب الحل، نحنا اتكاليين.

ونحن أمام هذا الواقع اللبنانيين عليهم أن يتعايشوا إما مع فوضى بيسموها بعدين “فوضى خلاقة”، فتسوية رئيس من دون تسوية ليس له أي أمل بالنجاح، لأن المشكلة بالأساس “سياسي”، فرئيس من دون تسوية أو حل أو برنامج ستبقي البلاد في مشكلة، والخشية بهكذا واقع يشبه المثل القائل: راح الكتير وبقي القليل، وما نخشاه أن يكون راح القليل وباقي الكتير!؟.

شاهد أيضاً

بردونيات

عبدالله_البردوني عجز الكلامُ عن الكلام والنور أطفأه الظلام والأمن أصبح خائفاً والنوم يرفض أن ينام …